«العيد دخل علينا.. والحال نايم.. ومش عارفين نعمل إيه».. عبارة صرخ بها تاجر ملابس فى وجهى بمجرد علمه أننى من الصحافة واهما أن يكون فى يدى حلا لمشكلته وزملائه الذين يعانون من نار غلاء الأسعار من ناحية وركود فى حركة البيع والشراء من ناحية ثانية. يستطرد البائع الذى لم يعط لى مجالا لسؤاله فى حديثه مسترسلا «إحنا تعبنا من ضيق الحال وكل يوم بنقول يارب يكون أحسن من اللى فات، بس للأسف بيجى أصعب، العيد قرب والمفروض إننا فى موسم شغل ورغم ذلك لافيه بيع ولا شراء يتوقف البائع عن حديثه لبرهة قائلا: «معلش معرفتكيش بنفسى، بس الواحد مخنوق وبيتعلق فى قشه، أنا اسمى ناجى الصعيدى من سوهاج، جيت القاهرة من 10 سنين، عشان الرزق، بس الدنيا مش راضية تضحك لى، وبعد ما خلصنا من الثورات والقلق اللى كان فى البلد، صحينا على مصيبة قطع الكهرباء لساعات ومعظم الناس بتخاف تخرج بالليل تتسوق وتشترى بضاعة وبالنهار الدنيا صيام ومحدش بيبقى قادر يلف ويدور على الحاجة اللى عايزها». ويتطرق الصعيدى إلى مشكلة ارتفاع أسعار الوقود مؤكدا أنها زادت من ارتفاع اسعار البضائع والمواصلات وجعلت كل الأشياء ناراً قائلا: «كنت بدى لمراتى كل يوم 20 جنيه عشان الأكل ومستلزمات البيت دلوقتى عايزة 50، طيب أجيب لها منين وأنا مكسبى ودخلى بيقل مش بيزيد». الموت بالنسبة له كابوس يطارده فى صحوه ومنامه، فهو مجرد عامل على عربه ملابس تابعة لتاجر ملابس كبير فى شبرا وبيتعامل باليومية، وبنسبة مكسبه من البيع والشراء، كما أن لديه 3 أطفال صغار 7 و5 و3 سنين ويعيش بهم فى شقة من حجرة وصالة بأحد أحياء شبرا الفقيرة، قائلا: «خايف أموت فجأة وأنا معملتش لولادى حاجة، نفسى الدولة توفر لنا شغل أو تأمن علينا، لو مت ولادى هيتمرمطوا فى الشوارع ومش بعيد يشحتوا وفى نفس الوقت أنا مبعرفش غير شغلتى دى». ويستطرد قائلا: «أنا بخاف من الحرام وبكرهه.. ومبحبش غير القرش الحلال الى بيجى من عرق الجبين بيكون فيه بركه وبناكل وبنشبع، إنما الحرام ربنا يكفينى أنا وولادى شره. البلد بحسب وصف الصعيدى هى سوق كبيرة الغلبة فيها للكبير واللى معاه مال إنما الفقراء مثلهم «بيتولدوا ويموتوا من غير ما حد بيحس بيهم ولا يسأل عنهم» يأخذ التاجر نفسا عميقا ثم يكمل حديثه إحنا اللى بيصبرنا على الغلب اللى بنشوفه هو النفحات الربانية اللى ربنا بينعم علينا بها طوال السنه خصوصا شهر رمضان، لأن العبادة هى الحاجة الوحيدة التى لاتحتاج مننا مال، وبيتساوى فيها الغنى والفقير أمام الله وكل ما بنفتكر أجر صبرنا على الشقا عند الله بنقدر نشتغل تانى يوم ونقف وننادى على بضاعتنا بصوت عالى من غير ما نشعر لابتعب جوع ولا عطش، يختم الصعيدى حديثه متمنيا من الله عز وجل أن يغفر له ذنوبه وأن يكتب لأبنائه ولمصر الستر والأمان.