رفاعة الطهطاوي..علم من علماء مصر ..ولد في 1216ه الموافق 15 أكتوبر 1801م، بمدينة طهطا إحدي مدن محافظة سوهاج بصعيد مصر. حفظ الطهطاوي القرآن الكريم، وبعد وفاة والده رجع إلي موطنه طهطا، ووجد من أخواله اهتمامًا كبيرًا حيث كانت زاخرة بالشيوخ والعلماء فحفظ علي أيديهم المتون التي كانت متداولة في هذا العصر، وقرأ عليهم شيئا من الفقه والنحو. والتحق ابن سوهاج وهو في السادسة عشرة من عمره بالأزهر في عام 1817وشملت دراسته، الحديث والفقه والتفسير والنحو والصرف، وغير ذلك. وفي سنة 1242ه 1826م سافر إلي فرنسا ضمن بعثة عددها أربعون طالبا أرسلها محمد علي، علي متن السفينة الحربية الفرنسية (لاترويت) لدراسة العلوم الحديثة، ودرس اللغة الفرنسية هناك وبدأ بممارسة علم الترجمة، وبعد خمسٍ سنوات حافلة أدي رفاعة امتحان الترجمة، وقدَّم مخطوطة كتابه الذي نال بعد ذلك شهرة واسعة "تخليص الإِبريز في تلخيص باريز". وعاد رفاعة لمصر سنة 1247 ه 1831م مفعمًا بالأمل فاشتغل بالترجمة في مدرسة الطب، ثم عمل علي تطوير مناهج الدراسة في العلوم الطبيعية. مدرسة الألسن افتتح سنة 1251ه 1835م مدرسة الترجمة، التي صارت فيما بعد مدرسة الألسن، وعُين مديرًا لها إلي جانب عمله مدرسًا بها، وفي هذه الفترة تجلي المشروع الثقافي الكبير لرفاعة الطهطاوي ووضع الأساس لحركة النهضة، وعمل علي ترجمة متون الفلسفة والتاريخ الغربي ونصوص العلم الأوروبي المتقدم، كما سعي لجمع الآثار المصرية القديمة ومنعها من التهريب والضياع. وأنشأ أقسامًا متخصصة لترجمة الرياضيات والطبيعيات والإنسانيات، كما أنشأ مدرسة المحاسبة لدراسة الاقتصاد، ومدرسة الإدارة لدراسة العلوم السياسية. كما استصدر قرار تدريس العلوم والمعارف باللغة العربية، وإصدار جريدة "الوقائع المصرية" بالعربية بدلاً من التركية. وواجه رفاعة الطهطاوي الكثير من المشاكل بعد تولي الخديوي عباس حكم مصر، فقد أغلق مدرسة الألسن وأوقف أعمال الترجمة، وقصر توزيع جريدة الوقائع علي كبار رجال الدولة من الأتراك، ونفي رفاعة إلي السودان سنة 1267ه 1850م، لكنه واصل مشروعه في منفاه وترجم هناك مسرحية "تليماك لفنلون"، ثم عاد إلي الوطن بعد موت الخديوي عباس وولاية سعيد باشا. محو الأمية عاد رفاعة إلي مصر، وأنشأ مكاتب محو الأمية لنشر العلم بين الناس وعاود عمله في الترجمة، ودفع مطبعة بولاق لنشر أمهات كتب التراث العربى، وقضي فترة حافلة أخري من العمل الجامع بين الأصالة والمعاصرة حتي انتكس سعيد فأغلق المدارس وفصل رفاعة عن عمله سنة 1278ه 1861م. وفي سنة 1280ه 1863م تولي الخديوي إسماعيل الحكم، وعاد رفاعة للعمل وأصدر أول مجلة ثقافية في تاريخ مصر "روضة المدارس". إحياء التراث سعي رفاعة الطهطاوي إلي إنجاز أول مشروع لإحياء التراث العربي الإسلامي، ونجح في إقناع الحكومة بطبع عدة كتب من عيون التراث العربي علي نفقتها، مثل "تفسير القرآن للفخر الرازي المعروف بمفاتيح الغيب"، و"معاهد التنصيص علي شواهد التلخيص في البلاغة"، و"خزانة الأدب للبغدادي"، و"مقامات الحريري"، وغير ذلك من الكتب التي كانت نادرة الوجود في ذلك الوقت. وتوقف المشروع سنة 1277ه 1861م بعد خروج رفاعة من الخدمة، وألغيت مدرسة أركان الحرب، وظل عاطلاً عن العمل حتي تولي الخديوي إسماعيل الحكم سنة (1279ه - 1863م)، فعاد رفاعة إلي ما كان عليه من عمل ونشاط علي الرغم من تقدمه في السن. أبرز أعماله من أبرز الأعمال التي قام بها رفاعة الطهطاوي في عهد الخديوي إسماعيل نظارته لقلم الترجمة الذي أنشئ سنة (1280ه 1863م) لترجمة القوانين الفرنسية، وتمت ترجمة القانون الفرنسي في عدة مجلدات وطبع في مطبعة بولاق. كما عهد إلي الطهطاوي إصدار مجلة "روضة المدارس" سنة 1287ه 1870م، ونظمها أقسامًا، وجعل علي رأس كل قسم واحدًا من كبار العلماء من أمثال الأديب الكبير عبد الله فكري ، و العالم الرياضي والفلكي إسماعيل الفلكي، والقانوني محمد باشا قدري، والشيخ حسونة النواوي الفقيه الحنفي المعروف، وغيرهم. وكانت المجلة تنشر مقالات تاريخية وجغرافية واجتماعية وصحية وأدبية وقصصًا وأشعارًا، كما كانت تنشر ملخصًا لكثير من الدروس التي كانت تلقي بمدرسة "دار العلوم". مؤلفاته - أنوار توفيق الجليل في أخبار مصر وتوثيق بني إسماعيل - مباهج الألباب المصرية في مناهج الآداب العصرية - المرشد الأمين للبنات والبنين - وفي السيرة النبوية (نِهَايَةُ الإِيجَازِ فِي تَارِيخِ سَاكِنِ الحِجَازِ) - القول السديد في الاجتهاد والتجديد - تعريب القانون المدني الفرنساوي - مغامرات تليماك - قلائد المفاخر - المعادن النافعة وفاته توفي رفاعة الطهطاوي في غرة ربيع الآخر 1290 ه 27 مايو 1873م.