رئيس الوزراء: زيادة الصادرات بنسبة 19% خلال ال 10 أشهر الماضية    المدعية العامة الأمريكية: مطلق النار على الحرس الوطنى يواجه عقوبة السجن 15 عاما    ارتفاع عدد ضحايا حريق المبنى السكنى فى هونج كونج إلى 75 قتيلًا    شوط أول سلبي بين البنك الأهلي وبورفؤاد فى دور ال 32 من كأس مصر    تحقيقات النيابة تكشف تفاصيل اعتداء سائق على سيدة وسرقتها تحت تهديد السلاح    غلق 11 منشأة طبية مخالفة وتحرير 98 محضر مخالفات فى الإسماعيلية    " قفلوا عليها المدرسة ".. سقوط طالبة من الدور الثاني فى الغربية    صناع ولنا فى الخيال حب خلال العرض الخاص.. السعدنى: كلنا مررنا بلحظات الفقد.. صفى الدين محمود: فخور بالتجارب الأولى لصناع العمل.. مايان السيد: كنت فى حالة توهان والفيلم أنقذنى.. وعلا الشافعى: السعدنى شكّل مفاجأة    علا الشافعي: لجنة الدراما بالمجلس الأعلى لم تعقد منذ فترة ولا توجد قرارات ملزمة    دوري أبطال إفريقيا - الأهلي بالزي الأساسي أمام الجيش الملكي    محافظ الأقصر يشهد انطلاق فعاليات أسبوع الخير أولى.. صور    مفتي الجمهورية ومدير مكتبة الإسكندرية يبحثان توسيع التعاون في التوثيق والتراث والبحث العلمي    مبادرة "جميلة يا بلدى" بالغردقة تناقش علاقة أخلاق المسلم بالبيئة والصحة    «فاكسيرا» تضع خارطة طريق لمواجهة فصل الشتاء    رئيس الوزراء: لا وجود لفيروس غامض.. والفيروس الحالي مجرد تطور للأنفلونزا    نتنياهو يعقد اجتماعا أمنيا طارئا لبحث التطورات على الساحة اللبنانية    انخفاض الحرارة غدا.. وأمطار على بعض المناطق والصغرى بالقاهرة 16 درجة    إعلان نتائج بطولة الملاكمة بالدورة الرياضية للجامعات والمعاهد العليا دورة الشهيد الرفاعي "53"    توزيع جوائز الفائزين بمسابقة أجمل صوت فى تلاوة القرآن الكريم بالوادى الجديد    رئيس المجلس الوطني للإعلام بالإمارات يزور عادل إمام.. والزعيم يغيب عن الصورة    عقدة ستالين: ذات ممزقة بين الماضى والحاضر!    الناشرين المصريين يلتقى بأمين مجمع البحوث الإسلامية لنشر المصحف الشريف    مقتل سيدة بطلقات نارية في قنا    سوريا تعلن إطارا تنظيميا جديدا لإعادة تفعيل المراسلات المصرفية    رئيس لجنة مراجعة المصحف بالأزهر: دولة التلاوة ثمرة الكتاتيب في القرى    أحمد عبد القادر يغيب عن الأهلي 3 أسابيع بسبب شد الخلفية    رئيس جامعة بنها : اعتماد 11 برنامجا أكاديميا من هيئة ضمان جودة التعليم    وزير الصحة يزور أكبر مجمع طبي في أوروبا بإسطنبول    الصحة: فحص أكثر من 4.5 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    أسوان تحصد جائزتين بالملتقى الدولى للرعاية الصحية    «إعلام الأزهر» تطلق مؤتمرها الدولي السادس    أوقاف الغربية تنظّم ندوة علمية بالمدارس بعنوان «حُسن الجوار في الإسلام»    منظمات حقوقية: مقتل 374 فلسطينيا منهم 136 بهجمات إسرائيلية منذ وقف إطلاق النار    بعثة منتخب سيدات اليد تغادر إلى هولندا لخوض لبطولة العالم    إصابة شخص في انفجار أنبوبة غاز بقرية ترسا بالفيوم    روسيا تصدر أحكاما بالسجن مدى الحياة بحق 8 أشخاص بشأن الهجوم على جسر رئيسي في القرم    وزير الشباب والرياضة يستقبل سفير دولة قطر لبحث التعاون المشترك    السعودية: 4.8% من سكان المملكة أكبر من 60 عاما    وزير البترول يعقد لقاءً موسعاً مع شركات التعدين الأسترالية    وزير الري يعرض المسودة النهائية لهيكلة روابط مستخدمي المياه    الهلال الأحمر المصري يرسل القافلة ال82 إلى غزة محملة ب260 ألف سلة غذائية و50 ألف بطانية    مرصد الأزهر يحذر من تفاقم الظواهر السلبية داخل المدارس ويدعو إلى تأهيل المعلمين    الليلة: نادى الفيوم يعرض فيلم "فيها ايه يعنى" ضمن مهرجان المحافظة السينمائى    كأس مصر| البنك الأهلي في اختبار حاسم أمام بور فؤاد بحثًا عن عبور آمن لدور ال16    عادل فتحي نائبا.. عمومية المقاولون العرب تنتخب مجلس إدارة جديد برئاسة محسن صلاح    بسبب تعاطيهم الحشيش.. إنهاء خدمة 9 من العاملين أثناء أدائهم للعمل الحكومي    ارتفاع حصيلة الفيضانات وانزلاقات التربة في إندونيسيا إلى 19 قتيلا    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي ب7 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    3 قرارات جديدة لإزالة تعديات على أملاك بنك ناصر الاجتماعى    حقيقة فسخ بيراميدز تعاقده مع رمضان صبحي بسبب المنشطات    جامعة بنها ضمن الأفضل عربيًّا في تصنيف التايمز البريطاني    وزير الانتاج الحربي يتابع سير العمل بشركة حلوان للصناعات غير الحديدية    الأحزاب ترصد مؤشرات الحصر العددى: تقدم لافت للمستقلين ومرشحو المعارضة ينافسون بقوة فى عدة دوائر    جولة إعادة مشتعلة بين كبار المرشحين واحتفالات تجتاح القرى والمراكز    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    موعد أذان وصلاة الفجر اليوم الخميس 27نوفمبر2025.. ودعاء يستحب ترديده بعد ختم الصلاه.    «امرأة بلا أقنعة».. كتاب جديد يكشف أسرار رحلة إلهام شاهين الفنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صالح القلاب يكتب : قطار «التقسيم» سيصل إلى المحطة الإيرانية لا محالة!
نشر في الوفد يوم 26 - 06 - 2014

الخطر الذي يتهدد العراق وسوريا أيضا ليس أن يتمكن تنظيم «داعش»، في ظل انهيار الدولة العراقية الموحدة وتضاؤل مستقبل الدولة السورية الواحدة، من إقامة إمارة له في المناطق الحدودية المتداخلة ذات الأغلبية «السنية» في هذين البلدين، بل الخطر أن تستمر الأمور في الاتجاه الذي تسير فيه الآن والذي بات واضحًا أنه قد ينتهي إلى تثبيت الأمر الواقع الحالي
الذي إذا تحلينا بالشجاعة المطلوبة لقول الحقيقة فإنه يعني «التقسيم» الذي يواصل الوجدان العراقي والسوري والوجدان العربي أيضا رفضه واعتبار أنه كارثة الكوارث ومن المحرمات التي لا يجوز ملامستها أو الاقتراب منها.
إن هذا هو الواقع وإلاَّ ما معنى أن ينسحب جيش نوري المالكي خلال أقل من أسبوعين من كل مناطق السنة العرب وأن يواصل إدارة ظهره لكل الذين يحاولون تدارك الأمور قبل أن يصبح الحفاظ على وحدة العراق من سابع المستحيلات.. ثم وإلاَّ ما معنى أن يتشبث نظام بشار الأسد بالمناطق المتاخمة لما يمكن أن يكون دولة علوية ويواصل تدميره المنهجي للمناطق ذات الأغلبية السنية؟.. ما معنى هذا؟.. ولماذا يحصل هذا الذي يحصل إنْ في العراق وإنْ في سوريا؟!
في تصريحاته الأخيرة التي أدلى بها لفضائية «سي إن إن» الأميركية قال الزعيم الكردي مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان: «إن العراق يعاني من انهيار واضح وإنَّ الحكومة المركزية فقدت سيطرتها على كل شيء.. نحن لم نتسبب في انهيار العراق، بل إن غيرنا هو السبب.. إننا نشهد عراقًا جديدًا يختلف عن العراق الذي كنا نعرفه قبل عشرة أيام، ولذلك فإنه آن الأوان كي يحدد الأكراد هويتهم ورسم مستقبلهم وتحديد مصيرهم وحدهم».
وأشار بارزاني إلى أن موضوع استقلال كردستان بات مطروحًا، وهو قال عندما سُئل عن سيطرة قوات «البيشمركة» على منطقة كركوك الغنية بالنفط: «لم يكن لدينا شك في أي وقت بأنَّ كركوك تعتبر جزءًا من كردستان.. لقد حَاولَت كردستان أن تضمها إليها منذ عشرات الأعوام.. إننا لم نرَ جدية من قبل الحكومة المركزية في وقت هذه الأحداث التي تجري في العراق الآن، ولذلك فقد عاد هذا الموضوع، أي موضوع (إعادة) كركوك لكردستان، للطرح مجددًا».
وحقيقة، ومع أن كركوك ستكون مثلها مثل ديالى وسامراء وبغداد العاصمة نفسها موضوع تصادمٍ ونزاع لا نهاية له في حال حقق الإيرانيون أحد أهدافهم وجرى تثبيت هذا التقسيم الحالي، فإنه يمكن تفهُّم هذا الذي قاله مسعود بارزاني، وذلك لأنه إذا كان العراق قد انتهى إلى هذه النهاية المأساوية، والأسباب هنا كثيرة ومتعددة، أولها التقاسم الطائفي الذي رعاه بول بريمر بعد انهيار النظام العراقي السابق والذي استند إلى معادلة: «المنتصر والمهزوم»، فإنه أمر طبيعي وعادي أنَّ كلاًّ سيحاول «سحْب» الجمر إلى «قُرْصه» وأن يبادر الزعيم الكردي لتبني قضية يعتبرها قضية شعبه ما دام نوري المالكي قد أوصل هذا البلد إلى التقسيم وإلى أن الشطارة تقتضي أنْ يحصل كل صاحب حق على كل ما يعتبره حقه وحق من يمثلهم ويتحدث باسمهم.
ولهذا فإن الذنب ليس ذنب مسعود بارزاني ولا ذنب المجموعة القومية التي يمثلها ما دام العراق قد بات يتشظى ويفقد وحدته الوطنية على هذا النحو، وما دام قد بات في حكم المؤكد أن كل هذا الذي جرى بدءًا بالعاشر من هذا الشهر (يونيو/ حزيران) لم يأتِ عرضًا وأنَّ هناك مؤامرة بدأت باستبعاد السنة العرب استنادًا إلى معادلة المنتصر والمهزوم التي جرى رسمها بعد انهيار نظام صدام حسين في عام 2003 واستكملت بإرسال كل هذه الميليشيات المذهبية التي أرسلت إلى سوريا للقتال إلى جانب بشار الأسد وبدوافع طائفية ضد الأكثرية السورية التي هي أكثرية سنية.. وهنا فإنه من المؤسف أن نتحدث بهذه اللغة البائسة والسقيمة.. لكن ما العمل وهذا هو واقع الحال وهذه هي الحقيقة التي لا يجوز تجنبها بالاختباء وراء الأصابع؟!
لقد قال بول بريمر في مقال نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية قبل أيام: «إنَّ من مصلحة الولايات المتحدة أن يكون العراق مستقرًّا وموحدًا وديمقراطيًّا، لكن المصالح الأميركية الإقليمية تبقى أوسع من هذا، إذ إن البنية السياسية القائمة منذ قرن أصبحت على المحك الآن في المنطقة كلها.. وستكون العواقب هائلة على أصدقائنا وحلفائنا هناك». ثم أشار المندوب السامي الأميركي إلى أن نوري المالكي بادر بعد رحيل القوات الأميركية في عام 2011 ب24 ساعة إلى حملة طائفية ضد السنة وإطلاق عمليةٍ لتخويف الأكراد وبدأ ب«تطهير» الجيش العراقي من الضباط المدربين وغالبًا ما كان يستبدل بهم مناصريه.
ولعل ما هو الأخطر في كل ما كشف بريمر النقاب عنه في هذا المقال هو أن «الأميركيين الذين ضغطوا في الماضي لتقسيم العراق بحذر قد يحصلون في النهاية على ما كانوا يتمنونه لكن الثمن سيكون باهظًا جدًّا، إذ ستستجد حرب إقليمية إلى جانب هذه الحرب الأهلية العراقية.. وسيكون التحرك الأميركي الآن أقل صعوبة من المرحلة اللاحقة».. فماذا يعني هذا؟! إنه يعني أن نوري المالكي بفعْل كل هذا الذي فَعَله قد سعى لاستدراج الولايات المتحدة للتورط مجددًا في المأزق العراقي لتصبح هدفًا مباشرًا للإيرانيين وليكون الخلاص هو بتثبيت التقسيم الحالي الذي من الواضح أن تقسيمًا آخر سيأتي بعده مباشرة، وهو تقسيم سوريا التي يبدو أنها أصبحت جاهزة للتقسيم بعد إنهاء قضية تدمير الكيماوي، وبعد أن قال باراك أوباما، إنه لا ضرورة لتزويد المعارضة السورية (المعتدلة) بالأسلحة لأنها لا تستطيع إلحاق الهزيمة بجيش بشار الأسد.. ألا يعني هذا أنه دعوة للتقسيم وعلى أساس الأمر الواقع القائم؟!
وهنا فإن الواضح أن الإيرانيين الذين يقفون خلف كل ما قام به وما يقوم به نوري المالكي والذين حولوا الصراع في سوريا إلى صراع طائفي ومذهبي مهَّد الطُّرق لتقسيم هذا البلد على أسس طائفية ومذهبية لا يدركون أن الدَّور سيصل إليهم وأن تقسيم العراق وتقسيم سوريا سيتبعه مباشرة الاستدارة نحو الشرق لتقسيم إيران، فهذه سياسة أميركية قديمة معروفة، فالأميركيون هم من أصرَّ على تقسيم كوريا إلى كوريَّتين، شمالية وجنوبية، وهم من كانوا قسموا فيتنام وقسموا البلقان، وهم من كادوا يقسمون لبنان، وهم من قسموا السودان، وهم سيتركون أفغانستان للتقسيم بعد رحيلهم عنه.. وهم من ساهم مساهمة رئيسة في تقسيم الصين.. وكل هذا وفقًا لنظرية سياسية تقول: إن أنجح وسيلة للقضاء على التوتر في الدول المثيرة للمشكلات هي تقسيمها وتحويلها إلى دويلات صغيرة متحاربة ومتقاتلة.
وهكذا فإنه على الإيرانيين، الذين يتحدثون عن أن حدود إمبراطوريتهم قد أصبحت على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، أن يفهموا ويدركوا أن قطار «التقسيم» سيصل في النهاية إلى محطتهم بعد تقسيم العراق وتقسيم سوريا، فهم الأكثر تهديدًا لأمن هذه المنطقة التي تعتبر الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة في العالم بأسره، وهم الأكثر مشاغبة في الشرق الأوسط كله، وهم الخاصرة الأكثر «رخاوة» في هذا الإقليم، فدولتهم الأكثر «فسيفسائية» قومية وإثنية ودينية ومذهبية من بين كل الدول المحاددة والمجاورة بما في ذلك تركيا التي تعاني من أوجاع كثيرة في هذا المجال.
يجب أن يعلم قادة إيران، المعممون وغير المعممين، أن فيلق القدس وحراس الثورة لن ينفعوهم إذا بدأ «فيروس» الانقسام، بتخطيطٍ وإشرافٍ أميركي، بالانتشار في المنطقة بعد كل هذا الذي يجري في العراق وفي سوريا، فالعرب والبلوش والآذاريون واللور والتركمان والأكراد والجيلاك والآشوريون والكلدانيون والأرمن والسنة والبهائيون والمسيحيون والزرادشتيون لن يبقوا مستسلمين للذل الذي بقوا يعيشونه منذ سقوط الدولة القاجارية، وهم سيتحركون بالتأكيد، بل إن تحركهم قد بدأ إنْ في كردستان الإيرانية وإنْ في الأحواز وعربستان وإنْ في بلوشستان.. ولعل الأخطر أن الفرس الذين يشكلون نسبة 51 في المائة من عدد سكان جمهورية إيران الإسلامية الحالية غير متفقين مع هذا النظام الذي أقدامه في هذا الزمن ورأسه في التاريخ البعيد.. إن إيران تشبه الآن برميلا متفجرا مثل البراميل المتفجرة التي تلقيها مروحيات بشار الأسد على المدن والقرى السورية، وإن وصول عود ثقاب إلى هذا البرميل سيقلب هذه الإمبراطورية الوهمية رأسًا على عقب.. وعندها فإن أي مدد لن يأتي لا من «حزب الله» ولا من نوري المالكي ولا من كل هؤلاء الذين يتفنَّنون في قهر السنة العرب إنْ في بلاد الرافدين وإنْ في «القطر العربي السوري».
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.