هل يمكن أن تقع المنطقة في دوامة التحالفات.. والانقسامات، لتصبح ضحية لمخططات دولية وأخري إقليمية.. مع مطامع محلية حباً في السلطة؟ القضية الآن أن المنطقة في أسوأ حالاتها. وربما تتشابه هذه الظروف مع ما عاشته المنطقة في العصور الوسطي. وبالذات في عصر المطامع الأجنبية مع عصر الحروب الصليبية من جهة.. وتعرض المنطقة إلي خطر الغزو المغولي ثم التتاري فعاشت المنطقة عصراً من الانقسامات، حتي وجدنا الدولة الواحدة تنقسم إلي عدة دويلات.. ما بين إمارات صغيرة صليبية في طول الشام وعرضه.. وانقسام المنطقة إلي دويلات محلية لم تتكشف خطر الانقسامات.. فتوالي سقوطها واحدة تلو الأخري.. وهل يعود الزمن بهذه المنطقة إلي الوراء؟ المنطقة الآن تحاول قوي شريرة القفز علي مقدراتها. هناك إيران، دولة الفرس القديمة التي تحاول الانتقام من العرب المسلمين الذين قضوا علي دولتهم الفارسية القديمة، عصر الأكاسرة فيما وراء نهري دجلة والفرات، بل وأيضاً بعد أن طردهم العرب من بلاد الرافدين نفسها.. وها هي دولة الفرس تحلم من جديد أن تعود لتطل علي البحر المتوسط، عندما نجح ملوكها في الوصول إلي الشام كله وإلي مصر نفسها.. بل ووصلت قواتهم إلي الجزر اليونانية وحاربت ملك مقدونيا- فيليب، فنهض ابنه الاسكندر ليطاردهم.. ثم يهاجم بلادهم نفسها. ولم تنس فارس كيف قضي العرب علي حضارتهم قديماً.. ولا كيف حاول صدام حسين- في العصر الحديث- تحجيمهم وكسر شوكتهم.. وبذلك دغدغ «صدام» مشاعر العرب عندما استمر يحاربهم 8 سنوات متواصلة من عام 1980 إلي عام 1988.. وزاد من دغدغة مشاعر العرب فأطلق علي عمليته هذه اسم القادسية الثانية، أو القادسية الجديدة إشارة إلي قضاء العرب علي حضارة فارس في معركة القادسية الأولي، علي يد سعد بن أبي وقاص. وانقلبت الآية.. وبعد أن «ابتز» صدام حسين دول الخليج في حربه هذه ضد إيران الفارسية بدعوي حمايتهم من خطر التمدد الفارسي الجديد، بعد ثورة «الخوميني» عام 1979. ودارت المعركة. وانقسم العرب بين مساهم في دعم العراق.. وبين واقف علي الحياد.. ولكنها ابتزت ثروات العراق.. ومعها الكثير من ثروات دول الخليج.. وكان وراء «خطوة» «صدام» هذه أصابع أمريكا لكي يتم تكسير الثورة الإيرانية وتحجيمها.. وخصوصاً بعد ما أعلنته أيامها قيادة «الخوميني» من تصدير مبادئ هذه الثورة غرباً.. أي إلي دول الخليج والسعودية. الآن تتحكم طهران في مقدرات العراق.. وهي التي تأتي بحاكم العراق وتسعي عملياً لتقسيم العراق بين دويلات كردية وشيعية وسُنية.. ولا نستبعد دويلة شركسية تركمانية! وها هي القوة الأخري تتحرك لضرب العرب.. هي تركيا التي تحاول استعادة امبراطوريتها التركية العثمانية التي كانت تحكم معظم بلاد العرب المسلمين.. وهي تحاول ذلك بعد أن فشلت حتي الآن في دخول جنة الاتحاد الأوروبي، بدعوي ان لها شريطاً من الأرض في القارة الأوروبية. وهكذا يحاول رجب طيب أردوجان التغلغل في المنطقة من جديد فنجد أصابعه تلعب في سوريا.. ولم يكفه احتلال تركيا لواء الاسكندرونة السوري عام 1938، وسبحان الله أن تكون البداية في الاكسندرونة التي كانت احدي الإمارات الصليبية الأولي ومنذ بدايات الحروب الصليبية. كما نجد أصابع تركيا تلعب أيضاً في العراق ولم تنس تركيا أن العراق «كله» كان تحت الحكم التركي العثماني، بعد أن سقطت دولة المماليك في مصر والشام. ولا ننسي أصابع تركيا التي تحاول أن تلعب في مصر.. فتقود حركة الرفض الشرقي للانتفاضة الشعبية المصرية، «ضد الإخوان». وهكذا وقعت المنطقة فريسة لأعمال الإرهاب والتطرف.. وهذه قوة رجعية تحاول السيطرة علي المنطقة.. فنجد أعمال هذا الإرهاب الإخواني تنشط وتزداد عنفاً في العراقوسوريا وليبيا وتونس.. والسودان ويحاول الإخوان إحاطة مصر بقوة من كل الاتجاهات، لمحاصرة مصر ومحاولة تحطيمها.. وتركيعها.. ليسهل لهم بعد ذلك انشاء حلمهم الأكبر.. دولة الإخوان الكبري في كل هذه الدول حولنا. ولا ننسي هنا أصابع إسرائيل وأمريكا وبالذات فيما يتعلق بحصار مصر من كل الاتجاهات، حتي من أفريقيا.. ومنابع النيل. والكل يخشي أن تنهض مصر.. وتستيقظ.. وتقف في وجه كل هذه المخططات المحلية والإقليمية والدولية.. إذ يتأكد من جديد أن المنطقة لن تسقط في أيديهم طالما كانت دولة مصر قوية ومتماسكة.. قادرة علي رد أطماعهم. وهذا هو سر الهجمة علي مصر.. من كل هذه القوي.