يتفق الجميع على أن المجتمع في حاجة ماسة الى الانضباط بعد سنوات من الفوضى وعدم احترام القانون الذي فقد قوته وهيبته لما تآمر البعض على هيبة الدولة الأمر الذي انعكس على وضع و كيان الدولة ككل فقد تعرضت مصر منذ عام 2011 أكثر من مرة لعواصف شديدة كانت تستهدف هدم الدولة المصرية وبصراحة كانت المظاهرات الفئوية وقطع الطرق والتعدي على المواطنين الآمنين واحتلال الشوارع والاعتصام بالميادين لم يكن كل هذا سوى تعبير عن اختلال معادلة الأمن وفقدان هيبة الدولة. ورفع كثيرون شعارات - تضامنا معها - وتظاهروا تحت لوائها وبغض النظر عن تأييدنا لهذه الشعارات التي كانت تنادي بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية إلا أن هذه المظاهرات في لحظة من اللحظات فقدت معناها وأضر منظموها الجهة أو الجهات التي وقفت وراءها بتلك الشعارات الوطنية. إن مشكلة الوطن كانت عبارة عن معادلتين الأولى أمنية والأخرى اقتصادية وكلتاهما لهما جانب اجتماعي يرتبط بفكرتي الكرامة والعدالة ولكن كل الحكومات التي جاءت بعد ثورة 25 يناير انصرفت الى إرضاء القلة صاحبة الصوت العالي على حساب الاغلبية فأصبح الصوت الأعلى والقادر على إثارة الفوضى وتعطيل العمل هو الصوت المسموع مما أضاع هيبة كل شىء في الوطن وظهرت فجوة بين الأجيال زادت حدتها مع مرور الأيام في السنوات الثلاث ونصف الأخيرة. ويمكن القول إن الشارع المصري كان نموذجا لهذه الفوضى فلم يعد أحد يلتزم بقانون المرور بدءا من عدم استخدام حزام الأمان والتحدث في المحمول اثناء القيادة الى السير بسرعات عالية لاختفاء أجهزة الرادار من على الطرق والسير عكس الاتجاه فضلا عن قطع الطرق والاستيلاء على السيارات الخاصة وارتكاب جرائم السرقة جهارا نهارا وتعطيل القطارات ووسائل النقل العامة بالإضافة الى تكدس حركة المرور في الشوارع والميادين وزاد من الطين بلة انتشار الإشغالات وظهور المواقف والاسواق العشوائية حيث تم احتلال الأرصفة ما دفع المارة الى استخدام نهر الطريق وتحولت حركة المركبات الى سير السلحفاة خاصة في منطقة وسط المدينة لا سيما الشوارع التجارية الرئيسية. وكان تعطيل القانون المتسبب في تفاقم هذا الوضع الذي ساهم في حدوث انتكاسة في مجالات السياحة الوافدة ومشروعات الاستثمار العربي والأجنبي ولم تجرؤ أي حكومة على اتخاذ قرارات شجاعة لضبط إيقاع الشارع المصري. وعندما تسلم الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم شهدنا عودة تدريجية للانضباط بالشارع ويبقى التطبيق العملي لقانون المرور لأن مواطنا اذا شعر بقوة إنفاذ القانون فسيلتزم وسيحرص على اتباع كل ما يحافظ على حياته وحياة أولاده وممتلكاته، وأتصور أن هذا مرتبط بالوجود الأمني الدائم على مدار الساعة في الشوارع والطرق السريعة خاصة في المناطق المتطرفة والنائية في القاهرة والمحافظات. ففي كثير من الدول التي زرتها في أوروبا أو حتى في الدول العربية لا تشاهد رجل شرطة أو مرور في الشارع لأن كل إشارات المرور تعمل الكترونيا مدعومة بكاميرات مراقبة ولو وقع أي حادث أو ارتكبت مخالفة تجد الشرطي أمامك وتتم ملاحقة المخالف فورا ووفقا للقانون ولا فرق بين مواطن أو مقيم أو زائر، الجميع متساوون أمام القانون رأيت هذا في لندن وموسكو ودبي وجدة. إذن عندما يطبق القانون على الشارع ستنضبط كل الأمور الأخرى بالتبعية لأن الشارع هو البداية الصحيحة في حل المعادلة الأمنية وأعتقد أن انضباط الشارع سيحقق بلا شك عودة هيبة الدولة.