استيقظ العراقيون هذا الأسبوع، ليفاجأوا باختفاء سجن أبوغريب، أبشع وأشهر معاقل التعذيب فى العصر الحديث، الذى ذاعت شهرته بقوة إبان الاحتلال الأمريكى للعراق، فقد شهد هذا السجن روايات تشيب لها الولدان من انتهاك جسدى ونفسى وجنسى للسجناء تمت ممارستها على أيدى الجنود والضباط الأمريكان، حيث كان السجناء يتم اغتصابهم بصورة جماعية، ويتم تكديس أجسادهم وهم عراة فوق بعضهم البعض كجبال «من اللحم البشرى» ليتسلى بهذا المشهد البشع الجنود الأمريكان ويلتقطوا له الصور، ناهيك عن الصعق بالكهرباء والضرب والسحل وشتى أنواع التعذيب الأخرى البشعة، وأصبح اسم سجن أبوغريب كوصمة عار فى جبين أمريكا على غرار سجن جوانتنامو فى الجزيرة الكوبية، وها هو يختفى الآن من دائرة الضوء وجدلية المشاكسات العراقية. فقد فوجئ الشارع العراقي بخبر إغلاق السجن بغداد المركزي «32 كم» غرب العاصمة العراقيةبغداد، أو ما يعرف بسجن أبوغريب وهو من السجون الكبيرة، حيث تم إخلاؤه من بقايا المساجين المتواجدين به وتوزيعهم على سجون أخرى، ورفع لفتات السجن وتركه كمبنى خاو على عروشه بلا عنوان، ليتم إغلاق ملف هذا السجن نهائياً بما له وما عليه، خاصة بعد الشبهات التى لاحقته، عندما هاجم إرهابيون السجن وقاموا بإطلاق سراح 2820 سجيناً، تبين انتشارهم فيما بعد لتنفيذ عمليات إرهابية ضد الدولة وضد المدنيين، الأمر الذى فتح باب التأويلات أمام من يقف وراء مهاجمة السجن وتحرير السجناء، وصلة هؤلاء بأجندات سياسية خارجية تخريبية وإرهابية. وقد لقى خبر إخلاء السجن وإغلاقه ردود أفعال متفاوتة بين الأوساط الحكومية والمحلية، فهناك مؤيدون لتنقية صورة الدولة ومنع عمليات هروب المساجين من السجن، وهناك معارضون تباكوا حسرة دون التعرض إلى حيثيات الحدث، غير أن مدير عام دائرة الإصلاح العراقي درس الوضع الأمني للسجون الإصلاحية مع وزير العدل، وتقرر اتخاذ خطوة من شأنها تقويض نوايا القوى الإرهابية لاقتحام السجن وتهريب النزلاء, لمنع حدوث كارثة أمنية لا تحمد عقباها ونتائجها، خاصة أن البعض يتخذ، من مهاجمة السجن وتحرير السجناء كرمز لعمل وطنى معارض ضد النظام والأمن، لذا جاء قرار إغلاق السجن ونقل نزلائه إلى سجون أخرى وتأمينهم، تزامن ذلك مع إجراء العراق الانتخابات البرلمانية وتشكيل حكومة جديدة. وجاء إخلاء سجن أبوغريب فى أكبر عملية نوعية تشهدها سجون العراق منذ عام 1924 حيث نقل 2820 نزيلاً من السجناء الخطرين فى وقت قياسى خلال 14 يوماً دون توقف، واستخدمت الطائرات والآليات وأنجزت العملية دون وقوع حوادث، فيما كانت أبواق الإرهاب تعزف على الطائفية، وتهيئ لمخطط كبير يهدف لتهريب جماعي لنزلاء سجن أبوغريب وإعادة المسلسل الذي أطلقه تنظيم القاعدة سابقاً فى عملية عرفت حينها باسم (هدم الأسوار) لتهريب السجناء وما نتج حينها من تعرض سجنا التاجي لهجوم بقذائف الهاون وتهريب سجناء أبوغريب، فيما قامت العناصر الإرهابية، وفقاً لما قالته شبكة بانوراما الشرق الأوسط فإن عناصر إرهابية قامت بإغراق أجزاء كبيرة من مناطق أبوغريب، فيما تم قطع التيار الكهربائي عنها، ومحاصرة الكثير من العوائل في منازلها، تمهيداً لمهاجمة السجن وتحرير النزلاء، وهو ما أجهضته الحكومة. وسجن أبوغريب تم بناؤه من قبل متعهد بريطاني في خمسينيات القرن العشرين على مساحة 1.15 كم مربع، مع 24 برجاً أمنياً، وفي عام 2002 بدأت حكومة صدام حسين بتوسعة السجن لتشمل إضافة 6 أقسام أخرى، واستخدم سجن أبوغريب في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين تحت إدارة الأمن العام ووزارة الداخلية، التي كانت تلجأ إلى استعمال التعذيب ضد السجناء، وقد سجلت منظمات حقوق الإنسان تلك الانتهاكات، وكان يضم السجن عدداً كبيراً من السجناء لأسباب جنائية. حيث كان يعتبر هذا السجن بالنسبة للعراقيين سجناً رسمياً للمحكومين لأسباب جنائية، أما معظم سجناء السياسة والرأي كانت لهم سجون خاصة بعيداً عن أعين منظمات حقوق الإنسان، وفي التسعينيات أثناء محاولة الانقلاب على صدام قام العقيد نجم مظلوم الدليمي بضرب السجن وتحرير أخيه محمد مظلوم الدليمي ونحو ألف شخص من عشيرته، وتوزيعهم على قرى الفلوجة.