تذكروا هذا اليوم دائماً: الأحد 8 يونية 2014م الموافق 10 شعبان 1435 هجرية ويوم الأول من بؤونة عام 1730 من التقويم القبطي.. فهذا ليس يوما عاديا مر بمصر.. ولكن لأنه لم يمر يوم مثله بمصر إلا مرات قليلة للغاية.. هو يوم شرعية الرئيس المصري الذي اختارته الأمة.. حتي قبل أن تنتخبه هذه الأمة.. هتفت باسمه الجماهير: السيسي.. رئيسي، بينما كان هناك رئيس يدعي الشرعية وهو الآن قابع في السجن، وتجري محاكمته.. وكان هناك رئيس شرعي مؤقت أدار أمور البلاد بأبوية ظاهرة افتقدناها طويلاً هو الرئيس الأب، المستشار الجليل عدلي محمود منصور.. وفي عهده تم تنفيذ محورين أساسيين من المحاور الثلاثة التي اتفقنا عليها هما: اعداد الدستور واعلانه ثم انتخاب رئيس جديد للبلاد.. وبقي الضلع الثالث وهو البرلمان، وتلك مهمة الرئيس الشرعي، السيد عبدالفتاح السيسي.. وبين رئيس أب ووالد يعيد للذاكرة الوطنية ذكري أيام عظيمة كان الحاكم، أو الزعيم، أباً حقيقياً.. ووالداً إنساناً.. كنت كلما نظرت اليه أتخيل قامات عظيمة من رجالات مصر العظام، أمثال سعد زغلول زعيم ثورة 19 الخالد والخالدة.. ومصطفي النحاس باشا، الذي مازلت احتفظ بأكبر صورة له في مكتبي، وهي ملكي الخاص.. ويجيء المستشار الرئيس الجليل عدلي منصور في هذه الأيام ليجسد لنا، من جديد، معني وصفة الرئيس الجليل.. فقد كان الاسم الشعبي والرسمي معاً للزعيم مصطفي النحاس هو: حضرة صاحب المقام الرفيع الرئيس الجليل مصطفي النحاس باشا.. فأنتم يا سيادة المستشار بصفتك الجديدة الرئيس المستشار الجليل وقد زادتك دموعك التي رآها كل المصريين مرتين. الأولي وأنت تحيي شهداء الثورة والثانية بينما الرئيس السيسي يقلدك سيادة المستشار الجليل قيادة النيل.. وما دموعك هذه وتلك إلا تأكيد علي انك الأب.. وأنك الوالد. وأنك الربان الذي قاد سفينة الوطن في فترة كان هذا الوطن معرضاً للانهيار.. فأنت من أعاد للدولة هيبتها.. جزاك الله خير الجزاء.. أعود فأقول تذكروا يوم الأحد 8 يونيه. فقد خرج الشعب يحتفل بتولي الرجل الذي اختاروه رئيساً، حتي قبل أن يذهبوا الي صناديق الانتخابات.. عبدالفتاح السيسي.. ولقد خرج الشعب يحتفل ويفرح بهذه المناسبة التي انهت فعلاً لا قولاً مقولة شرعية الاخوان ومحمد مرسي.. وجاء الاحتفال الشعبي شيئاً جديداً. احتفال ربما لم تشهد مثله البلاد في عصرها الحديث إلا الاحتفال بنصر أكتوبر 73 أي نصر العبور، وبطله العظيم الرئيس الشهيد محمد أنور السادات. نقول ذلك لأن أفراحنا للأسف قليلة.. بينما أحزاننا عديدة.. ولأن أفراحنا قليلة وعزيزة.. فسوف تدخل هذه الأفراح ذاكرة التاريخ وعقله.. وبينما كنت في طريقي إلي مبني التليفزيون مساء أمس الأول كنت أشق طريقي بصعوبة بالغة.. وسط حشود المصريين البسطاء والقادرين علي حد سواء: البسطاء هذه سيدة من الطبقة الدنيا تزين خديها بعلم مصر.. وتربط أعلاماً صغيرة الحجم كبيرة المعني حول جباه أطفالها.. والأب بقميصه الغارق في عرقه يوسع لهم الطريق.. وهكذا كان كل المصريين، ليس فقط الذين تجمعوا علي امتداد كورنيش القاهرة وفي التحرير وأمام الاتحادية وكل مكان في مصر.. بل أيضاً علي ضفاف النيل.. كانت كل المراكب والزوارق واللنشات تزدان بالاعلام والأنوار.. بينما مكبرات الصوت فيها تشدو بأغاني حب مصر.. حب الوطن.. وأقولها إن المصريين الذين فرحوا بهذا الحدث كانت فرحتهم تلقائية نابعة من القلوب التي أجهدتها الأحداث. وعصرتها الدموع علي من سقطوا من شهداء وإذا كانت أحزان المصريين كثيرة بينما أفراحهم قليلة.. فربما عبر عن ذلك أن حزن المصريين علي الميت يمتد إلي 40 يوماً وليلة.. بينما أي فرح لهم لم يكن يستمر إلا لساعات حتي حفلات الطهور وقبلها الميلاد وبعدها الزواج.. كل هذا قليل.. وهذا سر خروج المصريين للاحتفال بالسيسي رئيساً.. وهم الذين خرجوا لاستقبال المعز لدين الله الفاطمي عندما جاء في شمال افريقيا وعبر الجيزة ليلاً إلي «مدينة مصر» أي الفسطاط فخرجوا يستقبلونه بالمشاعل.. والفوانيس، و لأن هذا الحدث صادف رمضان.. ارتبطت هذه الفوانيس بعد ذلك بشهر رمضان.. الآن نقول: لقد احتفلنا. احتفلنا رسمياً في المحكمة الدستورية صباحاً.. وفي قصر الاتحادية ظهراً.. وفي قصر القبة مساء.. وهذا يكفي.. نعم يكفي.. لنبدأ العمل الجاد.. نحن كل المصريين. لكي نبدأ مع الرئيس الجديد والوعد الجديد.. عهداً جديداً ونبني معاً مصر الجديدة.. بافكار جديدة مع رئيس جديد، وعدنا بالمن والسلوي.. بالسمن والعسل.. ولكنه لن يستطيع ذلك وحده.. بل بأيدينا كلنا نحن كل المصريين.. ومن عرقنا سوف نأكل ونعيش ونوفر لأولادنا «عيشة هنية» ولقمة طرية.. وأن ننظر إلي ما يقدمه الأشقاء والأصدقاء بكل الامتنان والعرفان ولكن كل ذلك، لن يدوم للأبد.. أما ما يدوم فهو ناتج عرق كل المصريين.. لقد احتفلنا.. بما فيه الكفاية.. فتعالوا نعمل بجد لنوفر ما يكفينا ونعوض ما ضاع.. تعالوا معاً نبني مصرنا الجديدة. بالعمل مع قائد يؤمن بالعمل.. ويؤمن بمحاربة الفساد بكل معانيه.