«إن الذين يأكلون أموال اليتامي ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا»، وبالرغم من هذا الوعيد الواضح في نص القرآن الكريم، فإننا نجد من يهدر حقوق اليتامي ويسئ معاملتهم ويزيد من معاناتهم ومن أبرز الشواهد علي ما جري من عدوان علي حقوق اليتامي ما شهدته «دار أحباب الله» لرعاية الطفل اليتيم.. حيث واجه 123 طفلاً ظروفاً مأساوية وتم إهدار كامل حقوقهم، وأجبروا علي الانتقال من الدار والسكن في شقق غير آدمية، لا يحصلون فيها علي أي معيار من معايير الحياة التي تليق بالبشر. في البداية يجب أن نشير إلي أن «دار أحباب الله» تابعة لكاميليا العربي، التي كانت تأتيها التبرعات من كل جهة، ولا يخفي علي أحد قيامها باستغلال البعض من الأطفال في المشاركة بالمظاهرات التابعة للإخوان، وعقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي عن سدة الحكم هربت السيدة الفاضلة إلي الخارج، تاركة وراءها هؤلاء اليتامي يواجهون أشد أنواع الحياة قسوة، حيث وجدوا أنفسهم مضطرين إلي مغادرة الدار والسكن في شقق صغيرة علي أمل العودة مجدداً إلي الدار بعد الانتهاء من أعمال الصيانة الوهمية - كما ذكرت كاميليا - قبل رحيلها، ولكن الأيام مرت ولم يتحقق الوعد، وأصبح هؤلاء الأطفال لا يتمكنون من الحصول علي أبسط احتياجاتهم. التقت «الوفد» بعض اليتامي الذي يعانون عدم الاستقرار منذ أن تركوا الدار التي كانت تؤويهم منذ الصغر، منذ سنتين ونصف السنة تحولت حياتهم إلي جحيم، هذا ما أكده لنا «أشرف» البالغ من العمر 19 عاماً، بقوله: إنني في الصف الثاني من المرحلة الثانوية وأعمل في ورشة نجارة، حتي أتمكن من الإنفاق علي نفسي، لأن الطعام المرسل إلينا من الدار بالكاد يكفينا، فعددنا في الشقة كبير، كما أنه قد يمرض أحد منا ولا يتمكن من تدبير نفقات العلاج، فقد توفي زميل لنا منذ سنة بسبب رفض الدار علاجه!.. أما عن إيجار الشقة فيتم دفعه لنا علي مضض. ويتابع أشرف: باختصار حالنا من سيئ إلي أسوأ منذ أن تركنا الدار. ويشاركه في الرأي أخوه «سمير جمال» 20 عاماً، بقوله: المؤسف هو ما تعرضنا له علي أيدي البلطجية الذين جاءت بهم «ماما كاميليا» لمنعنا من دخول الدار حيث استخدموا ضدنا الأسلحة البيضاء وحدثت اشتباكات معهم، وذلك حتي نتقبل الأمر الواقع، ونكف عن المطالبة بحقوقنا.. علماً بأن «سمير» يدرس في أحد المعاهد، ويؤكد أنه في حالة عدم وجود أي تبرعات يضطر هو إلي أن ينفق علي تعليمه. جعلوني مجرماً أما خالد سمير - 20 عاماً - فحياته عبارة عن مأساة حقيقية، فقد دخل الإصلاحية في سن 12 عاماً، وظل بها لمدة سنة لمجرد أنه كان طفلاً شقياً بالدار ثم دخل المؤسسة العقابية لمدة 6 أشهر وكان دائماً يشعر أنه مختلف عن الأطفال الموجودين بتلك المؤسسة لذا هرب منها، بعد أن تعلم بداخلها البلطجة والعنف واستخدام السلاح. ويقول خالد: لقد تخلت عني الدار التي نشأت فيها ولم أجد اليد التي تمتد إلي سوي «إخوتي» الذين استقبلوني في تلك الشقة لنتقاسم معاً الطعام. ويقول رشاد سيد «21 عاماً»، ويعمل قهوجي: لم أستكمل تعليمي وتركت المدرسة بسبب عدم توافر مصاريف الدراسة، كما أنني أعاني من مرض الصرع ولا أجد فرصة للعلاج من هذا المرض المزمن. أما سمير سامي، 19 عاماً، فهو أيضاً مريض بالكلي، ولم يجد أيضاً العلاج بسبب ارتفاع سعر الدواء، ويقول: إننا نساند بعضنا البعض لأنه ليس هناك من يقف بجانبنا بعد أن تخلت عنا «ماما كاميليا».. وبنبرة يغلب عليها الحزن يتساءل «سمير»: هل يمكن أن نصبح في يوم ما مثل بقية الأطفال ونتمتع بنفس الحقوق؟ ومما يلفت النظر هو أن أغلب هؤلاء الأطفال الذين يواجهون حياة كلها بؤس وشقاء وشاخوا قبل فوات الأوان، اضطرتهم تلك الظروف القاسية إلي النزول إلي سوق العمل بجانب حياتهم التعليمية في المراحل المختلفة، وهناك من يقوم بأعمال هامشية لسد احتياجاته، أما الأطفال الذين كانت تقوم «ماما كاميليا» باستغلالهم في النزول بمظاهرات الإخوان، فلهم وضع مختلف، حيث يسكنون في شقة بحلوان يأكلون طعاماً نظيفاً ويحملون معهم «اللاب توب»، في حين نجد هؤلاء الأطفال المساكين يقيمون في شقق صغيرة لا يدخلها الهواء النقي بمنطقة «عرب المعادي» فهل هذه هي مبادئ الإسلام التي من المفترض أن تطبقها المشرفة علي الدار أسوة بالجماعة التي تنتمي إليها؟ والمؤسف هو ما أكده لنا طفل يبلغ من العمر 15 عاماً ومقيم بدار 15 مايو التابعة أيضاً لكاميليا العربي، حيث أشار إلي تعرضه لمتاعب لا تنتهي مما اضطره إلي الهرب والمجىء إلي إخوته في تلك الشقق السكنية بسبب سوء المعاملة وعدم حصوله علي طعام يكفيه.