نحن في حاجة لمقاتلين.. هكذا حدد «السيسي» شروطه ومواصفاته لفريقه الرئاسي أو القيادات التي سيستعين بها لتنفيذ مشروعاته.. كل ذلك جيد ومطلوب لكن الأهم من كل ذلك في رأيي هو معايير الكفاءة والنزاهة والتجرد ونظافة اليد والبعد عن أهل الثقة الذين تسببوا في دمار مصر من قبل وانطلاق ثورتين في ثلاثة أعوام!! وإن كان لنا من نصيحة نوجهها ل«السيسي» فهي أن يحسن اختيار فريقه الرئاسي لأن صلاح الحاكم من صلاح الحاشية وكذلك إذا فسدت الحاشية فسد الحاكم، ولعل تجربتنا مع «مبارك» و«مرسي» خير دليل علي أن فساد الحاشية يقضي علي الحاكم وقد يدخله الي الليمان علي الأقل، فلو كان لدينا شريف واحد في حاشية «مبارك» لصارحه بعدم قبول الناس فكرة التوريث ومشروع الهانم الهادف لنقل السلطة من الرئيس لنجله حتي تكون سيادتها دائما في بؤرة الاهتمام سواء زوجة الرئيس أو والدة الرئيس!! ولعل شريفا واحدا دخل الي قصر الاتحادية هو الذي أنقذ «مبارك» وأسرته من القتل والسحل والتمثيل بجثامينهم وأقصد به الدكتور حسام بدراوي والذي كان الوريث ووالدته أحرص ما يكونون علي إبعاده عن مناصب الدولة الكبري، ولكن عندما شعر «مبارك» بغرق سفينته وعجز كل بحارته عن إنقاذه استعان ب«بدراوي» كأمين عام للحزب الوطني أيام من عزله من الحكم، وهنا طلب «بدراوي» من كل المحيطين بالرئيس ضرورة إبلاغه بأن الأمر انتهي ولابد من تخليه عن السلطة، فرفضوا جميعا وأصابهم الذعر، فمن يجرؤ علي إبلاغ الرئيس الطاغية بهذا الكلام، فما كان من «بدراوي» إلا أن طلب مقابلة الرئيس وما إن تمكن من ذلك حتي قال له بكل وضوح إن الأمر انتهي ولابد من تنازلك، لأن الجماهير علي باب قصرك وتوشك أن تدخل الي مخدعك لتكرر مصير الديكتاتور الروماني «شاوشيسكو» وزوجته التي دخلت عليهما الجماهير وسحلتهما فما كان من «مبارك» إلا أن تحسس رقبته وأذعن لمطالب الشعب وتخلي عن الحكم، وبذلك أنقذ «بدراوي» رئيسه وحقن دماء شعبه والتي كانت ستسيل أنهارا علي أبواب القصر إذا ما تصدي لهم الحرس الجمهوري. ولو تمعنا في الأمر ولو تخيلنا أن «بدراوي» كان قريبا من «مبارك» أثناء سنوات حكمه الأخيرة، ولو أبلغ «مبارك» برفض الشعب مشروع التوريث هل كان الشعب في حاجة لثورة عليه واقتلاع نظامه؟ نفس الدور تقريبا عمله «السيسي» نفسه مع «مرسي» عندما قال له بكل وضوج إن 30 يونية سيكون يوم النهاية لحكمه ولجماعته إن لم يستجب للشعب وأجري انتخابات رئاسية مبكرة أو حتي استفتاء علي بقائه علي أضعف الإيمان.. لكن «مرسي» ركبه الغرور وأعماه خمر السلطة وضللته جماعته وعشيرته وصوروا له الأمر علي أنها لن تكون أكثر من مظاهرة يخرج فيها خمسة آلاف علي أقصي تقدير! وسيتم تفريقهم في نصف ساعة!! فجاء يوم 30 يونية ليفاجأ «مرسي» بطوفان بشري غير مسبوق في تاريخ البشرية اقتلع حكمه وأسقط عرشه وأودعه السجن، ولو كان «مرسي» استمع لنصائح «السيسي» لأنقذ نفسه وجماعته من الهلاك والدمار. إذن الحاشية قد تكون طوق النجاة للحاكم أو قد تتحول لحبل مشنقة يلتف حول عنقه، ومن هنا كان اختيار الحاكم لحاشيته شيئا في منتهي الأهمية ويتوقف عليها نجاحه أو فشله. البعض يتخوف من تجربة «السيسي» في اختيار أفراد حملته الانتخابية وهو اختيار كان في منتهي السوء وقد خصم من شعبية المشير كثيرا، لأنها ضمت العديد من المشبوهين وأصحاب السوابق في نفاق الحكام ومسح الجوخ لكل حاكم، وكل ذلك أساء للمشير بين محبيه، لكن الرد علي ذلك بأن اختيار الحملة الانتخابية أحيانا يكون بهدف أن يكون صاحبها من «كدابي الزفة» ومحترفي الانتخابات، لكن بعد النجاح لابد أن تكون للحاكم معايير أخري لرجاله بعيدا عن إخوانا «كدابي الزفة» لأن الحاكم كمدرب الفريق القومي لابد أن يحرص علي اختيار أفضل العناصر، ولو جامل علي حساب الفريق سيسقط في أول اختبار، مشاكل مصر كبيرة ولابد من فريق رئاسي يتسم بالكفاءة والنزاهة ونظافة اليد.