سبق وتناولت قضية رد الاعتبار فى تعيين القضاة وأعضاء السلك الدبلوماسى عندما طالبت باستبعاد أصحاب السابقة الأولى من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، ولخطورتهم على الحياة السياسية، خاصة سمعة وصلاحية البرلمان نكرر ما سبق وقلناه: «إن المشرع المصرى رفض تماما فكرة تعيين خريجى السجون الذين حصلوا على رد اعتبار قانونى أو قضائى فى وظيفة قاضٍ أو دبلوماسى، حيث تمسك المشرع بأن يكون المتقدم لوظيفة القاضى أو الدبلوماسى نظيفا تماما، أو حسب التعبير القانونى: «حسن السمعة ومحمود السيرة»، فى الوقت الذى سمح فيه مشروع قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون الانتخابات البرلمانية بترشح القواد وتاجر المخدرات والمزور والمرتشى والقاتل والإرهابى والمدمن لعضوية البرلمان لكى يمثل الشعب ويتحدث نيابة عنه. فى المادة الخامسة من القانون(رقم 45 لسنة 1982) الخاص بنظام السلك الدبلوماسى والقنصلي(المعدل بالقانون رقم 69 لسنة 2009)، خصصت لشروط التعيين فى إحدى وظائف السلك، وقد جاءت الشروط فى البنود 3 و4 و5 كالتالي: 3 أن يكون محمود السيرة وحسن السمعة. 4 ألا يكون قد حُكم عليه بعقوبة جناية ولو كان قد رد إليه اعتباره. 5 ألا يكون قد حكم عليه من المحاكم أو من مجالس التأديب فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ولو كان قد رد إليه اعتباره، وألا يكون قد سبق فصله بقرار أو بحكم تأديبي». إذا انتقلنا لقانون(رقم 46 لسنة 1972) الخاص بالسلطة القضائية، نجد المشرع قد خصص المادة 38 من القانون لشروط تعيين القضاة وترقيتهم، أكد فى البندين الرابع والخامس من الشروط على حسن السيرة وطهارتها، واشترط عدم رد الاعتبار: «يشترط فيمن يولى القضاء: (4) ألا يكون قد حكم عليه من المحاكم أو مجالس التأديب لأمر مخل بالشرف كان قد رد إليه اعتباره. (5) أن يكون محمود السيرة حسن السمعة». نفس الشىء نجده فى القانون(رقم 47 لسنة 197) الخاص بمجلس الدولة، ففى المادة رقم 73 وضع المشرع شروط التعيين وتضمنت حسن السمعة، وعدم رد الاعتبار سواء من المحاكم أو مجالس التأديب: «يشترط فيمن يعين عضوا فى مجلس الدولة : أن يكون محمود السيرة حسن السمعة. ألا يكون قد حكم عليه من المحاكم أو مجالس التأديب لأمر مخل بالشرف ولو كان قد رد إليه اعتباره». وقد تكرر نفس الشرط فى شروط التعيين بالقانون الخاص بتنظيم هيئة قضايا الدولة(رقم 75 لسنة 1963)؛ حيث نصت المادة رقم 13 على التالي: يشترط فيمن يعين عضوا بالهيئة: .. 3- أن يكون محمود السيرة حسن السمعة 4- ألا يكون قد حكم عليه من المحاكم أو مجالس التأديب لأمر مخل بالشرف ولو كان قد رد إليه اعتباره». إذا كانت الهيئات القضائية والسلك الدبلوماسى قد اشترطت فى المتقدم لشغل وظيفة قاضٍ أو دبلوماسى فى الخارجية، أن يكون حسن السمعة، وألا يكون قد حكم عليه فى قضية(جنحة أو جناية) أو فى مجلس تأديب، وإذا كانت هذه الهيئات قد رفضت الذين حصلوا على رد اعتبار من المحكمة، فلماذا سمحت وزارة العدل فى مشروع قانون مباشرة الحقوق السياسية بأن يتقدم لعضوية البرلمان أو المحليات من سبق وحكم عليه وقضى عقوبة فى السجن؟، لماذا أصر المشرع على طهارة وحسن سيرة القاضى والدبلوماسى وتساهل فى سيرة وسمعة عضو البرلمان؟، لمصلحة من يفتح الباب أمام تجار المخدرات واللصوص والمزورين والقوادين والمرتشين والإرهابيين والقتلة والمبتزين للترشح لعضوية البرلمان؟.