لماذا كان من أهم طقوس الانضمام إلى جماعة الإخوان، الالتزام بمبدأ السمع والطاعة؟ . . والابتعاد عن مناقشة التعليمات أو حتى التفكير فيها؟ . فالجواب جاهز في مواجهة أي شخص يعن له أن يتساءل، وفي الحال يقال له: إن القيادة تعرف ما لا تعرفه أنت . . عندئذ يكون الانقياد الأعمى هو السلوك والعقيدة للعضو . وهذه الطقوس مجرد جزء من مبادئ التنظيم، والتي تخفي وراءها ما هو مطلوب ستره عن الأعضاء، وكل ما هو مطلوب ستره مسجل في الوثائق الرسمية للبيت الأبيض، والمخابرات المركزية، وجهاز المخابرات الخارجية البريطاني MIb التي تكشف تفاصيل علاقتها بالإخوان، منذ بداية إنشاء الجماعة، وتطورها في فترة الأربعينات من القرن الماضي، إلى أن أخذت صيغة رسمية ابتداء من عام 1953 . وكان إخفاء كل هذا تمكيناً للتنظيم من جذب وتجنيد أعضاء جدد، بشرط عدم إطلاعهم على ما يجري داخل الغرفة المغلقة لمكتب الإرشاد، الذي يمثل قمة القيادة في التسلل الهرمي للجماعة، والذي تنتشر في قاعدة الهرم مجموعات لا تعرف شيئاً، عن الذي يعرفه مكتب الإرشاد، وهي المجموعات التي تضم أفراداً، جذبتهم للتنظيم دعاوى خدمة المشروع الإسلامي!! . دراسات عديدة نشرت في الغرب، قام بها خبراء متخصصون، وضباط سابقون في المخابرات المركزية، والبريطانية . إحدى هذه الدراسات التي أذاعها مركز الجهاد العالمي من أجل السلام، وتقول إن الإخوان تنظيم مخترق من المخابرات المركزية . ومنذ بداياته اخترقه جهاز المخابرات الخارجية البريطاني MIb ويقول ضابط المخابرات البريطانية السابق جون كولمان، إن الإخوان ساعدت على تأسيسها أسماء كبيرة ومهمة في أجهزة المخابرات البريطانية في الشرق الأوسط . وأن مهمتهم الرئيسية كانت العمل على تعويق قدرة دول المنطقة على النهوض والتقدم، لضمان استمرار سيطرة الغرب على المنطقة وثرواتها . وكتب خبير الشؤون السياسية الأمريكي ديفيد ليفنجستون أن الإخوان منظمة عميلة للغرب، وأن الاستراتيجية الأمريكية تستخدمها لخدمة مصالحها في المنطقة . دراسة أخرى وصفت الإخوان بأنهم بالنسبة للغرب عبارة عن حصان طروادة، أو رأس الحربة فعزيمتها استقرار دول المنطقة . وأيضاً دراسة الكاتب البريطاني ستيفن دوريل التي يشرح فيها تفكير الجماعة في اتباع نهج السرية وحجب حقيقتها عن أعضائها عند مستوى القاعدة الهرمية للتنظيم، ويقول إنهم تأثروا في بداية إنشاء الجماعة بالأخوية الماسونية، التي تدار بنظام القيادة الهرمي . إن المبادئ التنظيمية للجماعة لم تتغير، وكذلك علاقة التبعية للغرب، وهو ما ظهر بشكل واضح في الجهود التي بذلتها الإدارة الأمريكية والضغوط التي قامت بها، من أجل تهيئة طاقة الظروف لوصول الإخوان إلى حكم مصر، ثم الاستفادة من وجود فروع لهم في دول أخرى بالمنطقة، للتأثير في الأوضاع داخل هذه الدول، بما يخدم المصالح الخارجية . وطبقاً للدراسة التفصيلية لخبير الدراسات الاستراتيجية ويليام انجدال، فإن أمريكا وضعت خططاً قبل سنوات من أحداث الربيع العربي عام ،2011 لتغيير دول المنطقة من داخلها، وراحت تدفع من أجل قيام حكم الإخوان في مصر . وتتفق مع رؤية إنجدال دراسة أخرى بعنوان "كيف أقامت أمريكا حكومة بالوكالة عنها للإخوان في مصر" . وتقول: إن أمريكا ظلت تقدم دعماً خفياً للإخوان للوصول إلى السلطة من بعد مظاهرات 25 يناير ،2011 واستخدمت أفراداً من مصر مولتهم ودربتهم للقيام بهذا الدور، ومنهم إخوان اندسوا في صفوف التحركات الجماهيرية، دون أن يعلنوا عن هويتهم الإخوانية . ولم يكن تحرك الغرب في مصر، منعزلاً عن تحركات لاحقة في دول عربية أخرى للإطاحة بالأنظمة الوطنية فيها . وفي إطار خطط المخابرات المركزية، والتي شاركت فيها بدور فاعل، وزارة الدفاع الأمريكية، كان هجوم الناتو على ليبيا، خطوة حاسمة لإضعاف مصر بعد ذلك . وهو ما يمكن أن تساعد عليه حالة الفوضى الداخلية التي تفشت في ليبيا، وظهور تنظيمات إرهابية، تقوم بتهريب المال والسلاح بمختلف أنواعه إلى مصر، من أجل إضعافها، وهز استقرارها . إن المعلومات لمن يريد معرفة حقيقة الإخوان ليست سراً محجوباً في الدول التي يرتبط معها الإخوان كعملاء . وهي ليست اجتهادات أفراد، لكنها حقائق معترف بها في وثائق رسمية للولايات المتحدة وبريطانيا، وفي مؤلفات نشرها ضباط سابقون في أجهزة المخابرات بعد تقاعدهم . لكن المشكلة التي يعانيها الأغلبية من الذين انضموا إلى التنظيم، ترجع إلى أنهم أقسموا على الولاء بنظام السمع والطاعة، وخضوعهم لتدريبات ممنهجة بطريقة تجعل ضمن طقوسهم، قراءة كتب الإخوان، والبعد عن الاطلاع على المعارف الإنسانية الأخرى . وهو ما سبب لهم ضموراً في القدرة على التفكير، وإحكام القيد الحديدي من فوق عقولهم . ولهذا لاحظنا أن من واتته في لحظة صحوة العقل قدرة على إعمال عقله، سرعان ما انشق عن التنظيم، وراح يكشف حقيقتهم، ويعلن تبرؤه من الجماعة ويعد هذا من أكبر خطايا الإخوان، عندما استلهموا فكر ووسائل النظم الفاشية، في طمس خاصية العقل الإنساني، وهي التفكير . ودفعهم كجماعات تتحرك بلا عقل، لمجرد صدور التعليمات لديهم، بأن يفعلوا ما يؤمرون به . نقلا عن صحيفة الخليج