، مرتبك، ينتعش أوقاتاً ويكسد أوقاتاً أخري، ترتفع الأسعار بدون رقيب ثم تتراجع قليلاً، لكن التذبذب ومعاودة الصعود يجدد القلق بين المتعاملين في ذلك السوق. إن أسعار الأسمنت تجاوزت 800 جنيه خلال الأسابيع الأخيرة، ثم تراجعت نتيجة ضخ شركتي القومية والعريش الحكوميتين كميات بأسعار مخفضة، لكن ذلك لم يستمر بسبب قلة حصة الشركات العامة في السوق، ومع تبادل التجار والصناع الاتهامات حول مسئولية ارتفاع الأسعار تصبح الحاجة ضرورية لتدخل حقيقي من الدولة. أكد أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن الحكومة لا تملك القدرة علي التدخل لتحديد السعر ولكن لدينا من الآليات لوقف ممارستها من خلال قانون تعزيز المنافسة ومنع الاحتكار بضرورة النص علي تحديده حداً أقصي للربح ومنحه الضبطية القضائية لمسئولي جهاز حماية المنافسة وهذا أسلوب لا يتناقض مع حرية السوق ومطبق في فرنسا، موضحاً أن ال 300 مليون جنيه الغرامة المقررة في القانون عجزت عن ربع المصانع المنتجة لضآلتها، مقارنة بحجم أرباحها الذي يتعدي الملايين سنوياً، فهي نقطة في بحر، بالإضافة إلي صعوبة إثبات الاتفاق الجماعي لهذه الشركات أحياناً. وأوضح «الزيني» أن الشركات اعتادت منذ إنشائها علي رفع الأسعار بدون مبرر رغم حصولها علي الطاقة مدعمة، بالإضافة لبخس ثمن المادة الخام التي تحصل عليها من المحاجر، فمنذ 8 سنوات كان لا يتعدي حجم تكلفتها 220 جنيهاً كان يطرح الأسمنت بسعر يتراوح ما بين 470 و525 جنيهاً للطن. وكشف «الزيني» عن قيام مصانع باستخدام القش والفحم في إنتاجها دون انتظار لقرار وزيرة البيئة، ورغم ذلك لم تقم بخفض أسعارها إلا عندما تدخل الجيش وقام بمضاعفة إنتاجه من خلال مصنع العريش التابع له، لذلك فحسب وجهة نظري من الضروري أن تعيد الحكومة نظرها في قرار وقف منح تراخيص جديدة لإنشاء مصانع، بدعوي تحقيق الصناعة اكتفاء ذاتياً في إنتاجها ومنعاً لاستخدام مزيد من الطاقة التي تتحمل أعباء تكلفتها في ظل الدعم المتواصل لهذه الصناعة. ويري «الزيني» أهمية الاتجاه لإقامة مصانع بنظام المشاركة ما بين الحكومة ومستثمرين مصريين أو قيام الجيش بإنشاء مصانع جديدة، ذلك لكسر احتكار هذه الشركات، خاصة أن إنتاجها العام الماضي حقق فائضاً بلغ 7 ملايين طن وهو مؤشر قوي علي ممارستها الاحتكارية التي استبقتها منذ عام في غياب الرقابة علي السوق في فترة ما بعد الثورة بكتابة أسعار علي شيكارة الأسمنت بنسبة تزيد علي السعر الحقيقي، وقد تقدمت الشعبة بشكوي لقطاع التجارة الخارجية إلا أن المسئولين تجاهلوا اتخاذ أي إجراء حيال ذلك، إلي أن قررت الحكومة رفع سعر الطاقة وقامت بزيادة أسعارها بصورة مبالغ فيها استبقتها بخطوة خفض الإنتاج. وقال سيد مغاوري، عضو شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية: إن تكلفة إنتاج الأسمنت في الفترة الحالية وبعد زيادة سعر الطاقة لا تزيد علي 370 جنيهاً ولكن في ظل الاتفاق الضمني علي خفض الإنتاج تصل الأسعار لرقم مبالغ فيه، مقللاً من أهمية قانون منع الاحتكار وقدرته علي ردع هذه الشركات، خاصة أن الجهاز لم يستطع إثبات الممارسات الاحتكارية إلا في حالة واحدة من خلال تسريب اجتماع لأصحاب الشركات تم فيه الاتفاق علي خفض الإنتاج، وكان الحكم علي 11 شركة بدفع الغرامة المقررة آنذاك ب 20 مليون جنيه، إلي أن تم رفعها إلي 350 مليون جنيه. وأضاف أن رشيد محمد رشيد، وزير الصناعة الأسبق، فشل في إلزام الشركات بوضع سعر جبري، إلي أنه ألزمها بوضع السعر النهائي علي شيكارة الأسمنت التي يتم بيعها للمواطنين بهدف متابعة حركة التداول، ولكن بعد الثورة اتبعت الشركات أساليب جديدة رغم حالة الركود التي يمر بها القطاع بوضعها أسعاراً تتنافي مع السعر الحقيقي تمهيداً لرفع السعر في حالة انتعاش السوق وكان لها ما أرادت عندما قامت الحكومة بزيادة سعر الطاقة. علي الجانب الآخر يري، عمر مهنا، رئيس مجلس إدارة السويس للأسمنت، أن المصانع واجهت بالفعل أزمة كادت تهدد إنتاجية الأسمنت وهي تراجع حجم الطاقة التي تحصل عليها واضطرت المصانع أمامها للعمل بنصف طاقتها. ونفي «مهنا» قيام المصانع بزيادة أسعارها، مؤكداً أن التجار بمجرد التأكد من وجود أزمة طاقة بدأ في رفع أسعارها وقامت ببيعه بأسعار مبالغ فيها للغاية وصل سعر الأسمنت في بعض المحافظات إلي 900 جنيه للطن. وأضاف أنه بمجرد موافقة مجلس الوزراء علي استخدام الفحم ومخلفات القش بنسبة 10٪ وفقاً للمعايير الدولية فانخفضت الأسعار إلي 720 جنيهاً للطن.. وقلل من تأثيرات الاستيراد علي الأسعار بالأسواق أو الدعاوي التي يروجونها بأنها أدت لخفض الأسعار في ظل استيراد كميات لم تتجاوز 100 ألف طن من الأسمنت.