شاهيناز العقباوى استغلت شركات الأسمنت المصرية المملوكة للأجانب الأوضاع السياسة التى تمر بها البلاد ورفعت سعر الطن إلى 800 جنيه، وهو ما تراه حكومة محلب أمراً خطيراً دفعها إلى عقد اجتماع عاجل لم يثمر عن شىء، لاسيما أن العديد من المسئولين يؤكدون على أن الشركات تحقق أرباحاً خيالية تصل إلى المليارات تقوم بتحويلها إلى خارج مصر بعد أن تستغل المستهلكين وتمتص دماءهم فى غيبة من الحكومة أو اتفاق، لذا طالبوا بضرورة وضع حد لهذه المهازل التى تقوم بها الشركات مؤكدين على أن إرجاع التجاوز فى الأسعار إلى أزمة الطاقة أمر مبالغ فيه واستبداله بالفحم كارثة، لذا حاولنا خلال هذا التحقيق الوقوف على الأزمة ومناقشة أسبابها. أحمد الزينى، رئيس الشعبة العامة لمواد البناء بالغرفة التجارية يرى أن شركات الأسمنت المملوكة للأجانب استغلت التغيير الوزارى الأخير ورفعت أسعاره إلى مستوى أعلى كثيرا إذا قورن بالمستويات العالمية، وذلك فى ظل غيبة من المسئولين وضعف وعجز من الحكومة، التى طالما طالبت بضرورة فرض ضريبة إضافية على أرباح الشركات مساواة بما يفعل مع شركات الحديد التى تفرض عليها ضريبة ٪8 فى حين أن شركات الأسمنت تحقق أرباحاً خيالية ولا يفرض عليها سوى ٪5 ضريبة مبيعات، وللأسف لم تستجب إلا حكومة هشام قنديل، التى أصدرت قرارا بذلك وطالبت بعمل قانون، لكن نظرا لتعاقب الوزارات لم يعد هناك أى خبر يذكر عن هذا القرار أو القانون على الرغم من أننا تقدمنا كثيرا بالعديد من طلبات التحذير لوزير الصناعة من خطورة سيطرة الشركات الأجنبية على السوق واحتكار الأسعار لكن دون جدوى. وقال إن ما تشيعه الشركات من تبريرها المستمر برفعها الأسعار يرجع إلى أزمة الطاقة وارتفاع الأسعار العالمية لا أساس له من الصحة، لأن الأزمة ليست وليدة اليوم وأسعار إنتاج طن الإسمنت عالميا لا تزيد على 60 دولارا ما يعادل 420 جنيها أى أن الشركات تحقق هامش ربح يفوق الخمسين فى المائة. الأسوأ من ذلك والكلام يعود إليه أن القانون المصرى يسمح للشركات الأجنية بتحويل كل أرباحها إلى خارج البلاد دون الاستفادة منها لى، وبالتالى تقوم شركات الإسمنت التى بيعت خلال نظام مبارك بتحويل مليارات الدولارات سنويا دون أن تستفيد منها مصر بشىء. وبين أن الغرفة التجارية من المقرر أن تعقد اجتماعا تخرج منه بمذكرة تقدم لوزير الصناعة تشرح له فيها الوضع الحالى وتأثيرة على السوق المصرية وتطالب الحكومة بخطوات سريعة لمكافحة استغلال الشركات. وعلى الرغم من ذلك أشكك والكلام يعود إليه على قدرة الحكومة الحالية أو المقبلة وجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية على التصدى لجشع الشركات الأجنبية إلا بضرورة إعادة النظر فى حجم الحرية التى تمنحها الحكومة للشركات والسماح لها بتحديد السعر الذى تراه دون تدخل منها، لذا من الضرورى أن تفرض الدولة سيطرتها وتسرع فى إنشاء مصانع جديدة لتقليل حجم الاحتكار وزيادة المنافسة، هذا فضلا عن إعادة النظر فى الرخص الجديدة بحيث لا تمنح للأجانب أو القطاع الخاص، ولابد من دخول الحكومة شريكاً قوياً ومنافساً. فى حين كشف محمود العسقلانى، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء أن أرباح شركات الإسمنت الأجنبية فى مصر، وصلت إلى 24 مليار جنيه سنويا تنقل إلى الخارج بعد تحويلها إلى دولارات، فهى تحقق هامش ربح فى مصر يزيد على ٪50 فى الوقت الذى لا تزيد فيه أرباح شركاتها العالمية على ٪5 نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة والأيدى العاملة والضرائب الخاصة بمواجهة التلوث وحماية البيئة، فى حين أنها فى مصر تتمتع بدعم الطاقة وانخفاض تكاليف الأيدى العاملة، ناهيك عن عدم الاهتمام بنظافة البيئة وحمايتها. ونوه إلى أن الجمعية سبق وتقدمت ببلاغ إلى جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية ضد جميع شركات صناعة الإسمنت فى مصر، باستثناء شركة العريش التابعة للقوات المسلحة، حيث لا يوجد ما يبرر ارتفاع أسعار الإسمنت خلال فترات زمنية بسيطة جدا لاسيما أن الطلب خلال الفترة الماضية محدود خصوصاً أن مصر تنتج 60 مليون طن سنويا، يكفى احتياجاتها ويفيض وهو ما لا يحتاج معه إلى رفع الأسعار بهذه الصورة المبالغ فيها. وقال إننا كنا ننتظر من حكومة محلب أن تتخذ قرارات حاسمة ضد الشركات لحماية المستهلك، لكن الخروج باستخدام الفحم فى مصانع الإسمنت لمواجهة أزمة الطاقة أمر غريب وبعيد عن لب المشكلة التى سوف تتفاقم بمرور الوقت إذا لم يوضع لها حل. وأوضح أن الشركات تتفق فيما بينها وتحدد السعر الذى تراه دون الالتزام بأى ضوابط وترسله إلى التجار والموردين عن طريق الرسائل الإلكترونية، ومن يعترض منهم يمنع من الشراء وهو ما يمكن تفسيره على أنه استغلال للأوضاع فى ظل غياب الرقابة. وقال الدكتور هشام فؤاد، رئيس هيئة الطاقة الذرية الأسبق، إن التلويح باستخدام الفحم فى مصانع الإسمنت أمر خطير وكارثى لا سيما أن العالم تخلى عن الفحم منذ عقود من الزمن وما تشير إليه الحكومة وترى فيه الحل السحرى لأزمة الطاقة فى مصر، لهو تخبط وعودة للماضى مئات السنين. وإذا صدقنا على هذا الرأى، فأين الأموال التى ستبنى بها محارق للفحم؟ لاسيما إن تكاليف إنشائها باهظة جدا فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها البلاد هذا فضلا عن احتياجنا إلى الاستعانة بالآلات المسئولة عن تنظيفه لأنه يحتوى على مواد مشعة تدمر البيئة والإنسان. فحل مشكل احتكار شركات الإسمنت بالفحم قرار عبثى وسيدمر البيئة المصرية وصحة المصريين.