في مطلع أبريل الماضي قرر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تشكيل لجنة للتحقيق في الاتهامات الموجهة لجماعة الإخوان بأنها جماعة إرهابية مما يعني حظرها وحظر أنشطتها داخل المملكة المتحدة، ومن المتوقع أن ينتهي عمل اللجنة في 30 مايو الجاري لتقدم تقريرها النهائي لرئيس الوزراء الذي سيتخذ قراره، هذا القرار إذا جاء بحظر جماعة الإخوان في بريطانيا وأدرجت جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية فإنه سيحقق فوائد كثيرة للدول العربية بصفة عامة نتيجة لحصار التنظيم الدولي للإخوان في أوروبا، كما أنه سيحقق فوائد جمة لمصر بصفة خاصة عن باقي الدول الأخرى، وذلك على مستوى الداخل والخارج، في الداخل سيتوقف دعم التنظيم الدولي للإخوان لفترة حتى يستعيد التنظيم أنفاسه، وفي الخارج سيؤثر القرار البريطاني على جميع الدول الأوروبية التي قد تتخذ موقفاً مماثلاً لبريطانيا، وبالتالي سيصبح التنظيم الدولي محاصراً ومهدداً في أوروبا كلها وربما في غالبية الدول، لذلك فإننا نرى ضرورة التحرك المصري المنظم لتوضيح حقيقة تنظيم الإخوان أمام لجنة التحقيق وبخاصة خلال زيارة وزير الخارجية نبيل فهمي لبريطانيا خلال الأيام المقبلة، وهناك مجموعة من المقترحات في هذا الشأن: أولاً: يجب التعاون بين كل مؤسسات الدولة المصرية من خلال طرح ملف متكامل حول حقيقة تنظيم الإخوان أمام لجنة التحقيقات، بحيث يتضمن هذا الملف الجرائم الموثقة التي ارتكبها التنظيم طوال الفترة الماضية وحتي الآن، وعلى الرغم من لقاء رئيس لجنة التحقيقات البريطانية خلال زيارته لمصر مع وزيري الداخلية والعدل، إلا أن الفرصة لاتزال قائمة لإمداد لجنة التحقيقات بمعلومات أخرى يمكن أن تساعد في توفيرها منظمات المجتمع المدني المصرية والشعبية، وأجهزة الأمن المصرية والعسكرية. وخلال إعداد هذا الملف يجب التركيز على مجموعة من العناصر التي تؤكد حقيقة إرهاب جماعة الإخوان وخطورتها من خلال التركيز على آثار تبني عمليات الإرهاب للتنظيمات الجهادية في مصر وانتقالها تدريجيًا إلى أوروبا من خلال دعم الإخوان لهذه التنظيمات. ثانياً: يجب تقديم معلومات موثقة للجنة التحقيق حول فلسفة ونشاط الإخوان في مصر وخطورة نقلها لبريطانيا للتأكيد على التخوفات المنتشرة في أوروبا كلها من موجة العنف التي تسود مناطق عديدة، خاصة في مصر وسوريا وليبيا وغيرها، ويجب تقديم المعلومات المتعلقة بحقيقة تنظيم الإخوان ومعتقداته الفكرية منذ تأسيسه من حيث تبني قيم العنف وسياسة الاغتيالات والتطرف، وتوضيح علاقته بالجماعات الأخرى وبخاصة المتواجدة على الأراضي البريطانية. ثالثاً: يجب استخدام ملف الإخوان في سوريا، لتوجيه البريطانيين إلى خطورة التنظيم الدولي للإخوان على الأمن القومي لبلادهم، حيث ثبت وجود بريطانيين يحملون السلاح ويقاتلون في سوريا مع وجود معسكرات للتدريب لتكوين الجيل الجهادي الجديد، خاصة مع تأييد الغرب للحرب في سوريا ووصول هؤلاء المقاتلين إلى الاراضي السورية دون رقابة أمنية أو وضع ضوابط، وبالتالي فهناك خطورة واضحة من عودة هؤلاء المقاتلين من سوريا واحتمالات قيامهم بنشاط في بريطانيا نفسها التي لا تزال تتذكر ما حدث في عام 2005 من تفجيرات لندن التي سقط خلالها 52 قتيلاً، ومن الملاحظ أن بريطانيا أدرجت في قائمة الجماعات الإرهابية عدة منظمات من بينها منظمتان مصريتان هما الجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامي، وكلاهما تربطهما بجماعة الإخوان ارتباطات وثيقة، لذلك يجب ابراز العلاقة بين هذه الجماعات والإخوان، لأن الربط بينهم سيساعد اللجنة على إدراك حقيقة الإخوان. رابعاً: يجب تقديم الأدلة التي تكشف حقيقة صلة مكتب الإخوان في لندن بأحداث الإرهاب في سيناء، وصلة الإخوان بالجماعات المتطرفة هناك، حيث إن جهاز الأمن الخارجي البريطاني MI6 سيقوم بموجب التحقيق في تقييم مزاعم أن الجماعة كانت وراء مقتل 3 سياح بحافلة في طابا بمصر في فبراير الماضي وبعضهم كان ممن يحملون جوازات سفر بريطانية، وسلسلة من الهجمات الأخرى. خامساً: يجب متابعة التحقيقات التي تتولاها اللجنة، وأن يتم تقديم سرد لكافة المنظمات الإسلامية المتطرفة، وعلاقتها بالإخوان، وتقديم كشوف بنشاط الإخوان والمنظمات التابعة لهم في البلاد العربية والأفريقية والأوروبية، والإشارة إلى قرارات بعض الدول وأسبابها حول إدراج التنظيم لديها. سادساً: يجب التواصل مع الجماعات والأحزاب البريطانية الرافضة لنشاط المنظمات الدينية في بريطانيا، فعلى سبيل المثال نظمت «جماعة حزب بريطانيا أولاً» التي أسسها الحزب البريطاني الوطني عام 2011 تظاهرة أمام مقر الإخوان بكريكلوود للمطالبة بطرد الإخوان من بريطانيا، ويجب تنمية هذه التحركات بحيث يصبح طرد الإخوان مطلباً سياسياً وليس أمنياً فقط. سابعاً: يجب متابعة التنظيمات التابعة للإخوان في بريطانيا وكشفها، فمثلاً توجد منظمة تعرف بالرابطة الإسلامية في بريطانيا تنتمي للإخوان تأسست في عام 1997، هذه الرابطة تتدخل بشكل كبير في الشأن السياسي الداخلي ببريطانيا وتوجه الناخبين إلي التصويت لمرشحين بعينهم خلال الانتخابات وبخاصة انتخابات عمدة لندن، ويجب التركيز على فضح هذه التنظيمات وإثبات علاقتها بالإخوان لإبراز تهديداتها المؤثرة على بريطانيا والغرب، وأخيراً يجب ألا تشغلنا انتخابات الرئاسة عن الاهتمام بهذا الموضوع نظراً لأهميته القصوى للأمن القومي المصري، ولابد من اهتمام وسائل الإعلام والصحف المصرية وجميع مؤسسات الدولة بهذه التحقيقات، لأنها ستسهم بصورة كبيرة في التخلص من الإخوان نهائياً. مدير مركز دراسات السياسة والقانون والرأي العام