سباق مجلس الشيوخ.. الأحزاب والقوى السياسية المشاركة في القائمة الوطنية من أجل مصر تستعد بخطة المؤتمرات واللقاءات الجماهيرية    الوطنية للانتخابات تفحص مرشحى "الشيوخ".. والإعلان الأسماء النهائية الجمعه 18 يوليو    الضرائب: تحميل الفواتير الإلكترونية من بوابة المصلحة مجاني تماما    دميترييف: بيروقراطية الاتحاد الأوروبي تدمر قدرته التنافسية    «الجهاد الإسلامي»: المقاومة الفلسطينية لن توقع أي اتفاق يؤدي إلى الاستسلام    الخارجية الأمريكية تسرح أكثر من 1300 من موظفيها (تفاصيل)    نجم الزمالك يعلق على موقف بتروجت من صفقة حامد حمدان: لكل نادٍ حق إدارة ملفاته    محمد شريف يعود للأهلي ويبدأ التحضيرات مع الفريق الاثنين المقبل استعدادًا للموسم الجديد    «ضمن القائمة».. تفاصيل جديدة بشأن اهتمام النصر السعودي بضم وسام أبوعلي    سبورتنج لشبونة يعاقب فيكتور جيوكيريس    انطلاق «الفن يلتقي بالتاريخ» بالمتحف اليوناني الروماني في الإسكندرية (صور)    «الشقاوة».. سعد لمجرد وبوسي في الأغنية الدعائية ل «الشاطر» أمير كرارة (فيديو)    وزير الصحة يناقش عددا من الإجراءات لتعزيز جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين    اتفاقية بين أكت وكاشير لتحويل تجربة الدفع الإلكتروني في قطاع الضيافة بمصر    محافظ الجيزة يتفقد جهود حملات النظافة ورفع الإشغالات بشارع فيصل وكعابيش    وفاة طفل رابع بالمنيا ليلحق بأشقائه الثلاثة بسبب الحمى وارتفاع الحرارة    هبوط أرضي أسفل كوبرى التجنيد ونائب محافظ القاهرة تتفقد أعمال إصلاح.. صور    مانشستر يونايتد يحدد لبرشلونة سعر راشفورد    واشنطن تؤكد دعمها للعلاقات بين سوريا ولبنان كدولتين جارتين    انطلاق مؤتمر أدب الخيال العلمي للأطفال بالمجلس الأعلى للثقافة.. الأربعاء    استغرق عاما ونصف.. لطيفة تحتفل بإطلاق أول دفعة من ألبومها «قلبي ارتاح»    أحمد التايب لبرنامج المشهد: يجب الانتباه إلى أن الضفة أهم لإسرائيل من غزة    خيار مثالي.. سر فستان مي عمر "الأخضر" في أحدث ظهور لها    هل الوضوء داخل الحمام صحيح؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    للسائقين احذروا.. عقوبة السير عكس الاتجاه الحبس والغرامة    منتخب المواي تاي يبدأ الاستعداد للمشاركة في بطولة العالم للشباب ب أبوظبي    وزير الصناعة يفتتح مصنع جديد للثلاجات بمجموعة العربي باستثمارات 108ملايين دولار    مها الصغير مُهددة بالحبس 3 سنوات| عضو ب المحامين العرب يعلن مفاجأة    توجيه وزاري بتيسير مشاركة صاحبات الحرف اليدوية في المعارض الدائمة بالمحافظات    تقارير: لاعب برشلونة على رادار مانشستر يونايتد    محافظ أسيوط يتفقد وحدة طب الأسرة بكودية الإسلام    الأرصاد: غدًا طقس شديد الحرارة رطب.. والقاهرة تسجل 35 درجة    رائحة الجثة فضحته.. خفير خصوصي يقتل زوجته ويدفنها في مزرعة بالشرقية    وكيل وسام أبو علي.. السلاح المزدوج للاعب الذي استعمله مع الأهلي؟    بث تجريبي.. إطلاق الموقع الإلكتروني لوزارة الثقافة المصرية    البابا تواضروس يصلي قداس عيد الرسل مع شباب أسبوع الخدمة العالمي    رئيس جامعة الأزهر: آية الدعاء في عرفة تقسم الناس إلى فريقين.. وأقوال المفسرين تكشف دقة التوجيه القرآني    صدمة| 3 سنين حبش لسارقي التيار الكهربائي فى هذه الحالات    7 شهداء على الأقل ونحو 40 مصابا فى غارتين إسرائيليتين على مخيم الشاطئ    الصحة: إجراء اختبارات الكشف المبكر عن الدرن الكامن    حالة الطقس غدا الأحد 13-7-2025 في محافظة الفيوم    5 طرق بسيطة لترطيب الجسم في الصيف    شيخ الأزهر ينعى الدكتور رفعت العوضي عضو مجمع البحوث الإسلامية أبرز علماء الاقتصاد الإسلامي    حصاد أسبوعي لنشاط وزير الشئون النيابية.. شارك في جلسات برلمانية حاسمة وأكد أهمية دعم الشباب والحوار المؤسسي    استراتيجية عربية مشتركة للتعاون الجمركي والإداري    سحب على 10 تذاكر.. تامر عبدالمنعم يفاجيء جمهور الإسكندرية    تأييد حكم المؤبد ل«ميكانيكي» بتهمة قتل والدته في الشرقية    وزير الإسكان يتفقد محاور الطرق ومحطة تنقية مياه الشرب الجديدة بمدينة السادات    "لن يخسروا بسبب يوم واحد".. تيباس يرد على مطالب ريال مدريد بتأجيل مباراة أوساسونا    وزيرة البيئة تبحث مع سفيرة المكسيك بمصر سبل التعاون    نتيجة الثانوية العامة 2025.. جار تصحيح المواد لتجهيز النتيجة    وزير الري يشارك فى الاحتفال بالذكرى الحادية والثلاثين لعيد التحرير الوطني لدولة رواندا    القبض على تشكيلات عصابية تخصصت في السرقة بالقاهرة    تنسيق الدبلومات الفنية 2025 التجارة والزراعة والتمريض والصنايع والسياحة فور ظهوره (رابط)    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    الرئيس السيسي يتوجه إلى غينيا الاستوائية للمشاركة في القمة التنسيقية للاتحاد الأفريقي    بائع مصري يدفع غرامة 50 دولارًا يوميا بسبب تشغيل القرآن في تايمز سكوير نيويورك.. ومشاري راشد يعلق (فيديو)    باحث بمرصد الأزهر: التنظيمات المتطرفة تستخدم الخوف كوسيلة للسيطرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي محمد فخرو يكتب: كي لا يصبح الحوار ثرثرة
نشر في الوفد يوم 08 - 05 - 2014

لا ينجح أي حوار في أي مكان مالم تسبقه خطوات تهيئ الظروف والمحاورين من أجل إنجاحه . فالحوار مثلاً بين أصحاب المصالح الأنانية والانتماءات الزبونية لهذه الجهة أو تلك لا يمكن أن ينتج عنه أكثر من ثرثرة المجاملات .
طرح هذه المقدمة الحذرة مرتبط بما يجري من جنون في عالم اليوم الذي نعيش . فهناك جنون التعامل مع البيئة التي يتفاقم سنوياً تدهورها بسبب الكثير من نشاطات الإنسان الخاطئة الملوثة للبيئة، التي إن استمرت في شكلها وعنفوانها الحالي فإن الوجود الإنساني على هذه الأرض، ومعه وجود الكائنات الأخرى، سيصل إلى نهايته في المستقبل المنظور .
وهناك جنون القوة والعظمة، وما يتبعه من استعمار واحتلال وقمع للآخر ونهب لثرواته، الذي مارسته بعض الدول الاستعمارية الأوروبية في الماضي باسم تمدين الآخر، وتمارسه أمريكا حالياً باسم نشر الديمقراطية، وستمارسه غداً دول كبيرة قوية من مثل روسيا والصين والهند والبرازيل وغيرها باسم مبررات ثقافية أو دينية حسب الظروف والحاجة .
وهناك جنون النظام الرأسمالي العولمي الذي أدخل كل مجتمعات العالم في دوامة الاستقطاب الحاد الظالم، بحيث تزداد الأقلية الغنية غنى وتزداد الأكثرية الفقيرة المسحوقة فقراً، شيئاً فشيئاً يتضاءل من وجود الطبقة المتوسطة التي على أكتافها قامت الحضارات عبر تاريخ الإنسانية الطويل .
وهناك جنون الثقافة العولمية المنتشرة في العالم كانتشار النار في الهشيم، التي تقوم على الإغراء المجنون للبشرية كلها بممارسة الاستهلاك النهم لكل شيء مادياً ومعنوياً والارتهان العبودي لمديونية طوال الحياة من أجل دفع ثمن ذلك الاستهلاك العبثي المتصاعد إلى ما لا نهاية .
وهناك جنون صراعات الأديان والمذاهب والأعراق والقبائل التي ما أن تهدأ في مكان حتى تشتعل في أماكن أخرى، تؤججها أفكار دينية وإيديولوجية متزمتة مريضة ويقودها رجال سياسة ودين وعساكر وصناعة أسلحة من خلال إعلام سطحي انتهازي بلا روح وبلا قيم . وفي وطننا العربي يتمثل هذا الصراع المجنون في مرض الانقسام الطائفي السني الشيعي المأساوي العبثي المهدد لمستقبل الإسلام ووجوده، وفي الصعود المذهل لمعتوهي الجهاد التكفيري الذي يلغُ أصحابه في دماء الأطفال والنساء والشيوخ ويحرقون الأخضر واليابس، كل ذلك باسم دين الحق والقسط والميزان والرحمة والغفران والتسامح .
هناك وهناك من هلوسة الجنون وممارسة الجنون ما يملأ المجلدات، في أغلب عالم اليوم وفي أكثر أرض العرب المستباحة المغلوبة على أمرها .
هذا الجنون له مفكروه وكتّابه وإعلاميوه وممولوه وحماته، ولهم صوت ونشاط يملأ جنبات الأرض . ولأنهم أصحاب القوة والمكانة والوجاهة فإنهم يكونون أغلبية من يدعون ليتصدروا موائد حوارات الثقافات والأديان والمذاهب والحضارات .
هنا نعاود الطرح الحذر للمقدمة بشكل آخر: هل أن جمع من يخلقون ويفعلون وينشرون كل تلك الأنواع من الجنون مع القلة التي تحاول أن تنأى بنفسها عن الدخول في حلقات ذلك الجنون، هل جمعهم حول طاولات الحوارات المختلفة سيؤدي إلى أكثر من حوار الطرشان الذي لن يكون أكثر من ثرثرة مجاملات وتمنيات وأحلام طفولية وانتهازية ما وراء الأقنعة؟
ما الدليل على ما نقول؟ الدليل هو أن وجود عشرات المراكز والمنابر والمؤسسات في العالم كله، التي تدعو للحوار، لم ينجح عبر السنين، ولا قيد أنملة، في منع أو تخفيف أو إيقاف عشرات الصراعات سواء في الداخل أو الخارج، وبقيت أغلبية توصيات مؤتمرات الحوارات حبراً على ورق ومادة للمباهاة .
ذلك أن ما تسميه تلك المراكز حواراً بين الثقافات والحضارات والأديان أو غيرها لم يتعد أن يكون في أغلب الأحيان عبارة عن شعارات سياسية أو صور للعلاقات العامة أو أمنيات لأناس يجهلون الأسباب المعقدة لمشكلات وعثرات وجنون العصر الذي نعيش، وبالتالي يعتقدون أن الحلول هي في توجيه دعوة وجلوس حول طاولة .
دعنا نكون صريحين: لن تنجح الحوارات إلا بعد مواجهة ومعالجة ودحر الأفكار والممارسات المجنونة التي تملأ أرض وسماء وبحار هذا الكوكب . بعد أن تدحر المصالح التي وراء ذلك الجنون ويدحر أصحابها والمستفيدون منها، سيكون مفيداً عند ذاك الدخول في حوارات بين عقلاء في عالم عاقل من أجل التناغم والتعاضد بين مكونات البشرية .
ما تحتاجه البشرية والمجتمعات الآن هو الفعل الجماهيري الواعي المستمر المتراكم المتصاعد لإزالة أسباب ولإيقاف فواجع وجرائم كل أنواع الجنون في عالمنا المعاصر وذلك تمهيداً لانتقاله إلى عالم العقلانية والعدالة المطلوبتين لإنجاح أي حوار سواء بالنسبة للمجتمعات أو بالنسبة للعالم . لن يكون الأمر سهلاً ولكنها الحقيقة التي يجب أن تواجه بلا لف أو دوران، فلقد تعب العالم من كثرة الثرثرة وقلة الفعل .
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.