لماذا قرر البنك المركزي تثبيت أسعار العائد الأساسية؟    الأمم المتحدة: عقوبات واشنطن على ألبانيز سابقة خطيرة    الأوقاف ترفض زيارة مزعومة لأئمة إلى إسرائيل: لا تمثل ضمير العلماء ولا الشعوب    رسالة مؤثرة من فالفيردي لمودريتش ولوكاس فاسكيز    علي جبر: الأهلي حصل على كل التسهيلات ليتوج بالدوري    تموين شمال سيناء يضبط دقيقا مغشوشا وبدون فواتير في بئر العبد    استجابة عاجلة لتوجيهات الرئيس السيسي: صرف تعويضات مالية لأسر ضحايا ومصابي حريق سنترال رمسيس    أحدث ظهور.. نانسي عجرم تتألق بفستان أزرق لامع    ختام فعاليات المهرجان القومي للمسرح المصري في طنطا وسط حضور جماهيري واسع    انسحاب نائب من سباق الشيوخ بجنوب سيناء ومرشحان فقط بالقائمة (صور)    "نثق في قدراتكم".. وزير الرياضة يزور معسكر منتخب الناشئين قبل المونديال    إطلاق الدليل التدريبي لمبادرة "دوي" الوطنية بطريقة برايل    مبادرات تثقيفية للأطفال بجناح الأزهر في معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب (صور)    ما حكم إفشاء الأسرار الزوجية؟.. أمين الفتوى يجيب    انتبه- 5 علامات مبكرة تكشف عن وجود ورم في معدتك    تعزز صحة الكبد- 3 توابل أضفها إلى طعامك    بن غفير يحمل الحكومة الإسرائيلية ومفاوضاتها مع "حماس" مسؤولية هجوم "غوش عتصيون"    وزير الدفاع الإسرائيلي: إسرائيل ستضرب إيران مرة أخرى إذا تعرضت للتهديد    «النقل» تستهدف جذب مليون سائح سنويًا من محطات الكروز السياحية    مباحثات مصرية كندية للتعاون بمجال تطوير عمليات البحث والتنقيب عن البترول والغاز    بالصور.. بحضور فتحي عبد الوهاب وبيومي فؤاد ونجم المنتخب زيزو    «الصحة» تنظم حملة لفحص الأمراض المزمنة والكشف المبكر عن الاعتلال الكلوي    شيكابالا يوجه رسالة دعم لإبراهيم سعيد: "لا شماتة في الأزمات"    الأهلي يراقب إياد العسقلاني تحسبًا لرحيل أشرف داري    إشادات واسعة ل سارة التونسي بعد تألقها في مملكة الحرير بدور ريحانة    "السقطي" يوضح تداعيات حريق سنترال رمسيس على قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة    وزير قطاع الأعمال العام يستقبل رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة لبحث تعزيز التعاون المشترك    أوبك تخفض توقعات الطلب العالمي على النفط للسنوات الأربع المقبلة    آرسنال يضم الدنماركي كريستيان نورجارد كصفقة ثالثة في الميركاتو الصيفي    تحرير 521 مخالفة ل«عدم ارتداء الخوذة» وسحب 943 رخصة خلال 24 ساعة    رئيس الوزراء يفتتح مقر مكتب خدمات الأجانب بالعاصمة الإدارية الجديدة    لشباب الباحثين.. إطلاق البرنامج التدريبي الصيفي للسلامة والأمان الحيوي بجامعة بنها    تعاون مشترك بين «التضامن» و«البيئة» في مجالات الاستشارات البيئية وإدارة المخلفات    الكهرباء تنفي حدوث حريق في محطات المحولات على مستوى الجمهورية    تقارير تونسية: انتقال غربال إلى الزمالك يبدو صعبًا.. وأوروبا أولوية اللاعب    «بمشاركة صلاح».. موعد مباراة ليفربول وبريستون والقنوات الناقلة    ياسر ربيع يكتب : من قلب ال " فيلينج " للتشكيلية مها الصغير: " انا لا ارسم ولكني اتجمل"    تعليم البحيرة تعلن بدء المرحلة الأولى لتنسيق القبول بمدارس التعليم الثانوي الفني    «قصر العيني» تستقبل سفير كوت ديفوار لبحث التعاون في إطلاق البرنامج الفرنسي الطبي «KAF»    محامٍ يسلم نفسه لتنفيذ حكم بالسجن 10 سنوات في قضية تزوير توكيل عصام صاصا    الأمن الاقتصادي: ضبط 5600 قضية في حملات موسعة خلال 24 ساعة (تفاصيل)    وزير الصحة يعقد اجتماعًا لمتابعة العمل بمنظومة خدمات نقل الدم القومية    المفتي السابق يوضح حدود الاستمتاع بين الزوجين أثناء الحيض    أحمد عصام السيد فديو بلوجر في فيلم "الشاطر" أمام أمير كرارة وهنا الزاهد    لله درك يا ابن عباس.. الأوقاف تنشر خطبة الجمعة المقبلة    وكالة الأنباء المغربية: إعادة فتح سفارة المملكة المغربية في دمشق    الهيئة العليا للوفد تطالب عبد السند يمامة بالاستقالة    جمال شعبان يحذر من ألم البطن.. علامة خادعة تنذر بأزمة قلبية    باريس سان جيرمان ينهي سجل ريال مدريد المثالي في كأس العالم للأندية    أهالي القنطرة شرق ينتظرون تشييع جثمان الفنان محمد عواد وسط أجواء من الحزن    «التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 5 جمعيات في 4 محافظات    متحدث «الصحة العالمية»: مئات الشاحنات تنتظر خارج معبر كرم أبو سالم    طلاب الثانوية العامة بفيصل: امتحان الرياضة التطبيقية مباشر    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 10 يوليو 2025    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة (فيديو)    وزير الدفاع الأمريكي يبحث مع نتنياهو عملية "مطرقة منتصف الليل"    رابط الاستعلام عن نتيجة التظلمات في مسابقة 20 ألف وظيفة معلم مساعد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 10-7-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي محمد فخرو يكتب: كي لا يصبح الحوار ثرثرة
نشر في الوفد يوم 08 - 05 - 2014

لا ينجح أي حوار في أي مكان مالم تسبقه خطوات تهيئ الظروف والمحاورين من أجل إنجاحه . فالحوار مثلاً بين أصحاب المصالح الأنانية والانتماءات الزبونية لهذه الجهة أو تلك لا يمكن أن ينتج عنه أكثر من ثرثرة المجاملات .
طرح هذه المقدمة الحذرة مرتبط بما يجري من جنون في عالم اليوم الذي نعيش . فهناك جنون التعامل مع البيئة التي يتفاقم سنوياً تدهورها بسبب الكثير من نشاطات الإنسان الخاطئة الملوثة للبيئة، التي إن استمرت في شكلها وعنفوانها الحالي فإن الوجود الإنساني على هذه الأرض، ومعه وجود الكائنات الأخرى، سيصل إلى نهايته في المستقبل المنظور .
وهناك جنون القوة والعظمة، وما يتبعه من استعمار واحتلال وقمع للآخر ونهب لثرواته، الذي مارسته بعض الدول الاستعمارية الأوروبية في الماضي باسم تمدين الآخر، وتمارسه أمريكا حالياً باسم نشر الديمقراطية، وستمارسه غداً دول كبيرة قوية من مثل روسيا والصين والهند والبرازيل وغيرها باسم مبررات ثقافية أو دينية حسب الظروف والحاجة .
وهناك جنون النظام الرأسمالي العولمي الذي أدخل كل مجتمعات العالم في دوامة الاستقطاب الحاد الظالم، بحيث تزداد الأقلية الغنية غنى وتزداد الأكثرية الفقيرة المسحوقة فقراً، شيئاً فشيئاً يتضاءل من وجود الطبقة المتوسطة التي على أكتافها قامت الحضارات عبر تاريخ الإنسانية الطويل .
وهناك جنون الثقافة العولمية المنتشرة في العالم كانتشار النار في الهشيم، التي تقوم على الإغراء المجنون للبشرية كلها بممارسة الاستهلاك النهم لكل شيء مادياً ومعنوياً والارتهان العبودي لمديونية طوال الحياة من أجل دفع ثمن ذلك الاستهلاك العبثي المتصاعد إلى ما لا نهاية .
وهناك جنون صراعات الأديان والمذاهب والأعراق والقبائل التي ما أن تهدأ في مكان حتى تشتعل في أماكن أخرى، تؤججها أفكار دينية وإيديولوجية متزمتة مريضة ويقودها رجال سياسة ودين وعساكر وصناعة أسلحة من خلال إعلام سطحي انتهازي بلا روح وبلا قيم . وفي وطننا العربي يتمثل هذا الصراع المجنون في مرض الانقسام الطائفي السني الشيعي المأساوي العبثي المهدد لمستقبل الإسلام ووجوده، وفي الصعود المذهل لمعتوهي الجهاد التكفيري الذي يلغُ أصحابه في دماء الأطفال والنساء والشيوخ ويحرقون الأخضر واليابس، كل ذلك باسم دين الحق والقسط والميزان والرحمة والغفران والتسامح .
هناك وهناك من هلوسة الجنون وممارسة الجنون ما يملأ المجلدات، في أغلب عالم اليوم وفي أكثر أرض العرب المستباحة المغلوبة على أمرها .
هذا الجنون له مفكروه وكتّابه وإعلاميوه وممولوه وحماته، ولهم صوت ونشاط يملأ جنبات الأرض . ولأنهم أصحاب القوة والمكانة والوجاهة فإنهم يكونون أغلبية من يدعون ليتصدروا موائد حوارات الثقافات والأديان والمذاهب والحضارات .
هنا نعاود الطرح الحذر للمقدمة بشكل آخر: هل أن جمع من يخلقون ويفعلون وينشرون كل تلك الأنواع من الجنون مع القلة التي تحاول أن تنأى بنفسها عن الدخول في حلقات ذلك الجنون، هل جمعهم حول طاولات الحوارات المختلفة سيؤدي إلى أكثر من حوار الطرشان الذي لن يكون أكثر من ثرثرة مجاملات وتمنيات وأحلام طفولية وانتهازية ما وراء الأقنعة؟
ما الدليل على ما نقول؟ الدليل هو أن وجود عشرات المراكز والمنابر والمؤسسات في العالم كله، التي تدعو للحوار، لم ينجح عبر السنين، ولا قيد أنملة، في منع أو تخفيف أو إيقاف عشرات الصراعات سواء في الداخل أو الخارج، وبقيت أغلبية توصيات مؤتمرات الحوارات حبراً على ورق ومادة للمباهاة .
ذلك أن ما تسميه تلك المراكز حواراً بين الثقافات والحضارات والأديان أو غيرها لم يتعد أن يكون في أغلب الأحيان عبارة عن شعارات سياسية أو صور للعلاقات العامة أو أمنيات لأناس يجهلون الأسباب المعقدة لمشكلات وعثرات وجنون العصر الذي نعيش، وبالتالي يعتقدون أن الحلول هي في توجيه دعوة وجلوس حول طاولة .
دعنا نكون صريحين: لن تنجح الحوارات إلا بعد مواجهة ومعالجة ودحر الأفكار والممارسات المجنونة التي تملأ أرض وسماء وبحار هذا الكوكب . بعد أن تدحر المصالح التي وراء ذلك الجنون ويدحر أصحابها والمستفيدون منها، سيكون مفيداً عند ذاك الدخول في حوارات بين عقلاء في عالم عاقل من أجل التناغم والتعاضد بين مكونات البشرية .
ما تحتاجه البشرية والمجتمعات الآن هو الفعل الجماهيري الواعي المستمر المتراكم المتصاعد لإزالة أسباب ولإيقاف فواجع وجرائم كل أنواع الجنون في عالمنا المعاصر وذلك تمهيداً لانتقاله إلى عالم العقلانية والعدالة المطلوبتين لإنجاح أي حوار سواء بالنسبة للمجتمعات أو بالنسبة للعالم . لن يكون الأمر سهلاً ولكنها الحقيقة التي يجب أن تواجه بلا لف أو دوران، فلقد تعب العالم من كثرة الثرثرة وقلة الفعل .
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.