خلق الله الجنة والنار قبل أن يخلق أبا البشر جميعاً آدم عليه السلام.. وحينما خلق جل شأنه آدم وحواء من بعده كان قادراً علي أن يبقيهما وذريتهما في الجنة وفي هذه الحالة كان البشر جميعاً من بني آدم سيكون أمة واحدة متفرغة للعبادة وحمد الله وتسبيحه وشكره إلا أن الخالق الأعظم جعل البداية في الجنة ثم أراد أن ينزل آدم وزوجه من الجنة ليكون تناسل بني الإنسان علي ظهر الأرض شعوباً وقبائل وأرسل إليهم الأنبياء والرسل من بينهم لهدايتهم إلي طريق الصواب في الحياة الدنيا إلا أنه ترك لكل إنسان حرية الاختيار بين الصواب والخطأ ويكون الصواب هو الطريق إلي الجنة والخطأ هو الطريق إلي النار في الحياة الآخرة بعد فناء كل من علي ظهر الأرض من مخلوقات..!!ط ومن هنا تعددت المعتقدات الدينية والروحية علي مدي الأجيال السابقة وإلي يوم الدين فتعددت المذاهب والملل والنحل بين المؤمنين بالله وبين من خلقهم لا يؤمنون به جل شأنه ومنحهم حق الحياة فمنحهم كما منح المؤمنين به حق الاختيار والقدرة عليه بين الصواب والخطأ من موقف إلي آخر ومن بداية حياة الإنسان إلي نهايتها ومن بداية الخلق إلي يوم القيامة وأصبحنا نجد الآن المؤمن بالله وغير المؤمن بالله ولكنه إنسان يعيش ويتعامل مع المؤمنين بالله.. وبعبارة أخري يمكن القول إن الكافر مؤمن بكفره والمؤمن بالله مؤمن بالله وفي النهاية سيحاسب الله الجميع علي حسن أو سوء الاختيار بين الصواب والخطأ علي مدي العمر كله..!! وفيما يتعلق باختيار الصواب في كل المعاملات الدنيوية إلا في حالات استثنائية يسمح الخالق الأعظم بخطأ الإنسان مع تغمده بالرحمة والمغفرة بضوابط موضوعية محددة علي سبيل الحصر "سبق أن تناولناها مراراً في بعض أحادينا وكتاباتنا" فإن المتحدث الآن يحترم من صنع "الساعة" التي يحملها معصم يده حتي إن كان لا يؤمن بالله لأن الله قد خلقه ومنحه حق الحياة فاختار الصواب في صنعته وقدم الخير من خلال اختياره لكل البشر وبالتالي فإن من حقه أن يستفيد من الخير الذي يقدمه من يقولون إنهم مؤمنون بالله فالكل يستفيد من خير الكل دون خطأ أو عدوان لأنه لا عدوان إلا علي الظالمين وهذه هي الرسالة التي خلق الله الإنسان من أجلها وجعله خليفته جل شأنه في الأرض.. وحول هذه الرسالة تعددت المذاهب والملل والنحل والمعتقدات الدينية والإلحادية وظهر الصراع بين البشر في فهم هذه الرسالة ليس بين مذهب وآخر وإنما داخل المذهب الواحد أو الملة الواحدة.. وظهرت مدارس فكرية حول هذا الصراع تارة باسم الصراع بين الأديان وتارة باسم الحوار بين الأديان وتارة باسم الصراع أو الحوار بين الحضارات أو بين الثقافات إلي أن ظهر مصطلح ثالث باسم التحالف بين الحضارات بل إن المتحدث الآن قد وفقه الله تعالي الحديث وهناك مصطلح رابع في هذا الشأن وهو مصطلح التعامل بين الحضارات باعتبار أنه لا يوجد صراع أو حوار أو تحالف بين الديانات لأن الدين السماوي في جوهره دين واحد لأن الله واحد وإن كان المؤمنون به جل شأنه يعبدونه بطرق فيها اختلاف معين من رسالة سماوية إلي أخري وهذا أمر ليس محلاً للحوار بين المؤمنين بالله ولا ينبغي أن يكون مجالاً للصراع بين أصحاب الرسالات السماوية أو بين أصحاب الرسالة الواحدة وإنما المجال هو مجال تعامل في الخير بين كل البشر في المعاملات الدنيوية دون جدل في أساس العقائد وجانب العبادات عند كل البشر إلا أننا نجد أن هذا المعني غائب في الخطاب الديني الذي يقوم حتي الآن في العالم كله علي أساس البحث عن هذه المسائل المشتركة يقوم به كل صاحب رسالة سماوية معينة من خلال نصوصه السماوية المقدسة لمحاولة فرض المعني الذي يراه هذا المفكر أو ذاك من وجهة نظره هو علي كل المعاني التي يراها المؤمنون بنصوص مقدسة أخري بحسب الرسالة السماوية التي يؤمن بها هذا أو ذاك..!! ومن أجل هذا نجد أن الخطاب الديني علي أساس الحوار بالنصوص السماوية من كل حسب نصوصه هو في مواجهة نصوص أخري للمشاركين في أي حوار بدءاً من جمعية خيرية إلي رئاسة الدولة.. الخطاب الديني علي هذا الأساس لم يحقق النجاح المنشود في تحقيق التآلف والتوافق بين كل البشر بصفة عامة وكل المؤمنين بأي رسالة سماوية أو أكثر بصفة خاصة.