أكتب عن قرب طى صفحة النزاع الذى استمر طويلا وصدعت به الرؤوس من متابعة أطواره!، وما أعنيه هنا هو نهاية «سعيدة» بعد طول اضطراب حفل به النزاع بين جامعة النيل من جانب، ومدينة زويل العلمية من جانب آخر!، وجامعة النيل ترى أنها أحق بالأرض التى أقامت عليها مبانيها ومختلف تجهيزاتها العلمية لمستقبل بعض من طلاب التحقوا بها. ثم تمسك مدينة زويل بأن الأرض التى ترى جامعة النيل أنها تخصها هى ملك خالص لها!، ودارت عجلة النزاع دورات «شيطانية» شهدت المحاكم المختصة جانبا كبيرا فيها دون أن يستقر النزاع وينتهى النهاية «السعيدة» التى أعلنت منذ يونية. بعد أن أصدر رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب قراراً تنفيذيًا تحت رقم 713 بشأن إعادة تسليم «جامعة النيل» الأراضى والمبانى والتجهيزات المقامة فى الأرض التى سبق تخصيصها لوزارة الاتصالات فى مدينة الشيخ زايد إلى الجامعة، وذلك بمعرفة لجنة مشكلة من الوزارة وصندوق تطوير التعليم و«مدينة زويل»، وقد تضمن القرار أن تبقى مدينة زويل فى مزاولة نشاطها التعليمى من خلال استخدامها أحد المبانى المخصصة لجامعة النيل، وذلك لفترة مؤقتة تنتهى بإقامة مدينة زويل مبنى خاصا بها على نفقتها فى الأرض التى خصصت لها بمدينة 6 أكتوبر بقرار من رئيس الجمهورية، على أن تتحمل مدينة زويل تكاليف وأعباء الصيانة واستهلاك الكهرباء والمياه خلال مدة شغلها المؤقتة لمبنى فى جامعة النيل. ولست بصدد الدخول فى أى تفاصيل أحاطت بالتوصل إلى هذه النهاية السعيدة، يكفى أن أذكر أن هناك الترحيب بقرار محلب قد جاء فى بيان لمدينة زويل، كما رحب رئيس جامعة النيل بالقرار، كما عبر الطلاب والباحثون فى جامعة النيل بالقرار، الذى سيحتفلون بصدوره مع رئيس الوزراء، لكن ما أتوقف عنده استهلاكنا للوقت والمال والجمهور فى نزاعات مثل نزاع النيل - زويل!، من المحاكم إلى التراشق على الشاشات والصحف بكتابات لأنصار كل من الجانبين!، إلى حدود وصل فيها التعبير عن هذا «العراك» بمفردات لا تليق بقدر الجامعات ولا المدن العلمية ولا العالم الكبير د. أحمد زويل والتساؤل المريب عن أموال تبرعات بذلت من جهات كثيرة لمدينة زويل!، وما كان أيسر على المسئولين فى هذه الدولة تدارك تفاقم هذا النزاع حفاظا على الحقوق والحقيقة إلى غير ما يليق بالكرامات والقامات العلمية التى أصبحت أطرافا فى الموضوع!، فقرار رئيس الوزراء - وكم مر النزاع على وزارات سابقة - محلب قد حسم الموضوع بالتشاور الواضح مع رئيس الجمهورية الذى بادر بتخصيص أرض لمدينة زويل، وترك أرض جامعة النيل خالصة لها ولباحثيها وطلابها!، ولم يكن هذا النزاع فى أصله غير اصطياد الكثيرين فى الماء العكر باستثماره!، وهو استثمار غير نظيف لمصالح ضيقة لا يتسم التشدد فيها بالنزاهة!، فالنيل لها حقوق. ومدينة زويل لها حقوق، والدولة حريصة على أن المصلحة المصرية العامة تقتضى منها أن تحفظ لكل جانب حقوقه، والأمر ينتهى - أو هكذا انتهى - بأن تخصص لمدينة زويل الأرض المناسبة لها كمدينة علمية بحثية، فمصر فى حاجة إلى الجامعة والمدينة معا، وقد أسرفنا كثيرًا فى تخصيص مساحات من أراضى الدولة لمشروعات أقل قيمة بكثير!، ومدينة زويل تستحق أرضا. وجامعة النيل أصبحت واقعا على الأرض فعلا. فهل كان فض النزاع صعبا ومستعصيا فى حله على الدولة والحكومة.