كم تتكبد الدولة من نفقات تتحملها بعد قرارها بعودة الأصول السينمائية إلي كنفها بعد أن ظلت طيلة سنوات ماضية تابعة لمستثمرين بالشراء أو التأجير التمويلي أو غير ذلك من النظم!، ولنلاحظ أن أحداً من أهل صناعة السينما المصرية لم يبادر إلي استحداث ستوديو سينمائي أو دار عرض أو غير ذلك!، بل انطلق الاستثمار في أصول السينما إلي شبه حيازة هذه الأصول فقط، وتشغيلها بغية تحقيق أرباح ليس لها مقابل في نفقات تحديث أو اضافة أو خلافه!، وقد لقي قرار رئيس مجلس الوزراء بعودة أصول السينما إلي الدولة ممثلة في وزارة الثقافة أصداء ما بين الرفض والقبول إلي الترحيب والحفاوة من البعض!، لكنني- علي صعيدي الشخصي- أحسست أن السينمائيين قد تركوا صناعتهم وأساس وجودهم دون حماية بأنفسهم أو أموالهم بحيث عاشت الصناعة السينمائية عارية الظهر ينتج فيها كل من هب ودب ما يحقق له أقصي الأرباح بالاعتماد علي كل ما يؤذي الشعور العام ويصدم المواطن ليجعل ما أدركه من أفلام جيدة مجرد ذكري بلا عودة!، لكن ما وقع وقع!، واستدرجت الدولة للفخ السينمائي الذي لا يعني سوي عودة الأصول السينمائية «خرائب» يرثي لها حيث لم يلحق بها أي تطوير من جانب ملاكها!، وقد تصورت أن الدولة- قبل أن يتخذ رئيس مجلس الوزراء قراره- أن تعرض دراسة دقيقة عن الأحوال الحقيقية لهذه الأصول وكم يتكلف العودة بها إلي لياقة كاملة تتيح تشغيلها بعد ذلك تشغيلاً اقتصادياً يحقق عوائد مناسبة!، بدلاً من أن تكتشف الدولة بعد عودة الأصول إليها- وبعد رحلة من التقارير والحجج القانونية التي تعود بها إلي كنف الدولة- ان اللازم لتحقيق لياقتها مرة أخري أموال باهظة لا تفي بها أحوال خزانة مصر العامة حالياً! ومن واقع تجربة الأحكام التي قضت بعودة بعض الأصول الاقتصادية إلي الملكية العامة، بعد ما ثبت للمحاكم أن هذه الأصول قد بيعت بعقود شابها العوار!، بعد هذا بدت الدولة غير راغبة في استرداد هذه المنشآت الاقتصادية إلي ملكيتها العامة من خلال شركاتها القابضة!، وكان بعض موظفي وعمال هذه المنشآت قد سعدوا بالأحكام وتوقعوا خيراً يعود عليهم بعودتهم إلي أعمالهم واستئناف المنشآت نشاطها الاقتصادي!، وكان من أسرار عزوف الدولة عن استعادة ولايتها علي المنشآت العائدة انها أدركت انها في حاجة إلي أموال كثيرة لإنفاقها علي الأصول التي عادت وقد شهدت حالة من التفريط في بعض ما تملك، مما أدي إلي عودة المنشآت في أحوال متردية لا تمكنها من العودة لنشاطها الذي تقوم به من قبل! لكن كل ما وصل إلي علمنا أن الأصول السينمائية العائدة عبارة عن 32 دار عرض سينمائي وأربعة استوديوهات، وبعض الأفلام التي لم يتم بيعها لقنوات التليفزيون الخليجية، مثلما باع بعض المنتجين انتاجهم السينمائي الخاص إلي هذه القنوات غير عابئين بأن ما أنتجوه هو تاريخ مصر السينمائي!، حتي ان هناك أفلاماً من أصول إنتاجنا قد أصبح العثور عليها صعباً للغاية، وفي حوزة بعض الأجانب!، فهل يمكن أن تتحمل الدولة ورطة بهذا الحجم استدرجت إليها في فورة حماس وتهدئة الخواطر!