حالة من الترقب والاستنفار تعيشها الجامعات المصرية في مختلف المحافظات الآن، طلاب الإخوان يسعون لإشعال الجامعات وقوات الأمن أمام البوابات تستعد للدخول خاصة بعد القرار الذي اتخذه مجلس عمداء جامعة القاهرة بالسماح لقوات الأمن بدخول الجامعة، ووسط هذه الحالة الأسوأ في تاريخ مصر يطالب الطلاب والأستاذة والخبراء بضرورة عودة الحرس الجامعي، ولكن بفكر جديد يضمن تحقيق الأمن والاستقرار داخل مؤسسات التعليم في مصر، دون التدخل في العملية التعليمية أو الانتخابات الطلابية. ثلاثة أعوام كاملة مرت علي خروج الحرس الجامعي خارج الجامعات بعد الحكم الذي أصدرته المحكمة الإدارية العليا في 2010، بتأييد حكم إلغاء الحرس الجامعي، واستبداله بوحدات للأمن الجامعي تتبع وزارة التعليم العالي شهدت الجامعات خلالها أحداثا جساما، بدءا من ثورة 25 يناير حتي ثورة 30 يونية وعقب فض اعتصامي «رابعة» و«النهضة» حاولت جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية استغلال الجامعات لإشعال مصر، خاصة أن نفوذ الجماعة كان ضاربا في جذور الجامعات المصرية منذ سنوات طويلة، حيث حولوا الجامعات المصرية الي معاقل لتجنيد الشباب مستغلين الظروف الاقتصادية لعدد كبير منهم أو لعبا علي وتر الدين، والتقرب الي الله، ومن هنا زاد نفوذهم داخل الجامعات التي تحولت الي مسرح ساخن للأحداث طوال الفترة الماضية، وما حدث في جامعات الأزهر والقاهرة وعين شمس والمنصورةوالمنوفية وغيرها خير دليل علي ذلك وبعد التفجيرات التي شهدتها جامعة القاهرة في الأسبوع الماضي التي راح ضحيتها العميد طارق المرجاوي، وأصيب فيها 6 ضباط آخرين وجدت الجامعات المصرية نفسها في مأزق بين تنفيذ رغبة الطلاب والنشطاء بإبعاد الحرس الجامعي، وبين عودة الشرطة والسماح لهم بدخول الجامعات،خاصة أن وجود قوات الشرطة في الخارج لم يحل دون تحطيم مكتب عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة الدكتور محمود كبيش في الترم الأول، ووفاة طالب بكلية الهندسة برصاصات غادرة، وصل الأمر لاستهداف رجال الشرطة بالقنابل أمام الجامعات وهو ما يؤكد أن الإرهاب كشف عن وجهه القبيح أمام أبواب الجامعات المصرية، ومن ثم لم يجد مجالس عمداء جامعة القاهرة بُدا من السماح لقوات الشرطة بدخول الحرم الجامعي لتأمين الطلاب وهيئة التدريس ضمن المنظومة الشاملة لحماية الجامعة، وقام الدكتور جابر نصار رئيس الجامعة يوم السبت الماضي بإرسال خطابات رسمية لكل من وزراء الداخلية والتعليم العالي ومحافظ الجيزة لتنفيذ قرار مجلس العمداء بالسماح للقوات بدخول الحرم الجامعي لتأمينه، وهو ما يعد تغيرا ملحوظا في موقف الدكتور «نصار»، الذي عارض بشدة دخول القوات للحرم الجامعي من قبل. ولأن الضرورات تبيح المحظورات اتخذ مجلس العمداء قراره وفي الوقت نفسه سمحت جامعة عين شمس لقوات الأمن بدخول الحرم الجامعي للسيطرة علي مظاهرات الطلاب التي انطلقت من أمام كلية التجارة وتوجهت الي المبني الإداري للجامعة بقصر الزعفران، كما شهد عدد كبير من الجامعات أحداث شغب كان أبطالها الطلاب المنتمين للجماعة الإرهابية وأنصارهم حيث شهدت جامعة المنيا أحداث شغب أسفرت عن احتراق مدرعة شرطة كما شهدت جامعة المنصورة أحداثا مماثلة، وهو ما زاد من المطالبة بعودة الحرس الجامعي وتواجد الشرطة داخل حرم الجامعات للمحافظة علي المنشآت والأرواح وضمان استمرار سير الدراسة في الجامعات. عودة الحرس الجامعى تثير جدلاً بين الطلاب والأساتذة المؤيدون يرحبون بتكثيف التواجد الأمنى.. والرافضون يخشون التقارير الأمنية
قرار مجلس عمداء جامعة القاهرة بالسماح للشرطة بدخول الحرم الجامعى جاء علي هوى الكثيرين، طلاب وأساتذة اتفقوا مع عودتهم، وأكدوا ضرورة العودة ولكن بشروط، وآخرون اختلفوا وأكدوا أنها عودة للوراء. في البداية أكد الدكتور مغاورى شحاتة دياب، رئيس جامعة المنوفية الأسبق، أن الظروف الآن تحتم عودة الشرطة للحرم الجامعى، ولكن بشكل مختلف عما كان عليه الحرس الجامعى من قبل، فالآن لدينا إرهاب يهدد الجامعات، ويحول دون إتمام العملية التعليمية في معظم الجامعات، وهناك حالة من عدم الاستقرار الأمني في الجامعات، وهذا يتطلب مواجهتها بتكثيف التواجد الأمني في الجامعات، وتغيير منظومة الأمن التي كان يعمل بها الحرس الجامعى من قبل، فالحرس الجامعى قديماً كان يتكون من عدد محدود من القوات بقيادة لواء، وفي كل كلية كان يوجد عدد من القوات يحدد بناء على عدد طلاب الكلية ومنشآتها ومشكلاتها، وغالباً لم يكن عدد القوات يزيد على 15 فرداً، تنحسر مهمتهم في تأمين المنشآت، ولكن كان يؤخذ علي حرس الجامعة تدخله في كل شيء بدءاً من الآراء ومجلات الحائط، ووصولاً للمظاهرات والاحتجاجات، وكان يتم إرسال قوائم لأمن الدولة بأسماء الطلاب، وترفق تقارير الأمن في ملفاتهم، وهذا الشكل القديم للحرس الجامعى لا يتناسب مع الظروف الحالية، لذلك يجب أن يعود حرس الجامعة، ولكن بشكل جديد لحماية المنشآت والأرواح، خاصة أن أفراد الأمن الإدارى للعاملين في الجامعات الآن لا يستطيعون حماية أنفسهم، لذلك فالظروف الحالية تحتم وجود نقاط أمنية كثيرة في الجامعة، تضم أفراداً مدربين علي مكافحة الشغب، لضمان سلامة الطلاب والمنشآت الجامعية. وطالب بحماية الجامعات بشكل كامل، خاصة أن معامل الكيمياء بكليات العلوم توجد بها مواد قابلة للاشتعال والانفجار، وأي عمل إرهابي فيها قد يهدد بكارثة، لذلك يجب أن توجد قوات في كل الجامعات علي أهبة الاستعداد للتعامل مع مثل هذه العمليات الإرهابية. وأكد أن هذه القوات يجب أن يكون وجودها في الجامعات مؤقتاً لحين استقرار الأوضاع، بعدها يعود الحرس الإدارى مرة أخرى. وأشار إلى أن هذا ليس ردة، ولكنه ضرورة لحماية الأرواح والمنشآت الجامعية، وليس فيه أي مساس باستقلال الجامعات. الحرس.. والامتحانات في الوقت نفسه أكد الطلاب أن عودة الحرس الجامعي ضرورة لضمان سير العملية التعليمية، خاصة أن الامتحانات علي الأبواب. وأكدت منة الله أبو السعود، طالبة بالفرقة الأولى بكلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان، أن الظروف الحالية تتطلب عودة الشرطة للجامعات، فنحن نأتي للجامعة للتعليم، وليس لنموت، لذلك يجب أن تكون هناك جهة مهمتها حمايتنا في الجامعات، خاصة أن العمليات الإرهابية أصبحت في كل مكان، ولا نعلم من أين يأتينا الموت، من قنبلة مزروعة أم رصاصة من جانبنا؟ وتلتقط عائشة طارق، طالبة بالفرقة الأولى بكلية الآداب جامعة القاهرة، أطراف الحديث، مشيرة إلى أنها أصبحت تخاف دخول الجامعة بعد تكرار العمليات الإرهابية، لذلك تطالب بضرورة تواجد الشرطة داخل الحرم الجامعى لحماية الطلاب الذين أتوا إلى الجامعة من أجل التعليم وليس الموت، وأضافت: لسنا ضد الإخوان ولا معهم، فإذا كان من حقهم التعبير عن رأيهم، إلا أن هذا التعبير يجب أن يكون سلمياً وماداموا لم يلتزموا بالسلمية، فلابد من وجود جهة تحمينا من إرهابهم. وأشار عبدالله حمدى، الطالب بالفرقة الأولى بكلية التجارة جامعة القاهرة، إلى أن وجود الأمن في الجامعة أثناء امتحانات التيرم الأول حال دون وقوع أى أحداث، لذلك يجب أن تستمر هذه التجربة، وتعود الشرطة للحرم الجامعى لحماية العملية التعليمية من الإرهاب. على صعيد آخر اعترض محمود نعمان، الطالب بالفرقة الثالثة بكلية العلوم، على عودة الشرطة للجامعة، مشيراً إلى أن تجربة وجود الحرس الجامعى من قبل، كانت سيئة نظراً لتدخلهم في كل شىء في الجامعة خاصة انتخابات الاتحادات الطلابية، لذلك لا نريد تكرار هذه التجربة مرة أخرى، ولكن نظراً للظروف الحالية التي تمر بها الجامعات فيمكن الاستعانة بقوات الشرطة لتأمين الجامعات من الخارج فقط، بينما أكد أحد الطلاب المنتمين لجماعة 6 أبريل بجامعة القاهرة أننا سنناضل من أجل عدم عودة الحرس الجامعي مرة أخرى، فالشرطة تريد أن تأخذ الأحداث الحالية ذريعة للعودة إلى الجامعة، ولكننا لن نقبل بعودتهم مرة أخرى. الكشف عن المفرقعات والبوابات الإلكترونية.. شروط أساسية خبراء: مطلوب فكر جديد لمواجهة شغب الجامعات سفير نور: التأمين الجاد وليس التواجد الظاهرى.. محمود قطرى: التحرك يجب أن يكون قبل الكارثة بين الموافقة والمعارضة انقسم خبراء الأمن حول عودة الشرطة للجامعات، حيث أكد اللواء سفير نور، الخبير الأمني ووزير الأمن الداخلى بحكومة الوفد، أن عودة الحرس الجامعى عود أحمد، ولكن يجب أن تكون هذه العودة بشكل جديد وبشروط جديدة، بحيث تكون بهدف التأمين الجاد، وليس من أجل التواجد الظاهرى فقط، كذلك يجب أن يكون عدد القوات مناسباً لتأمين المنشآت والأرواح، على أن تتواجد هذه القنوات داخل وخارج الحرم الجامعى، وتكون قادرة على التصدى لأى محاولة من جانب البعض للتعدى أو تخريب المنشآت أو الاعتداء على العاملين وأعضاء هيئة التدريس أو الطلبة. تسليح جيد وأضاف أن هذه القوات يجب أن تكون مسلحة تسليحاً جيداً، ولديها القدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة في الوقت المناسب، دون تأخير أو تعجيل، لأن القرار المناسب في الوقت المناسب هو النجاح الأكبر. وأكد أن الحرس الجامعى بشكله الجديد، يجب ألا يتدخل في الشئون الداخلية للجامعات، فلا دخل له بالانتخابات سواء كانت الانتخابات الطلابية، أو ترقيات الأساتذة، إنما يكون دوره مقصوراً على حماية الأمن داخل الجامعة، والحفاظ على الأرواح والمنشآت واستمرار العملية التعليمية. حراسات خاصة علي الجانب الآخر يرفض اللواء محمود قطرى، الخبير الأمني، فكرة عودة الحرس الجامعي مرة أخرى، لأن هناك قاعدة عامة في العلوم الأمنية الحديثة، وهي أن الشرطة يجب أن تظل عمومية تحرس المواطنين ولا تقوم بعمل الحراسات الخاصة، ولكن المشكلة في مصر أن الشرطة تحولت إلى حراسات خاصة، لذلك يجب أن يتم التوسع في الأمن الخاص، أي أن يكون لكل وزارة أو مصلحة ومنها الجامعات أمن خاص، يقوم بحراستها، علي أن تتعاون هذه الإدارات الأمنية مع وزارة الداخلية، بحيث يتم تدريب رجال الأمن الخاص في الوزارة، لحماية المنشآت، ويصرح لهم بحمل أسلحة، وهذا هو الوضع الذي يجب أن يكون سائداً في كل المنشآت والهيئات في مصر. وعن أحداث الشغب التي تشهدها الجامعات الآن قال: هذا وضع استثنائى يتطلب التعامل معه بشكل مختلف، حيث يجب أن يتم توفير نقاط شرطة مؤقتة داخل الأماكن الملتهبة بالجامعات تضم تشكيلة من الجنود، (التشكيل يضم 100 عسكرى) معهم أجهزة للكشف عن المفرقعات، وكلام بوليسية مدربة، مع عمل بوابات إلكترونية في الأماكن المتلهبة لكشف أي شخص يدخل الجامعة وهو يحوز أي مواد متفجرة، علي أن تكون هذه القوات مستعدة للتعامل مع أى أحداث شغب وفقاً للمعطيات المتاحة أمامهم، وكل هذا ينبع من مفهوم الأمن الوقائى الذي أغفلته الداخلية، علي أن تقوم هذه القوات دائماً بتمشيط المناطق المحيطة بالجامعات للكشف عن وجود أي متفجرات بها قبل وقوع الكارثة.