تعيش الجامعات حالة من الفوضى والعنف والبلطجة لم تشهدها من قبل.. فلأول مرة نشاهد الأسلحة البيضاء بمختلف أنواعها - السنج والمطاوى والسكاكين - وأيضًا زجاجات المولوتوف فى أيدى الطلبة داخل حرم الجامعة لتتحول الجامعات من منارات للعلم إلى ساحات للقتال فضلًا عن عمليات التخريب والدمار التى تتعرض لها المنشآت والأجهزة التى تقدر بعضها بملايين الجنيهات فى ظاهرة غريبة على جامعاتنا.. وفى الوقت الذى يقابله وزير التعليم العالى د. حسام عيسى بالرفض لعودة الحرس الجامعى مرة أخرى، لكن مجلس الوزراء سمح بدخول الشرطة بناء على استدعاء من رئيس الجامعة ودون استصدار إذن من النيابة لمواجهة حالة الانفلات الأمنى. بداية.. يكشف د. حسام عيسى وزير التعليم العالى عن خطة جديدة لمواجهة هذا الانفلات وتأمين الجامعات فى الأيام المقبلة للحفاظ على أمن وسلامة الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والمنشآت حيث سيتم تزويد الجامعات ببوابات إلكترونية وكاميرات مراقبة.. كما تقرر تفتيش كل السيارات التى ستدخل إلى حرم الجامعات بما فيها سيارات الأساتذة وذلك بعد ورود معلومات عن قيام أحد الأساتذة بجامعة الزقازيق بإدخال أسلحة. فضلًا عن الإجراءات الجديدة التى وافق عليها مجلس الوزراء - مؤخرًا - بتواجد قوات من الشرطة خارج بوابات الجامعات للمعاونة ومساعدة الأمن الإدارى فى ضبط حركة الدخول والتحقق من هويات الطلاب لضمان عدم تسلل عناصر غريبة من خارج الجامعة.. وأيضًا إعطاء رئيس الجامعة الحق فى استدعاء الشرطة للدخول إلى حرم الجامعة عند الاستشعار بوجود خطر يهدد أمن جامعته.. موضحًا بأن الشرطة ليست بحاجة إلى إذن من النيابة أو حتى استدعاء من رئيس الجامعة للتدخل لحماية الطلاب من الشغب الذى يهددهم ويهدد المنشآت. وأوضح أن الجامعات ليست مستقلة عن الدولة أو قانون العقوبات. وأشار إلى أنه سيعرض على مجلس الوزراء فى اجتماع قادم الاحتياجات المالية للجامعات لتلبية مستلزماتها من الأفراد والمعدات لتأمين الجامعات. وأكد على تمسكه بعدم عودة الحرس الجامعى مرة أخرى والذى وصفه بأنه «سيئ السمعة».. وأن هذه الإجراءات التى اتخذت كافية لتحقيق الأمن والانضباط للجامعات. ومن جانبه يؤكد د. حسين عيسى رئيس جامعة عين شمس أن الجميع يحتاج للأمن وعودته وخاصة المؤسسات التعليمية لأن أى مؤسسة بدون أمن لا قيمة لا. ويرى رئيس جامعة عين شمس أن عودة الأمن المفقود للجامعات يتطلب اتباع أسلوبين.. الأسلوب الأول دعم الأمن الإدارى بكل قوة ورفع مستوى أدائه وإمداده بالمعدات المساعدة مثل البوابات الإلكترونية لتفتيش الداخلين لحرم الجامعة وكذلك كاميرات المراقبة.. والأسلوب الثانى وهو متمثل فى القرار الذى اتخذه مجلس الوزراء - مؤخرًا - بعد أحداث جامعة الأزهر بتواجد الشرطة خارج أبواب وأسوار الجامعات وإعطاء رؤساء الجامعات الحق فى استدعاء الشرطة لحماية المنشآت والممتلكات وأرواح الطلبة وأعضاء هيئة التدريس والعاملين. كما يرى د. حسين - بضرورة أن يكون لدى الطلاب إحساس بأهمية التعليم واحترام للمكان الذى يتعلمون فيه - هذا الإحساس ليس مسئولية الجامعة بقدر ما هو مسئولية التعليم قبل الجامعى والأسرة.. موضحًا أن هناك شيئا ما يواجه الأخلاقيات.. والرهان على الأخلاق يحتاج إلى وقت.. فالأمر يحتاج لإعادة صياغة للمناهج التعليمية لتحث على الأخلاق.. وتعليم الطلاب أن للجامعة قدسيتها ولها حرمتها.. وأن الطالب لا يجب أن يضيع وقته فى أشياء لا قيمة لها. تحت التجريب وفى نفس السياق يرى د. أشرف الشيحى رئيس جامعة الزقازيق أن عودة الأمن المفقود للجامعات يحكمه معايير كثيرة وليست هناك وصفة سحرية لعودته ومنها الإحساس بالمسئولية تجاه الجامعة وحث الطلبة إنهم أتوا للجامعة لتلقى العلم وأن غير ذلك سيكون هم المضارين. وأضاف أن الإجراءات التأمينية للجامعات قد بدأت - بالفعل - ومنذ قرار مجلس الوزراء بالسماح للشرطة بالتواجد على أبواب الجامعات.. وأن هذه التجربة محل التجريب حاليًا ولابد أن نعطيها الفرصة لتحديد هل هذا الإجراء بتواجد الشرطة على أبواب الجامعات سيكون قويًا ورادعًا وكافيًا أم أننا نحتاج لشىء آخر أكبر وأقوى. وأكد د. الشيحى أنه مع الرأى الذى يؤيد عودة الحرس الجامعى مرة أخرى ولكن ليس بالشكل القديم.. وأن تكون عودته وفق ضوابط جديدة وليس وسيلة لقمع الرأى وتقييد الحريات. ويرى د. الشيحى أن الأمر يتطلب أيضًا بالإحالة للتأديب كل من يخالف التقاليد الجامعية والفصل النهائى للطالب الذى يحدث شغبًا وباستغلال قوة قانون تنظيم الجامعات الذى يتيح لرؤساء الجامعات هذا.. لأن أحيانا التجاوزات تحتاج للردع ولا يمكن أن تترك الأمور دون رادع مما يمنع من حدوث التجاوزات داخل الجامعة. مواجهة الغرباء ومن ناحيته يؤكد د. صبحى غنيم رئيس جامعة المنوفية أن قانون تنظيم الجامعات يعد قانونًا قويًا لمواجهة هذا الانفلات الذى تشهده الجامعات.. ومعاقبة المخالفين بالتنبيه واللوم وتنتهى بالفصل النهائى.. مشيرًا إلى استخدامه لهذا القانون فى إيقاف 16 عضو هيئة تدريس عن العمل. وأوضح أن لدى الجامعات قوانين تأمينية ولكن المشكلة فى الذين ليسوا على ذمة الجامعة والغرباء من البلطجية وبالتالى فإن قرار وقوف الشرطة على مقربة من أبواب الجامعة وأسوارها يعد قرارًا موفقًا للتعامل مع هؤلاء الغرباء على الجامعة. وأكد د. غنيم أنه لا يؤيد عودة الحرس الجامعى مرة أخرى.. وأن حماية الشرطة للشارع خارج الجامعة يعد شيئًا كافيًا ومساعدًا لحماية الجامعة من هؤلاء البلطجية الغرباء. وفى نفس السياق يرى د. مصطفى كمال رئيس جامعة أسيوط الأسبق أنه من الصعب عودة الحرس الجامعى مرة أخرى لأن هناك حساسية من وجوده من عهود سابقة.. هذه الحساسية يمكن أن تحدث صدامًا لأن الحساسية منه مازالت موجودة وعالقة فى الأذهان لارتباط هذا الحرس بجهاز أمن الدولة وتدخله فى شئون الجامعة. ويرى د. كمال أن الحل لعودة الانضباط للجامعات هو توفير الموارد المالية اللازمة لعمل منظومة أمن قوية داخل الجامعات.. وهذا يحتاج إلى تطوير الأمن الإدارى ليكون على أعلى مستوى وأن يتم الاستعانة بالضباط المتقاعدين من الشرطة أو الجيش فى عمل منظومة سليمة للأمن الإدارى.. وهذا يحتاج لموارد مالية لتدريبهم بهدف الوصول لسياسة أمنية مدنية سليمة.. مشيرًا إلى أن جامعة أسيوط يتردد عليها يوميًا نحو 150 ألفًا ما بين طالب وموظف وعضو هيئة تدريس ومرضى مترددين على المستشفى الجامعى وهذا يتطلب توفير جهاز أمن على أعلى مستوى. أما د. فاروق إسماعيل رئيس جامعة القاهرة الأسبق ورئيس جامعة الأهرام الكندرية فيؤكد أن عودة الأمن للجامعات متوقف على إعادة الأمن على وجه السرعة بالنسبة للدولة ككل، سواء فى الشارع والإدارات والحكومات والتجمعات المختلفة لأن الجامعة جزء من المجتمع.. موضحًا أن ترك «الحابل على النابل» فى «رابعة» و»النهضة» أدى إلى اكتساب الطلبة لأفكار كثيرة للبلطجة.. فجزء كبير من الطلاب الذين كانوا متواجدين فى ميدانى النهضة ورابعة شربوا روح البلطجة من تواجدهم فى هذا الجو الفاسد الذى وصل إلى حد الإجرام.. هؤلاء الطلبة عادوا للجامعة ومعهم هذه السلوكيات مؤكدًا أنه بمثابة مرض أو عدوى انتقلت للطلاب. الأشياء الثلاثة ويرى د. فاروق أنه لكى نعيد الأمن المفقود للجامعات فإن الأمر يتطلب تحقيق 3 محاور.. المحور الأول عقد المؤتمرات والندوات داخل الجامعات والكليات مع إدارة حوار مع الطلاب لتعريفهم مرة أخرى بالحياة والتقاليد الجامعية.. وأن التواجد فى الجامعة له ضوابط وأعراف وتقاليد. والمحور الثانى لعودة الأمن للجامعات هو البحث عن نظام يسمح بتواجد أمنى داخل الجامعات ليس بالضرورة أن يكون من الشرطة وإنما من أفراد مدربين على الأعمال الشرطية ومؤهلين نفسيًا لهذا العمل ويتسموا بصفتين: الصفة الأولى هى الحسم والقوة والحزم، والصفة الثانية هى التعامل بذكاء مع الطلاب ومحاولة اكتساب ثقتهم. والمحور الثالث كما يقول د. فاروق أن يكون هناك ميثاق شرف بين الطلاب وعمداء الكليات وإدارة الجامعة.. وعلى كل طرف الالتزام بهذا الميثاق. وقال إن الأحداث التى تشهدها الجامعات من أعمالا للعنف والبلطجة لم تحدث منذ الجلاء البريطانى عن مصر.. مشيرًا إلى أنه على الطلاب أن يلتزموا بالسلمية فى التعبير عن آرائهم داخل الجامعة بشرط ألا يكون ذلك متجهًا إلى فصيل سياسى بعينه أو حزب بعينه.. والبُعد عن استخدام الألفاظ النابية أو الإساءة لرموز الدولة حتى لو كانوا على خلاف معهم. ويؤكد د. فاروق أنه من أنصار التواجد الأمنى من الشرطة على أبواب الجامعة وأسوارها لإحكام الدخول لضمان عدم دخول الأسلحة والممنوعات إلى داخل الحرم الجامعى.. ومشيدًا بقرار استدعاء الشرطة وخاصة بعد أن وصلنا إلى مرحلة الدم والقتل ولكن لا يكون الاستدعاء «عمّال على بطّال» بل عند خروج الأمور عن السيطرة. موجود فى جامعات العالم ومن جانبه يؤكد د. صديق عبد السلام نائب رئيس جامعة الإسكندرية أن التواجد الشرطة شىء أصيل فى جميع جامعات العالم ويعطى لهم صلاحيات لما يمثله من هيبة.. مشيرًا إلى أن الأمن الإدارى وحتى شركات الأمن الخاص لا تستطيع تحقيق هذه الهيبة بل يتعرضون أحيانا للتعدى عليهم بالضرب وذلك على عكس الأمن الشرطى فإن التعدى عليهم له عقوبة شديدة فضلًا على الأمن الإدارى غير مؤهل ومعظمهم من الموظفين الذين يعملون فى أعمال لا تؤهلهم للقيام بدور الأمن!! ويكشف د. صديق أنه أثناء دراسته فى الولاياتالمتحدة للحصول على الدكتوراه كان الأمن الشرطى والدوريات الراكبة من الشرطى هى التى تقوم بتمشيط الجامعة ليلًا ونهارًا هناك.. مؤكدًا أن التواجد الشرطى فى الجامعات معمول به فى كل دول العالم وليس بدعة للحفاظ على المنشآت والأجهزة البحثية وحماية الطلاب والعاملين. ويؤكد د. صديق على ضرورة التواجد الشرطى بالجامعات لأن الكثير من الجامعات لديها مستشفيات جامعية بها أجهزة ومعدات بملايين الجنيهات ومعامل تحتاج للشرطة لحمايتها.. مؤكدًا أن الأيام والأحداث التى شهدناها تثبت مدى احتياجنا لعودة الحرس الشرطى مرة أخرى لحراسة الجامعات. وأشار إلى أن الذى شاب حرس الجامعات السابق هو ارتباطه بأمن الدولة. ويتفق د. مهدى عبد الجواد عميد كلية طب بيطرى الزقازيق السابق مع رأى د. صديق عبدالسلام فى ضرورة عودة الحرس الجامعى مرة أخرى ولكن وفقًا لضوابط جديدة ومنها عدم تدخله فى شئون الطلبة والجامعة.. على أن يقتصر دوره على حفظ الأرواح والمنشآت وتأمين الجامعة من الخارجين على القانون.. وبشرط أن تكون عودته بأكثر قوة وخاصة بعدما شاهدناه فى أحداث جامعة الأزهر وقيام الطلبة بتدمير جهاز ثمنه مليون جنيه.. مؤكدًا أن لدينا فى جامعة الزقازيق جهاز ثمنه يتجاوز 6 ملايين جنيه.. متسائلًا كيف نتركه للدمار بدون حماية وحراسة من الشرطة؟! كذلك بعض الأساتذة حُطّمت سياراتهم فى أحداث الشغب بالجامعات مما يعد عودة الحرس الجامعى أمرًا مهمًا للحفاظ على الممتلكات والمنشآت بالجامعات.