المأساة الدموية التى شهدتها محافظة أسوان بسبب النزاع بين قبيلتين بنى هلال والدابودية وراح ضحيتها 28 قتيلا بالإضافة إلى عشرات المصابين كان المحرك الرئيسى فيها الفتنة ثم أخذ الثأر يلعب دوره بين القبيلتين لتطول يد الدم أرواح النساء والأطفال وهو ما يتنافى مع الطبيعة الهادئة والمسالمة لأهالى أسوان. ويتعارض مع أعراف العادات والتقاليد القبلية التى تفرض ترحيل القبيلتان المتنازعتان إلى مكانين بعيدين عن بعضهما بالكيلو مترات لحين تدخل عواقل وكبار القبائل الأخرى للتصالح بينهما واحتواء المشكلة، وهو الأمر الذى تلتزم به القبائل البدوية فى محافظة مطروح من خلال تطبيق أقوى الأعراف القبلية المعروف بعرف " النزالة " للحافظ على أرواح أبناء القبائل المتنازعة فى حالة وقوع جريمة قتل بين قبيليتن. وتعنى "النزالة" هى أن ينزل القاتل وقبيلته على قبيلة ثالثة "المنزول عليها" تاركين ديارهم وينتقلون إلى جوارها على مسافة تبعد عن قبيلة المقتول بما لايقل عن 30 كيلومترا بهدف الحماية ومراعاة لمشاعر قبيلة المقتول. وتشترط النزالة ضرورة موافقة قبيلة المقتول على القبيلة المنزول عليها وممكن رفضها واختيار قبيلة أخرى واحتراما لمشاعر قبيلة المقتول تقوم القبيلة المنزول عليها بأخذ الأذن منها لأنها ستقوم فيما بعد بخطوات الصلح والتحكيم وتحديد الدية. وتتحدد فترة النزالة بعام كامل تتكفل فيه القبيلة "المنزول عليها" بضيافة قبيلة القاتل بأكملها حتى يتم الصلح وممكن أن تقل الفترة إلى ثلاثة أشهر وهنا تسمى "السلاك" أى سداد الدين بأن قبيلة المقتول أخذت ثأرها وقتلت رجلا من قبيلة القاتل وأصبحوا متعادلين بشرط أن يتم الثأر قبل نزول قبيلة القاتل أما إذا حدث والقبيلة نازلة يعد هذا تعدى على القبيلة المنزول عليها وخرق للنزالة وتصبح نقطة سوداء ووصمة عار فى تاريخ القبيلة الخارقة بين القبائل ويحكم عليها بالنبذ والخروج عن التجمع القبلى لمدة تقصر أو تطول حسب حسن سير القبيلة لذا نادرا ما نجد قبيلة تقوم بهذا الأمر. وتمنع "النزالة" على أهل القتيل الانتقام من أهل القاتل فى كبار السن والنساء والاطفال والحيوانات عندهم بالقتل، وطوال مدة النزالة تقوم القبيلة المنزول عليها بعمل مناقشات ومحادثات مع القبيلتين (القاتل والمقتول) بهدف الوصول إلى حل واسترضاء للطرفين وذلك فى إطار الشرع والدين وتحديد الدية، وبعد موافقة الطرفين على المصالحة يتم يتحدد يوم "الميعاد" للمصالحة وفيه تتعهد القبيلتين بقبول الصلح وعدم التعدى ويحضر الصلح مندوبين من جميع القبائل المجاورة ورجال الدين والوعظ للنصح والإرشاد وممثلين للحكومة أوالسلطة وتنحر الذبائح وتسمى (الهلبة أو المسار) ويتناول الجميع الطعام سويا وقديما كانت تقدر الدية بعدد "مائة" من الإبل أما الآن فالدفع نقدا يوم الصلح ويقوم أهل القتيل بالتنازل عن جزء من المبلغ المحدد إكراما للعمد والمشايخ وجزء أخر إكراما للحضور، وتتم عمليه تسليم النقود بين رجلين من قبيلتى القاتل والقتيل خارج خيمة الصلح وليس أمام الحضور وبذلك تنتهى الخلافات وتعود قبيلة القاتل إلى ارضها وديارها لتارس حياتها الطبيعية من جديد بدون ضغائن اواحتقان بين القبائل.