ما بين إعلان المشير السيسى خلع بدلته العسكرية والترشح لرئاسة الجمهورية وما حدث فى عين شمس وعلى رأسه استشهاد الابنة الصحفية ميادة الشريف نقطة فاصلة وفارقة فى عالم صناعة المعارضة خاصة فى منطقة الشرق الاوسط وفى مقدمتها بلاد ما أطلق عليه كذبا وبهتانا الربيع العربى! وخاصة أن المعارضة الحالية أمريكية الصنع منذ ظهور أحمد الجبلى فى العراق والذى أتى اليها على صهوة العدوان الأمريكى للقضاء على حضارة بين الرافدين والجيش العراقى القوى باسم الديمقراطية والحرية. ولم تجن العراق سوى الخراب والدمار. إن ما حدث هناك صور طبق الأصل طبقت فى كل البلاد العربية بما فيهم مصر، مستخدمين مجموعة من المعارضين القابعين فى أحضان الامبريالية العالمية، مدعومين بمجموعة من المنتفعين فى الداخل، يستخدمون كل ما لديهم من أساليب وعلى رأسها الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعى للطم الخدود على الحرية الضائعة ولبس ملابس المعارضين الشرفاء تفصل كلماتهم على مقاس ما تحتاجه الدولة من معارضة هدامة بكلمات رنانة، على شاكلة الدفاع عن قيام الدولة المدنية، ومحاربة فاشية الدولة العسكرية وما هم إلا مجموعة من المرتزقة، ينفذون ما يملى عليهم من الخارج، فالمعارضة الحقيقية عبر التاريخ كان لها طابع مختلف عن ما نراه حاليا, سواء اعتبرنا أن المعارضات هي حالات من الوعي المتحرك عن رفض الفساد أو باعتبارها مجساً كاشفاً للظرف الاجتماعي المتأزم, والتوافق إلى التحول والتغيير. إننا أمام نوع من المعارضة الخطرة غايتها ضرب الكيان القائم, مستخدمة ترسانة كبيرة من المفاهيم المغلوطة عن الدين والشرعية, ويحصرون الرافضين لهم فى مصف الخائنين, المارقين, الخارجين على الحاكم المسلم.. ولا أعرف أى حاكم مسلم هذا الذى يطالبهم بإراقة دماء المصريين وترويع الآمنين!.. أنها معارضة تبيح لنفسها الرجوع إلى المنهج الاستبدادي, وزعزعة الاستقرار السياسي والأمني, أنها معارضة دخيلة لا تمثل هموم الشعب ولا تسعى إلى تحقيق مصالحه, وتبحث عن شماعات لتبرر خستها وعمالتها للخارج. إن كلمة (المعارضة) في الأدب السياسي ذات النكهة الاخلاقية المرادفة لكلمة الثورة، والوطنية، والعدالة الاجتماعية.. اختفت تماما مما نراه الآن لكونها معارضة مأجورة مدفوعة الثمن, مصنوعة بأيدى عميلة تتعامل مع الشعب الرافض لها كعدوة لهم، واعتبار كل من يرفضها كافر وخائن.. معارضة بعيدة عن العمل الوطني، وإرهابية تستخدم السلاح ضد الشعب، وعندئذٍ لا غرابة أن يسمى الإرهاب في مصر عن طريق عملاء الامريكان ب «المقاومة الوطنية الشريفة»، وللأسف أنها معارضة مأجورة لها كتابها، وتتلقى الدعم من الإعلام العالمي الصهيونى وعملائه، البارعين فى خلط في الأوراق وتشويش في الأذهان، وبلبلة الافكار، بحيث طرح الإرهابيون أنفسهم كمعارضة، ومع الأسف الشديد عمل المرتزقة أصحاب الأجندات الخارجية وفق مبدأ (عدو عدوي صديقي...وبهم استطاعت قوى الإرهاب مد أقدامها الأخطبوطية محاولة دخول مؤسسات الدولة نفسها، وتحت مختلف الواجهات السياسية باسم المصالحة الوطنية، كشريكة في العملية السياسية، وتعمل بمنتهى الخبث والدهاء لتفجيرنا من الداخل والخارج وعلى جميع الجبهات، فهي تارة تتكلم عن المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، رغم أن معظم من القي القبض عليهم متلبسون بجرائم إرهابية. وتارة أخرى تتكلم عن عودة الدولة البوليسية وحكم العسكر، وضياع حلم المدنية.. والسؤال أى مدنية تتكلمون عنها؟! إننا للأسف نتجرع يوميا سموم «كتاب المعارضة» الذين لايدافعون عن حقوق الشعب، ولكن هدفهم إرباك الوضع. فهم يريدون مواصلة التظاهرات الاحتجاجية داعمين الإرهابيين والفوضويين، ويتهجمون على الحكومة وأجهزتها الأمنية ويكيلون لها الاتهامات إذا ما قامت باعتقال المخربين الذين يعتدون على الناس، ويضرمون النيران في ممتلكات الدولة، والطريف أنهم فى هذه الحالة يلقون اللوم على الحكومة... إن ما نراه الآن هو حالة تزاوج بين المعارضة والإرهاب لإفشال العملية السياسية لا إصلاحها،. وتمهيداً لتحقيق أغراضهم الشريرة بالكلام عن أبلسة أو شيطنة الأجهزة الأمنية، وتضخيم السلبيات، واختلاق المزيد منها، وإنكار الإيجابيات، والمطالبة بإطلاق صراح القتلة. فأي معارض شريف يحب مصر يريد ذلك؟.. أننا أمام نوع من المعارضة المأجورة محصورة فى المتسترين وراء أكذوبة الدفاع عن حقوق الإنسان ناشرين مقالاتهم على مواقع الإنترنت مسخرين أقلامهم لخدمة الشيطان، يتمتعون بقدرات عجيبة في التضليل، والتلاعب بالألفاظ ولي عنق الحقيقة، وإظهار الإرهابيين بأنهم ضحية ومناضلون شرفاء جداً، ومدافعون عن الإرهابيين الجناة الحقيقيين. سارقين ضحايانا زارفين دموع التماسيح، ويتظاهرون بالدفاع عنهم، ولكن دون تجريم القتلة، بل لإبعاد التهمة عنهم، وإلقائها على من وضعتهم الأقدار في موقع المسؤولية. وهم بذلك يصطادون عصفورين بحجر واحد. تلك المعارضة تسير على نهج جين شارب وكتابه لتغيير الأنظمة عن طريق التحكم في مقدرات الدولة بواسطة الشعب ويلزم هذا الضغط على كل مؤسسات الدولة وتغيير أعمدتها بما فيهم الجيش وطريقة التغيير المتبعة هي طريقة الهدم وإقصاء جميع رموز الدولة أصحاب الخبرات على أن يتم إعادة بناء ذلك من جديد على أسس تضمن العدالة الاجتماعية والتقدم والديمقراطية كما يقولون لأتباعهم.. مستخدمين خطط الهدم والضغط وخلخلة كل مؤسسات الدولة بدقة والابتعاد تماما عن أي استراتيجيات للبناء فلا تجد حتى مقال واحد يتحدث عن البناء، ناهيك عن عشرات الكتب والمقالات والتعليمات التي تتحدث عن فنون الهدم! ومن هنا يتضح لك الغرض الحقيقي لواضعي الاستراتيجية بدعم تلك المعارضة وهو القضاء على الاستقرار وسفك دماء الأبرياء والمتاجرة بها أيضا والتغنى بالديمقراطية والمدنية، وهم يدفعوننا دفعا الى غوغائية المنتفعين المعارضين!