• معاناة المصريين مع الحكام أبدية وطويلة.. قرون من العبودية والظلم حُفرت على جدران المعابد والزنزانات ومعتقلات التعذيب، فجفت الأقلام وملأت صرخات المعذبين عنان السماء. • واعتمد المصريون دائما على الحكمة المأثورة "ولما ضاقت واستحكمت حلقاتها فُرجت وكنت أظنها لا تُفرج"، ودفع الشباب والشيوخ والنساء والأطفال أرواحهم فداءً لرفعة الوطن وكرامته وحرية أبنائه، فكانت تلك الأرواح البريئة الطاهرة وقوداً للثورة ومشاعلاً للحرية عبر السنين. • واليوم ومصر تدخل مرحلة جديدة من تاريخها المعاصر، وسط تمزق داخلي وتربص خارجي، وحتى نتذوق الديمقراطية كما ينبغي، ونقول للعالم أجمع أن مصر ودعت الشمولية والديكتاتورية والحزب الواحد، فإننا مطالبون أن نتعلم كيف نعيش هذه الديمقراطية عملاً وليس قولاً.. • وأول خطوة في الطريق الصحيح ألا نساهم في صناعة إله جديد مهماً كانت الأسباب والظروف، فحاكم مصر القادم – أياً كان اسمه – لابد أن يدرك جيداً أن الشعب الذي حمله على الأعناق، لن يتوانى إذا أخطأ أو تجبر أن يقذفه حيث يقبع السابقون. • مطلوب حتى نقول للعالم "نحن هنا"، أن نقدم صورة مشرفة لانتخابات رئاسية نزيهة يتساوى فيها المرشحون في كل شيء بلا تمييز أو تفضيل، وخصوصاً في وسائل الإعلام الحكومية (إذاعة وتليفزيون وصحف).. مع ضرورة تشكيل لجنة محايدة لمراقبة انفاق المرشحين واستغلال وظائفهم في الدعاية، تحت أي ظرف من الظروف، مع الرفض التام لإقحام الجهاز الإداري للدولة في مساندة أي من المرشحين. • لقد آن الأوان أن نرسم ملامح مصر الجديدة دون تملق أو نفاق، فهذه هي الفرصة الأخيرة لكي نثبت لأنفسنا قبل أن نثبت للأخرين أن "مصر" التي ذكرها القرآن الكريم.. وقبلة الأنبياء والرسل.. وأرض الحضارة.. تمتلك من مخزن أبنائها وعقولهم الناضجة ما يمكنهم من سطر تاريخ جديد.. لا مكان فيه للحاكم الإله.. من أجل غدٍ مشرق لوطن يُبعث من جديد.