سعر الذهب اليوم السبت 4-5-2024 في مصر.. الآن عيار 21 بالمصنعية بعد الارتفاع الأخير    أخبار مصر: خبر سار للاقتصاد المصري، فرمان بنهاية شيكابالا في الزمالك، شيرين تثير الجدل بالكويت، أمريكا تطالب قطر بطرد حماس    بعد إعلان موعد فتح باب التقديم.. اعرف هتدفع كام للتصالح في مخالفات البناء    وانتصرت إرادة الطلبة، جامعات أمريكية تخضع لمطالب المحتجين الداعمين لفلسطين    حسين هريدي: نتنياهو ينتظر للانتخابات الأمريكية ويراهن على عودة ترامب    حزب الله يستهدف جنود الاحتلال الاسرائيلي داخل موقع بيّاض بليدا    روسيا ترد على اتهامات أمريكا بشأن تورط موسكو في هجمات إلكترونية ضد دول أوروبية    صلاح سليمان يعلن رحيله عن قناة النهار بسبب هجوم إبراهيم سعيد على شيكابالا    مفاجآت بالجملة في تشكيل الأهلي المتوقع أمام الجونة    حالة الطقس المتوقعة غدًا الأحد 5 مايو 2024 | إنفوجراف    نشرة المرأة والصحة : نصائح لتلوين البيض في شم النسيم بأمان.. هدى الإتربي تثير الجدل بسعر إطلالتها في شوارع بيروت    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام وولفرهامبتون    30 دقيقة تأخير في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية» السبت 4 مايو 2024    اكتشاف جثة لطفل في مسكن مستأجر بشبرا الخيمة: تفاصيل القضية المروعة    إصابة 15 شخصًا في حادث سيارة ربع نقل بالمنيا    المالية: الانتهاء من إعداد وثيقة السياسات الضريبية المقترحة لمصر    بعدما راسل "ناسا"، جزائري يهدي عروسه نجمة في السماء يثير ضجة كبيرة (فيديو)    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم السبت 4 مايو    حدث ليلا.. خسارة إسرائيل وهدنة مرتقبة بغزة والعالم يندفع نحو «حرب عالمية ثالثة»    بكام الفراخ البيضاء اليوم؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية السبت 4 مايو 2024    الداخلية توجه رسالة للأجانب المقيمين في مصر.. ما هي؟    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    وفاة الإذاعي الكبير أحمد أبو السعود.. شارك في حرب أكتوبر    إغماء ريم أحمد فى عزاء والدتها بمسجد الحامدية الشاذلية    دراسة جديدة تحذر من تربية القطط.. تؤثر على الصحة العقلية    رسالة من مشرعين ديمقراطيين لبايدن: أدلة على انتهاك إسرائيل للقانون الأمريكي    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال أعياد القيامة وشم النسيم    المحكمة الجنائية الدولية تحذّر من تهديدات انتقامية ضدها    مالكة عقار واقعة «طفل شبرا الخيمة»: «المتهم استأجر الشقة لمدة عامين» (مستند)    مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية: سيؤسس وفق قانون الجمعيات الأهلية    37 قتيلا و74 مفقودا على الأقل جراء الفيضانات في جنوب البرازيل    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 مايو 2024 في المصانع والأسواق    رشيد مشهراوي ل منى الشاذلي: جئت للإنسان الصح في البلد الصح    معرض أبو ظبي للكتاب.. جناح مصر يعرض مسيرة إبداع يوسف القعيد    جوميز يكتب نهاية شيكابالا رسميا، وإبراهيم سعيد: بداية الإصلاح والزمالك أفضل بدونه    حسام موافي يوضح خطورة الإمساك وأسبابه.. وطريقة علاجه دون أدوية    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    مصرع شاب في حادث اليم بطريق الربع دائري بالفيوم    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بمناسبة اليوم العالمى للسعادة:
المصريون لا يعرفون الابتسامة
نشر في الوفد يوم 26 - 03 - 2014

«لئن كان للسعادة دلالات مختلفة، فإننا نتفق جميعاً علي أنها تعاني العمل في سبيل إنهاء الصراع والفقر وغيرها من الظروف المزرية التي تكابدها أعداد هائلة من بني البشر».. تلك كانت كلمة الأمين العام للأمم المتحدة التي اعتمدت في دورتها السادسة والستين عام 2012 بداية فصل الربيع يوماً عالمياً حيث وافق 20 مارس من كل عام اليوم العالمي للسعادة، ونشر البهجة والتفاؤل.
وفيما جاءت دعوة الاحتفال بمبادرة من بلدة يعتبر مواطنوها من أسعد سكان العالم وهي «بوتان» الواقعة بجانب جبال الهملايا، وهي التي أقرت تأثير زيادة مستوي السعادة الوطنية علي زيادة مستوي الدخل القومي منذ سبعينيات القرن الماضي، واعتمد نظامها الاقتصادي شعاره المشهور بأن السعادة الوطنية الشاملة هي أهم ناتج قومي للبلاد، ومن هنا جاء قرار الأمم المتحدة باعتماد يوم 20 مارس من كل عام يوماً دولياً للسعادة.
وبمناسبة هذا الحدث الدولي نتساءل: هل يشعر المصريون حقاً بالسعادة؟.. الحال يقول بالطبع لا، وهذه ليست نظرة تشاؤمية، ولكن للأسف هي الحقيقة، فمنذ قيام ثورة يناير وحتي الآن تغيرت الملامح والطبائع وأصبح العنف هو سيد الموقف وتوارت الوجوه صاحبة الظل الخفيف بل امتلأت بالحزن والكآبة وحملت أثقالاً من الهموم والمآسي.. فكيف يشعر المواطن بالسعادة في ظل ارتفاع مستمر للأسعار وانتشار الجرائم البشعة وزيادة معدل الإضرابات الفئوية طمعاً بارتفاع الأجور، والسياحة التي انهارت بسبب انعدام الأمن والأمان وتوقف المصانع الكبري والصغري وتشريد عمالها، فكل يوم يمر علي المصريين هو «الأسود»، فالمشهد الحالي غير واضح المعالم ولا نعرف مصر رايحة فين؟!
الكل يعيش تحت وطأة الكآبة بسبب الأزمات التي لا تنتهي والحكومات التي فشلت حتي الشعور بالطمأنينة.
«كلنا عايزين سعادة، إيه هي السعادة، ولا إيه معني السعادة، قولي يا صاحب السعادة».. الكلمات من إسكتش شهير للفنان الضاحك الباكي إسماعيل ياسين، في مونولوج «السعادة» ولكن هل يشعر المصريون بالسعادة الآن، لماذا اختفت الابتسامة؟
في البداية يقول الدكتور أحمد يحيي، أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة السويس: إن السعادة هي الرضا بالمقدور والاستمتاع بالميسور وتتلخص السعادة في كلمة الرضا بحيث يكون لا فرق بين غني وفقير ولا من يملك أو لا يملك، وإذا تحقق الإنسان درجة من الرضا تحققت معه سعادته، وبالقطع فالسعادة نسبية تختلف من شخص لآخر ومن ظرف لآخر.
وأضاف «يحيي» أن مصادر السعادة داخلية وخارجية، الأولي تتوقف علي المصالحة النفسية، بحيث يتصالح الإنسان مع ذاته علي أن يكون قادراً علي قبول الحياة ومعايشتها والتعامل معها والاستمتاع مع المتيسر منها مهما كانت الظروف، مضيفاً أن السعادة الخارجية تأتي من خلال توفير الإشباعات الأساسية وأن يجد الإنسان من يحب وأن يكون أيضاً محبوباً.
ويوضح «يحيي» أن السعادة تأتي من خلال اليقين الإيماني والوعي الروحاني بأن الإنسان لن يرزق إلا بما هو مقدر له من عند الله، ومهما رفض أو اعترف فإنه سوف يعايش الواقع، وأن يسعي الإنسان دائماً إلي مواجهة ذاته وكشف عيوبه ومناقشة إمكانياته والسعي جاهداً إلي تغيير هذه المساوئ إلي أشياء إيجابية في حياته، وهذا ممكن إذا صدق الإنسان مع نفسه.
وذكر «يحيي» أن المصريين يمكنهم الوصول إلي درجة السعادة من خلال 3 محاور رئيسية هي تحقيق الأمن والاستقرار المجتمعي، وثانياً الحد الأدني من متطلبات المعيشة، وثالثاً: تحديد أهداف تحفز داخلهم الواقعية والرغبة في الارتقاء وتحقيق الرفاهية الاجتماعية!
وأشار إلي أن المصري يفتقد الهدف المستقبلي وتحقيق الإنجاز، وهذا لن يتحقق إلا بالصدق والمصارحة ومحاربة الفساد من قبل الحكومة وتهذيب القيم الأخلاقية في المجتمع المصري.
وحول الظروف الراهنة والاضطرابات السياسية التي تمر بها البلاد منذ ثورة يناير، قال «يحيي»: إن أمريكا وإسرائيل والصهيونية العالمية والإخوان شماعة نعلق عليها فشلنا في تحقيق السعادة ويجب أن نملك إرادتنا ونسعي جاهدين جميعاً إلي تحقيق أهدافنا وبناء مستقبلنا وهذا علي المستويين الشخصي والعام.
ويواصل أحمد يحيي حديثه ل «الوفد» قائلاً: إن المصريين عاشوا فترات طويلة علي ثقافة الاعتماد علي الدولة إذا حققت لهم مطالبهم واحتياجاتهم شعروا بالرضا تجاهها، وإن فشلت الدولة في تحقيق ذلك، تظهر ثقافة الاتهام والشك واليأس والإحباط، وتصبح الدولة هي المسئولة عن كل الأمراض النفسية والاجتماعية.
وأضاف «يحيي» أن السعادة عملية مشتركة في آن واحد يجب أن يسعي إليها الفرد من خلال الآخر، وأن هناك السعادة الفردية والسعادة المجتمعية، ونحن نفتقد فكرة العمل المشترك أو الأهداف المشتركة أو الدافعية نحو تحقيق ما يسعدنا.
اضطراب المشهد
الدكتور أحمد ماضي أبوالعزايم، رئيس الاتحاد العالمي للصحة النفسية سابقاً، قال: الشعب المصري معروف بأنه أكثر الشعوب مرحاً ومبدع للنكت وقادر علي تحويل الموقف الدرامي المأساوي إلي نكتة والتعامل مع الموقف الإنساني بابتسامة ممزوجة بالهموم.
وأضاف: المراحل السياسية المضطربة التي مر بها الوطن منذ قيام ثورة يناير وحتي الآن حولت المصري إلي إنسان متوتر يميل إلي العصبية والعنف، خاصة أن التغير السياسي المستمر وتغير الأنظمة والحكومات والسياسات حملت العديد من المظالم للمواطن، حتي أصبح غير قادر علي تحمل ثقل الهموم التي أدت إلي ارتفاع وتيرة العنف وزعزعة الاستقرار المصاحبة بغياب الأمن والأمان والارتفاع المستمر في الأسعار الذي حرم معظم الأسر الفقيرة والمتوسطة من المتع التي قد تعتبر بالنسبة لها مصادر السعادة أيضاً.
وأوضح أن الواقع المصري أصبح أليماً لمعظم البيوت وبالتالي أصبحنا نفتقد جزءاً كبيراً من السعادة للانشغال بالأعباء اليومية، وبعد حكم الإخوان وارتفاع وتيرة الفتاوي التكفيرية والمحرضة اهتزت قيم المجتمع المصري، وأصبح غير قادر علي تحديد هوية المجتمع الذي عكرته عناصر تهوي الأفكار الهدامة، وتأخذ من الدين ما يجاري أطماعها وتترك منه ما يقف ضد أهدافها واستخدموا العنف كأداة لتحقيق أطماعها، الأمر الذي أثر سلباً علي مشاعر المصريين وتحولت السعادة إلي حلم كبير يتمناه كافة فئات المجتمع.
ويري «أبوالعزايم» أن شعوب العالم تستطيع التغلب علي الظروف الصعبة التي تمر بها من خلال التغلب علي المشاكل ومواجهتها، ويري أن العنف اليومي في المجتمع لا يمنع الشعب من تحقيق سعادته إلا أن الانهيار الاعتصامي وحده كفيل بخلق حالة من القلق والتوتر والخوف من المستقبل، ومفهوم السعادة لدي كل مواطن يتطلب توفير كل الاحتياجات، وبالطبع من الصعب تحقيقها وبالتالي هذا يؤثر علي أداء وسلوكيات المواطن الذي يشعر بأنه غير سعيد لعدم تحقيق احتياجاته البسيطة.. كما أن انهيار قيم المجتمع المصري وتدهور التعليم وانتشار الفقر، كل هذا أثر علي القدرات العقلية والمهارية حتي أصبح العنف سيد الموقف.
ارتفاع سقف المطالب
وفي نفس السياق يقول الدكتور محمد خالد، استشاري الأمراض النفسية والعصبية بوزارة الصحة: إن غموض المستقبل عامل أساسي لخلق نوع من التوتر والقلق، وبالتالي زيادة الانفعالات العصبية التي تؤدي إلي التوتر والقلق وعدم الاطمئنان وذبذبة المشاعر التي أصبحت الصفة السائدة لدي كل المصريين في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الراهنة.
وأضاف «خالد» أن فئة الشباب هي الأكثر تأثراً لقلة الخبرة، فهو دائماً متوتر وعصبي ومضطرب المشاعر، ومن السهل التغرير بهم من قبل بعض التيارات السياسية التي تتبني العنف، لذلك أغلب مشاهد العنف الدموي تتزعمها فئة الشباب الذي وقع في براثن الإرهاب الأسود لضبابية الموقف السياسي، فلم يجد من يحتويه ويحقق أحلامه وطموحاته، فالشباب العاطل محبط ومكتئب ويشعر بأن المستقبل بالنسبة له غامض وغير مشجع وبالتالي يزداد إحباطاً.
وعن مصادر السعادة، أوضح «خالد» أن السمة الغالبة هي الحالة الاقتصادية السيئة لدي رب الأسرة غير القادر علي توفير الاحتياجات الأساسية وتوفيرها لأولاده الذين تكثر مطالبهم وأحلامهم، فحالة عدم الرضا هي السمة الأساسية لأحوال كل الأسر المصرية، وللدولة دور كبير في تحسين الحالة المزاجية للمواطن إلا أن التدهور الاقتصادي والديون المحلية والدولية، يجعلها معذورة ومشلولة أمام توفير أبسط الاحتياجات للمواطن المسكين، وبعد الثورة زادت طموحات الشعب وسقف المطالب ارتفع ولم تحقق الثورتان أهدافهما سواء 25 يناير أو 30 يونية بل العكس وقعت الدولة في مؤامرات مستمرة تستهدف أمنها وزعزعة استقرارها، حتي غابت العدالة الاجتماعية، رغم أنها الهدف الأساسي لاندلاع هذه الثورات.
ويواصل «خالد» حديثه قائلاً: المصريون أصبحوا متوترين جداً وغير راضين عن الحكومات المتعاقبة لارتفاع سقف المطالب واستعجال النتائج وهذا يجعل من المشهد أكثر تعقيداً سواء السيسي أو الاقتصادي.
الإحساس بالرضا
ويري الدكتور محمود عبدالرحمن حمودة، أستاذ الطب النفسي بكلية طب الأزهر، الحائز علي جائزة الدولة التقديرية في الطب النفسي، أن للسعادة مفهوماً واسعاً، وهي مسألة نسبية تتلخص في الإحساس بالرضا إلا أنه في الوقت الحالي يصعب تحقيقه، لأن معناه الوصول لدرجة الإشباع والغياب التام لمصادر الإحباطات، والمشكلة أنه بين كل لحظة وأخري تتغير احتياجات الإنسان مثل الإحساس بالشبع الذي يليه مباشرة الإحساس بالجوع وهكذا، مفهوم السعادة نسبي ومعقد ويتوقف علي مشاعر الشخص نفسه.
والشعور بالسعادة أصبح عملة نادرة وهي إما تدفعك إلي التنازل عن طموحاتك وترضي بالقليل بأن تشعر بالحرمان الذي يلهب مشاعرك.
اضطراب المشهد السياسي
سألنا الخبراء في السياسة والاقتصاد، عن مصادر السعادة ومتي يشعر المصريون بها؟
الدكتور وليد الحداد، الخبير السياسي والأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسي، يؤكد أن غموض المشهد السياسي والاضطرابات في النظام الحاكم له تأثير خطير علي مشاعر المصريين، وأصبحوا غير راضين عن أي قرارات حكومية يرونها غير مجدية طالما أن أسعار السلع الأساسية مثلاً في ارتفاع مستمر.
وأوضح كلنا يتذكر قرار الببلاوي الشهير الذي أثار قلق واستفزاز معظم فئات الشعب العاملة والخاص بالحد الأدني والأقصي للأجور، والوعود الحكومية بتنفيذ القرار منذ بداية شهر يناير حتي فوجئ الجميع بأنه مجرد تصريحات وهمية واكتفي بزيادة 30٪ لرجال الشرطة، الأمر الذي شعر فيه الجميع بالإحباط واليأس والطبقية في تنفيذ القرار، فالعدالة الاجتماعية مفتقدة منذ قيام ثورة يناير التي قامت من أجلها ولم تحقق أيضاً من ثورة 30 يونية التي أطاحت بحكم الإخوان الذين انشغلوا بالشأن الفلسطيني أكثر من المصري.
وقال «الحداد»: إن تعاقب 6 حكومات منذ قيام ثورة يناير وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ثم حل البرلمان وإعداد دستور مرتين، كل هذا جعل المشهد السياسي كئيباً ومضطرباً.
والمشكلة أن كل ما تغير مجرد وجوه فقط لغياب الإرادة السياسية الناجزة، وانشغال الحكومات في قضايا بعيداً عن القضية الأساسية للدولة والمواطن، وبالتالي أثر علي المواطنين البسطاء الذين يحلمون بيوم من نظام مبارك الفاسد، مقابل بعض الاستقرار والهدوء والأمن.
ويري «الحداد» أن الدولة انشغلت حالياً بمواجهة العنف والإرهاب علي حساب احتياجات المواطن، في نفس الوقت زاد سقف المطالب وكل مواطن يسأل نفسه لماذا قامت الثورة أيضاً؟
ولغياب العدالة الاجتماعية اندلعت الاضرابات الفئوية مرة أخري في كل المصانع والشركات والقطاعات الحكومية لاكتشاف العمال أن وعود الحكومة وهمية، وأعتقد أن الوضع سيستمر مهما تغير النظام إذا لم يشعر المواطن بالعدالة الاجتماعية كجزء أكيد من مظاهر السعادة لديه، لأنه أصبح يشعر بالإحباط واليأس.
كما أدي عدم وجود رؤية واضحة للخروج من الأزمة وقيام ثورة بلا قيادة وعدم وجود أهداف تتبناها الوزارات الجديدة إلي لخبطة سياسية، مشيراً إلي أن معظم البيوت المصرية غير مستقرة بسبب تراكم المشاكل الاقتصادية لديها مما أدي إلي عدم الرضا عن الأداء الاقتصادي، متوقعاً عواقب أسوأ إن لم تجد الدولة مخرجاً جاداً لحل الأزمات والمصارحة بكل ما تمر به البلاد من ظروف تجعل تحقيق احتياجات المواطن صعبة، والمهم عدم وصول الموقف إلي الفوضي التي يصعب السيطرة عليها.
وقدم «الحداد» حلولاً للخروج من الأزمة أهمها أن تكون الحكومة لها رؤية واضحة ودراسات جادة لمواجهة تعثر الاقتصاد واستعادة عافيته لمواجهة الإضرابات الفئوية التي تدمر الاقتصاد، ومصر الآن بحاجة إلي حل ابتكاري.
ويري الدكتور ماجد عثمان، خبير الإحصاء والأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أن مركز بصيرة الخاص باستطلاعات الرأي يجري استطلاعات دورية لقياس الأحداث السياسية وتأثيرها علي المواطن العادي ومدي قبوله أو رفضه للسياسات والقرارات الحكومية أو الدستورية وغيرها، ودائماً ما تدفع حالات عدم الرضا الكامل لدي بعض الفئات المثقفة وخصوصاً لدي الشباب، وذكر أن ثقافات معظم الشعوب العربية بصفة عامة وليس مصر فقط تتميز بالرضا العام ومسلمة بإرادة القدر، ولكن مؤشر الرضا مثلاً الخاص بالصحة أو مستوي التعليم أو الأمن دائماً منخفض من حيث الرضا والقبول، وبالتالي تنخفض بالطبع درجة السعادة، وتلعب وسائل الإعلام دوراً حيوياً في التأثير علي مستوي الرضا في العقول، مشيراً إلي أن الوضع الحالي للبلاد غير مستقر من الناحية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والأمنية، مطالباً الدولة ببذل المزيد من الجهد لتحقيق أبسط المطالب الفئوية، والشعب بالمزيد من الصبر والتمتع بالهدوء تجاه الدولة وقراراتها علي أن تكون النظرة مليئة بالتفاؤل حتي لا يرتبك المشهد الاقتصادي والسياسي.
ويكشف الدكتور عزت معروف، الخبير الصناعي والاقتصادي، أن نظام مبارك كان يتمتع بأقصي درجات الفساد الذي مازلنا ندفع ثمنه حتي الآن وكان الاقتصاد يترنح إلي حد ما ولكن بعد ثورة يناير تحول الاقتصاد المصري إلي أزمة بلا حل، وكأننا دفعنا ثمناً باهظاً للحرية والديمقراطية، مؤكداً أن الاقتصاد المصري إن لم ينهض من جديد فسوف تدخل البلاد في نفق مظلم ومجاعة أكيدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.