أشدت بالإجراء الذي بادرت به محافظة القاهرة عندما أعملت الهدم في البنايات التي أقيمت علي الأراضي التي لا يملكها من أقاموا العمارات السكنية خلف المحكمة الدستورية العليا كأنها بلا صاحب!، واعتبرت أن الإجراء علي غلظته سوف يؤدي بالكثيرين إلي مراجعة أنفسهم عند الإقدام علي العدوان علي أراض من أملاك الدولة!، ومصير ما يقيمونه من الأبنية إذا وجدوا من يغضون الطرف عن هذه الأفعال من المسئولين في المحليات!، بحيث يتم تمرير المخالفات والانحرافات المنطوية علي جرائم ومخالفات فاحشة نظير اتفاقات بين هؤلاء المسئولين ومن احترفوا التعدي علي أراضي الدولة أو الغير!، وقد نبهت في مجال إشادتي بإجراء محافظة القاهرة أن ردع المنحرفين بالإجراءات الموجعة سوف يكون السبيل الوحيد لوقف هذا الفساد المنظم الذي استحكم وفشا في المحليات!، فأدي إلي اعتماد المنحرفين قاعدة البناء بخلق أمر واقع جديد يتعذر معه إعادة الأرض إلي ما كانت عليه فضاء في الأصل!، خاصة وأن هناك من شغل هذا البناء من سكان وملاك دفعوا الكثير وبعضه مما يسمونه «تحويشة العمر» مقابل الحصول علي شقة سكنية!، وهكذا يتم للمنحرفين ما أرادوه!، أمر واقع لابد من صيغة تتعايش بها السلطات مع هذه الأرض «المسروقة» والأبنية التي قامت عليها!، فنشأت فكرة غريبة أغرت بالمزيد من الانحراف والتمادي فيه! فكرة التصالح والتغريم حتي تصل المرافق إلي هذه البنايات!، فيكون هذا التصالح هو السبيل إلي هذه «العشوائية» التي جعلت من المخالفة قاعدة تيسر ضياع حقوق المرافق التابعة للدولة!، عندما يكون التصالح مضمونا عند البداية!، وعندما يكون مجال توفير لما يوجب القانون علي الملاك دفعه لقاء توصيل المرافق طبقاً للقانون!، ويظل التصالح مع الباطل هو الأساس في المحليات بوجه عام!. لذلك كان الإجراء الغليظ الذي جنحت إليه محافظة القاهرة في الأراضي خلف المحكمة الدستورية العليا مثار قلق ودهشة الفاسدين الذين انتفعوا بخرق القوانين واللوائح!، أما القلق فمرجعه إلي أن من انتفعوا استشعروا أن ما فعلته محافظة القاهرة هو مقدمة ستشمل كل هؤلاء المنتفعين!، أما الدهشة فلأن إجراء محافظة القاهرة قد اختص إنقاذ أرض بعينها دون عموم الأراضي التابعة للدولة، وقد سطا عليها من احترفوا إهدار حقوق الدولة!، مع تسليم هؤلاء بأن السلطات لن تقدم علي هدم كل المباني التي قامت علي الأراضى المسروقة!، لكن هؤلاء وأولئك لا يحسبون حسابا لإجراء متوقع قد يكون هو البديل الغليظ الموجع الذي طالبت به مراراً وتكراراً لردع هذه الجرائم التي أصبحت معتادة!، ولنأخذ موضوع «التعلية» مثلاً علي المباني بما يتجاوز الارتفاع المحدد في رخصة البناء، لقد طالبت بأن يدفع الملاك الذين يقومون بتعلية غير قانونية القيمة السوقية لما باعوه بعد التعلية، بحيث لا ينتفع مالك التعلية غير القانونية بعائد ما فعل!، ومن الأحوط إذا ما قامت تعلية غير قانونية أن يتم الاستيلاء عليها وبيعها بمعرفة البنوك التي يمكن أن تكلف بذلك من الجانب الحكومي، وذلك بنظام المزايدة العلنية كما هو معمول به عند استيلاء البنوك علي عقارات وفاء لديون لم تحصل قيمتها!، بحيث لا تبقي عملية التصرف في الأراضي والمباني من هذا النوع المخالف ساحة واسعة للفاسدين من موظفي المحليات وغيرهم من المنتفعين، فهناك أكثر من أسلوب لفرض القانون لو أردنا إيقاف كثير من مهازل حياتنا.