قرأت صباح الأربعاء في صدر جريدة «الأهرام» أن مجلس المحافظين قد اجتمع برئاسة وزير التنمية المحلية وبحضور 10 وزراء، ليقرر المجلس «عدم تقنين أوضاع المباني المخالفة بجميع المحافظات، ووقف البناء المخالف فورا، وتغليظ الغرامات علي المخالفين لحين إتمام الإزالة»!، ولما كنت أحد الذين كتبوا مرارا وتكرارا في كيفية قيام المباني المخالفة «بتحالف» واضح بين المسئولين عن الهدم والبناء في الإدارات المحلية!، وتناولت بصراحة مؤلمة كيف أن «التحالف» بين المخالفين والإدارات الهندسية بالمحليات قد أدي الي أن المخالفات قد أصبحت هي القاعدة - ما قبل الثورة وما بعدها حتي الآن - بما يفصح أن الأبنية المخالفة لا ترتفع شاهقة متجاوزة ما صرحت به رخصة البناء «خفية» بل هي ترتفع في جميع مراحلها فتخرق كل العيون!، وبالتحديد هذه العيون التي من المفترض أنها رقيب علي عمليات الهدم والبناء في حدود تراخيص تنص علي المسموح به وغير المسموح به وحتي الممنوع نهائيا، ولكن حيل هذا «التحالف» الثنائي - بين الملاك والرقباء - لا تشهد أي تطور في أسلوبها الذي يتناقله كل الذين يقدمون علي البناء!، فيوصيهم «الحلفاء» بأن ينطلقوا في البناء كيفما يريدون «ترعاهم» العيون التي تتظاهر بمراقبتهم عندما يرتفع البناء الي أن تصل مخالفته الي حد بناء عدة أدوار تساوي عدد الأدوار التي نصت عليها الرخصة!، وقد عرف المخالفون «دية» هذه المخالفة التي تؤدي الي كوارث في بعض الأحيان!، من شروخ الي انهيارات في المبني المخالف!، وعندما تبدأ التحقيقات في الأمر!، تقدم الإدارات الهندسية بالمحليات ما يفيد أنها قد حررت مخالفات للمالك بأنه قد تجاوز حدود الرخصة!، وأنه لم يقم بتصويب الخطأ الذي قام عليه البناء طبقا لتوصية المراقبين!، ويصل الأمر أحيانا الي اختفاء ملف العقار اختفاء كاملا فلا وجود له!، حتي يتسني لجهات التحقيق تحديد الجناة الأساسيين وراء الكارثة!، ولا يبقي غير المالك الذي باع الوحدات المخالفة - ضمن أدوار ووحدات الرخصة - واستطاع توصيل كافة المرافق - المياه والكهرباء - الي العقار بوحداته المخالفة!، ويثبت ببعض الأوراق أن هناك غرامات قد دفعها لينشأ بعد ذلك «تصالح» بينه وبين الإدارات المحلية التي حصلت الغرامات ويتسني للمالك بعد ذلك توصيل المرافق بناء علي التصالح! ويؤسفني ألا أجد فيما انتهي اليه مجلس المحافظين في اجتماعه الذي أشرت إليه!، فليس عدم تقنين أوضاع المباني المخالفة، ووقف البناء المخالف فورا، ثم تغليظ الغرامات علي المخالفين لحين إتمام الإزالة!، فهذا كله لن يمنع «حيل» التحالف الذي أشرت إليه!، مادامت الإدارات الهندسية بالمحليات هي المسئولة أولا وأخيرا عن الترخيص بالهدم والبناء!، وكنت قد تابعت اقتراحا لمواطن رأي أن الردع في مسألة الأبنية المخالفة لن يكون بغير تحصيل القيمة السوقية التي باع بها أي مالك مخالف الوحدات التي اشتملت عليها الأدوار المخالفة!، فلن يكون هناك رادع موجع للملاك عند المخالفة غير هذا الأسلوب الذي يحتاج الي تقنين غليظ!، وبعد أن تحولت «قرارات الإزالة» إلي «إزالات كاريكاتورية» يقوم بها الذين ينفذون هذه القرارات ويحولونها الي مجرد «إزالات شكلية» لا تعني هدما ولا إزالة!، إنما يقوم هؤلاء - بالتعاون مع الملاك وحائزي الوحدات - بإحداث بعض الفتحات في الأسقف والجدران، وتقديم مخلفات هذه «العملية الوهمية» الي إداراتهم لإثبات أنهم قد نفذوا قرارات الإزالة!، مما يؤكد الحاجة الشديدة الي عقاب رادع للمخالفين وحلفائهم في الإدارات المحلية حتي تتوقف انحرافات البناء!