قالت مجلة (تايم) الأمريكية: إن المظاهرات بالمدن الأوروبية احتجاجاً على سياسات التقشف، ليست امتداداً للربيع العربي،الذي ثار خلاله الشباب يفتقدون للحرية ولفرص الحياة الكريمة على أنظمتهم التي تعاملتهم معهم بوحشية. وأوضح توني كارون، كاتب المقال بالصحفية ، أنه من المؤكد أنه مثلما تمرد الشباب في العالم العربي ضد الوضع الذي فقدوا فيه الأمل في حياة كريمة، فإن شباب أوروبا الغربية، أخذ زمام الأمور للاحتجاج ضد فشل نظمهم الاجتماعية فى تلبية تطلعاتهم. لكنه استدرك أن ما يحدث فى أوروبا ليس هو الربيع العربي، فالحكومات فى أوروبا الغربية جاءت عن طريق الانتخاب ومن غير المرجح أن تتعامل مع المتظاهرين بوحشية. لكنهم فى الوقت نفسه لا يملكون حلولاً سهلة للمشاكل التي تعاني منها شعوبهم التي ترفض أن يقوم مصرفيون في إحدى العواصم البعيدة تقرير مستقبلهم. وأشار "كارون "إلى أن معدل البطالة بين الشباب فى مصر خلال التمرد كان حوالي 25٪ أما في أسبانيا اليوم فيصل إلى 40٪، وفي اليونان يزيد عن 35%، ومن المرجح أن يرتفع نتيجة لتدابير التقشف، وفي البرتغال نحو 27٪، وحتى في بريطانيا وفرنسا يصل لحوالي 20٪. وأضاف الكاتب واصفاً الاحتجاجات في مدينة أثينا، العاصمة اليونانية، بأنها تجمع يضم عشرات الآلاف من الشباب وكبار السن في الساحة الرئيسية، للاحتجاج ضد البطالة والنظام الاجتماعي الذي لا يلبى تطلعاتهم من أجل حياة لائقة، وأيضاً ضد من هم في السلطة، الذين يرى المحتجون أنهم يخدمون أجندات لا تمس شعبهم. وقد أصابت تلك الاحتجاجات أثينا "بالشلل التام نتيجة للاضراب العام الذى أعلن لمدة يومين، وللاحتجاجات التي أحاطت بمبنى البرلمان". وأوضح أنه، بينما كانت الحكومة اليونانية تبذل جهدها داخل البرلمان من أجل برنامج التقشف الاقتصادى الذي لا يحظى بشعبية، وكذلك سعر الفائدة المرتفع على القروض المقدمة من الاتحاد الأوربي لمنع تعثر اليونان عن سداد ديونها- كان مئات الآلاف خارج المبنى يتعاهدون على محاربة الحكومة ورفض الإجراءات التي تمليها البنوك والمؤسسات الأجنبية، التي من شأنها المساس بمستوى معيشتهم. مشيراً إلى أنه يبدو أن ما يحدث باليونان سينتشر في أنحاء أوروبا هذا الصيف. وقد شهدت إسبانيا والبرتغال بالفعل احتجاجات مماثلة، ويمكن توقع المزيد. وفي حين تصر الحكومات على أن التقشف هو السبيل الوحيدة للمضي قدماً في ظل هذه الظروف، فإن ملايين الأوروبيين يرفضون ذلك، ويعتبرون أن التقشف سيؤدي إلى إطالة أمد البطالة والفقر. ويرى المتظاهرون اليونانيون أن سياسة التقشف المرتبطة بالقروض وضعها الاتحاد الأوروبي لتلبية احتياجات البنوك الفرنسية والألمانية التى قدمت القروض الأصلية للنخبة في اليونان. كما يرون أن القروض الجديدة ذات الفائدة المرتفعة هى محاولة "لانقاذ المصارف على حساب الشعب". وحذر "أمارتيا سن" الحائز على جائزة نوبل فى الاقتصاد، وآخرون، من أن تؤدى تدابير التقشف المطلوبة من اليونان إلى انكماش الاقتصاد وخنق آفاق النمو الاقتصادي في المستقبل. ويأمل المصرفيون في العالم أن تكون المواجهة التى تشهدها شوارع أثينا مجرد وهم عاطفى من قبل الشعب الذى يميل نحو التشدد ضد قوانين التمويل العالمي. ولكن ملايين الأوروبيين يرون في اليونان بداية العودة إلى مكافحة البرامج الاقتصادية المصممة خصيصاً لتلبية احتياجات البنوك على حساب الناس العاديين. وهو ما ينذر بصيف ساخن في شوارع أوروبا. ومن المرجح أن تتصاعد الاحتجاجات المناهضة للتقشف في إسبانيا والبرتغال وبريطانيا هذا الصيف، ولاسيما بين الشباب.