أكد الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربى ضرورة حماية ونشر وتعزيز حقوق الإنسان، معتبراً أنها تشكل المفتاح الأساسى لتحقيق السلام والتنمية المستدامة فى العالم العربى. وشدد العربى - فى كلمته اليوم الأحد أمام الاحتفالية التى نظمتها الجامعة العربية بمناسبة إحياء اليوم العربى لحقوق الإنسان تحت شعار "وطن عربى خالٍ من التمييز" بمشاركة عدد كبير من مسئولى وخبراء حقوق الإنسان فى الدول العربية - على أن الجامعة العربية تضع حقوق الإنسان على رأس جدول أعمالها وتبنت أجندة تهدف إلى تعزيزها فى المنطقة العربية من خلال طرح أهم التحديات التى تواجه حقوق الإنسان فى فعاليات عدة تجمع بين الجهات الحكومية والمجتمع المدنى العامل فى مجال حقوق الإنسان. وقال إن ذلك يأتى لتقريب وتبادل وجهات النظر والخروج باستراتيجيات أو توجه يضمن حماية وتعزيز حقوق الإنسان فى جميع البلاد العربية، بما فى ذلك توفير الحماية القانونية للمدافعين عن حقوق الإنسان، وبناء كوادر من الفاعلين فى مجال حقوق الإنسان بالتعاون مع جهات دولية وإقليمية عدة من ضمنها الاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة. وأضاف العربى، إن للأمانة العامة الآن جهوداً حثيثة للانتهاء من إعداد مشروع النظام الأساسى للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، وذلك بعد أن أقرت عملية إنشائها من مجلس الجامعة على مستوى القمة فى الدوحة العام الماضى، بناء على مقترح تقدمت به مملكة البحرين، وسيعرض النظام الأساسى على القمة المقبلة التى تنعقد بعد 10 أيام فى الكويت، وبعد إقراره يبدأ عمل المحكمة الذى يعد نقلة حضارية فى المنطقة العربية لتلحق بركاب العصر، مثلما فعلت أوروبا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا، ومن المقرر أن تعقد لجنة الخبراء العرب المكلفة بوضع النظام الأساسى للمحكمة اجتماعاً غداً بالجامعة لوضع اللمسات النهائية لهذا النظام. وأعرب عن تطلع الجامعة العربية نحو تحقيق وطن عربى خالٍ من التمييز، داعياً إلى تضافر الجهود لضمان تعزيز ثقافة حقوق الإنسان فى العالم العربى والوفاء بالالتزامات الدولية للدول الأعضاء تجاه حماية حقوق الإنسان. وأكد فى هذا الإطار أهمية مساهمة المؤسسات الوطنية والمنظمات غير الحكومية العاملة فى مجال حقوق الإنسان بالتعاون مع الحكومات.. قائلاً: إن الاحتفال بالذكرى السادسة لدخول الميثاق العربى لحقوق الإنسان حيز النفاذ تعد مناسبة مهمة لتأكيد تمسك جميع الدول العربية باحترام وتعزيز حقوق الإنسان، باعتبارها حقوقاً أصيلة فى أى مجتمع وهى جزء من القيم الإنسانية، وتشكل ضرورة حيوية لإحراز أى تقدم فى مجالات عدة ، خصوصاً مجال التنمية الاقتصادية ومجال سيادة القانون. ونبه العربى إلى أن الأوضاع فى العالم كله وليس العالم العربى فقط تحتاج إلى الارتقاء بمستوى الاعتراف بحقوق الإنسان، وهذا ما يجب السعى إليه، مؤكداً أهمية هذه الندوة حيث تناقش عدداً من الموضوعات المطروحة على الساحة الإقليمية وهى مكافحة التمييز الذى نصت عليه جميع المواثيق والمعاهدات الدولية، والإقليمية بما فى ذلك الميثاق العربى لحقوق الإنسان. وأشار إلى أن مبادئ وأهداف الميثاق العربى لحقوق الإنسان الذى دخل حيز النفاذ فى السادس عشر من شهر مارس، أكدت على الحاجة إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان فى المنطقة العربىة، موضحاً أنه جاء فى المادة الأولى التأكيد على وجوب إعداد أجيال المنطقة لحياة حرة مسئولة فى مجتمع مدنى متضامن قائم على التلازم بين الوعى بالحقوق والالتزام بالواجبات، وكذلك التأكيد على ترسيخ المبدأ القاضى بأن جميع حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتشابكة وبالتالى لا يستطيع أى حاكم فى أية دولة أن يقول إن حقوق الإنسان فى هذه الدولة شأن داخلى.. بل هى شأن عالمى وجميع الدول عليها أن تسعى لتحقيق ذلك. كما كفل الميثاق العربى لحقوق الإنسان حق كل فرد فى التمتع بالحقوق والحريات الواردة فيه، دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس، أو اللغة أو العقيدة، أو الرأى، أو الفكر، أو الأصل الوطنى، أو الاجتماعى، أو الثروة، أو الميلاد، أو الإعاقة البدنية أو العقلية. ولفت العربى إلى أنه فى إطار مواكبة التطورات الراهنة، تقوم جامعة الدول العربية بتنفيذ قرار قمة الدوحة العام الماضى بتطوير منظومة العمل العربى المشترك لتتلاءم مع متطلبات واحتياجات الشعوب العربية بما يعزز استقرار المنطقة، ويشمل هذا التطوير ميثاق جامعة الدول العربية ذاته، والميثاق تم صياغته عام 1944 أى قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية، وللأسف لا نجد فى ميثاق جامعة الدول العربية أى إشارة إلى أى موضوعات متعلقة بحقوق الإنسان لأن العالم لم يكن يتحدث فى ذلك الوقت عن حقوق الإنسان، ويشمل التطوير تنفيذ تعهدات الدول الأعضاء بحماية واحترام حقوق الإنسان، كما سيشمل التطوير الميثاق العربى لحقوق الإنسان ليصبح أكثر توافقاً مع المواثيق الدولية ذات العلاقة. وأوضح العربى فى كلمته أن المنطقة تشهد أزمات وتوترات، قد تشتد أو تقل حدتها من مجتمع إلى آخر، وأظهرت هذه الأزمات بشكل أو بأخر التمييز فى مجتمعاتنا العربية تجاه حقوق بعض الفئات، خصوصاً تلك الأكثر هشاشة، وعلى رأسها المرأة، وكذلك العمالة الأجنبية، إضافة إلى الإقصاء الطائفى والمذهبى والفكرى، والذى اتخذ أخيراً شكله الدينى متجلياً بالتوترات الطائفية فى عدد من دول المنطقة. ونبه إلى أن تصاعد وتيرة التمييز بهذه الصورة يؤكد على أن التمييز لا يعد فقط قضية أخلاقية ومكافحته تعد مبدأً أخلاقياً، بل فى بعض الأحيان يعتبر معضلة سياسية تستدعى تبنى سياسات إصلاحية على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والقانونية والاجتماعية، ولابد هنا من الإشارة إلى التمييز العنصرى المؤسس والممنهج الذى تمارسه السلطات الإسرائيلية فى حق الشعب الفلسطينى، بما فى ذلك فلسطينيى 48 من حاملى الجنسية الإسرائيلية الذين يعيشون داخل إسرائيل نفسها. وناقش المشاركون فى المؤتمر الخاص بالاحتفالية 4 محاور تتناول أشكال التمييز فى المنطقة العربية وتداعيات هذه الظاهرة على مفهوم المواطنة، والقوانين والآليات والتدابير اللازمة لمكافحتها، وكذلك الاستفادة من التجارب الناجحة فى محاربة ظاهرة التمييز.