يجب أن ينص القرار الذي يصدر بحل الأحزاب والجماعات الدينية التي تقوم بنشاط سياسي، علي أنه يجوز خلال فترة لا تزيد علي ستين يوماً أن يتحول الحزب أو الجماعة الدينية إلي جمعية دعوية لا يعمل بأية صورة بالسياسة ولا تنشط بأي جهد سياسي حزبي مع النص علي أيلولة أموال الحزب أو الجماعة التي يتم حلها إلي الجمعية الدعوية المماثلة أو الأقرب إلي غرضها أو أيلولتها إلي الدولة، وذلك إذا لم يتم توفيق أوضاع الحزب أو الجماعة المنحلة كجمعية «دعوية دينية» خلال فترة الستين يوماً المذكورة، ومع أن استصدار هذا القرار بقانون أو القرار الجمهوري علي النحو المبين آنفاً في هذا المقال والمقال السابق ليس محتماً اكتفاء بنص الدستور وقانون الأحزاب القاطع في حل أي حزب أو جماعة سياسية تقوم علي أساس ديني سواء كان الدين الإسلامي أو غيره، ولا يحتاج الأمر إلا إلي قرار تنفيذي يصدر من رئيس الجمهورية أو من مجلس الوزراء. وبالنسبة للجماعة الإخوانية الإرهابية فإن حكم محكمة الأمور المستعجلة الذي صدر في شأنها حاسم في أمر حلها مع حزبها «الحرية والعدالة» مع حصر أموالها وأموال هذا الحزب وأيلولة هذه الأموال إلي الجمعية الدعوية الإسلامية التي يتحول إليها خلال الفترة التي يحددها القرار أو تتم أيلولتها للدولة لاستخدامها في الإنفاق علي إعانة الجمعيات الدعوية الخيرية المختلفة والموجودة بصفة قانونية وشرعية بالبلاد، وقد يكون إصدار قرار بقانون في هذا الشأن ملائماً للحاجة إلي النص علي تجريم وحظر أي نشاط حزبي أو سياسي لأية جماعة أو حزب ديني محظور وحظر الانضمام من أي شخص إليه ذلك كما فعلت السعودية منذ أيام في قرارها بحظر جماعة الإخوان الإرهابية وغيرها من الجماعات المماثلة! وبالنسبة لهذا النوع من الأحزاب والجمعيات والجامعات الواجبة الحل فإنه ليس محل جدل أن أغلبية الشعب المصري يدينون بالإسلام والباقون يدينون بالمسيحية بصفة عامة، وليس يتفق مع مبادئ الإسلام الصحيح وصف الشعب المصري بالجاهلية أو الكفر كما ذهب إلي ذلك سيد قطب الفقيه الأساسي للجماعة الإرهابية، فالأغلبية العظمي من هذا الشعب تشهد أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمداً رسول الله ويقيم الصلاة ويؤدي الزكاة والحج ويصوم رمضان! كما أنه يوجد في القاهرة وحدها ما لا يقل عن خمس وعشرين ألف مسجد وزاوية للصلاة، ويعلي الأذان في جميع الوسائل المسموعة والمرئية، والأساس الذي تقوم عليه الأحزاب السياسية هي البرامج والمبادئ الحزبية السياسية، حيث إن الحزب عبارة عن تجمع جمهور من الناس علي أهداف سياسية واقتصادية وثقافية موحدة ورسالته دعوة الناخبين للانضمام لعضوية الحزب لكي يتمكن بالأغلبية من المنضمين إليه من الناخبين أن يتوصل بالطريق الديمقراطي، أي من خلال الحوار الحر والانتخابات الحرة للحصول علي موافقة غالبية الناخبين علي تولي الحزب الحكم لتحقيق برنامجه السياسي الذي يشتمل علي تحقيق أهداف وأغراض في برامج ذات طبيعة سياسية أو اقتصادية واجتماعية وثقافية وديمقراطية تنهض بالحياة ديمقراطياً واقتصادياً وترفع مستوي معيشة الناخبين وتقود تقدم الدولة في مجال التنمية الشاملة!، الأمر الذي يختلف كلية بالنسبة للأهداف والمبادئ التي تقوم عليها جماعة الإخوان الإرهابية وحزبها الذي يرفع شعارات «الإسلام هو الحل» والالتزام بتحويل الدولة إلي دولة إخوانية بعد التمكن من السيادة عليها، مع الإلزام بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية!، وهذه المزاعم لا سند لها في مبادئ الإسلام أو في الواقع، حيث أغلبية المصريين المسلمين يقيمون أركان ودعائم الإسلام بالفعل، ويلتزمون بالعبادة وفقاً لأصول الدين وجوهره، كما أن الثابت أن الشريعة الإسلامية مطبقة في مصر منذ قرون وتم تقنينها بصفة خاصة منذ عام 1928 حيث شكلت لجنة وضعت قانون الأحوال الشخصية للمسلمين، واستمدت أحكامه من المذاهب الإسلامية المختلفة بما فيه ذلك مذاهب الشيعة، كما صدرت بعد ذلك قوانين المواريث والوقف والوصية وكذلك قانون العقوبات والقانون المدني وكلها قوانين مستمدة مع الشريعة الإسلامية، وقد نص قانون العقوبات علي حظر أن يخل أي من أحكام هذا القانون بأي من أحكام الشريعة الإسلامية، كما نص القانون المدني علي أن الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للقانون، كما نص علي ذلك دستور عام 2014، ورغم مزاعم جماعة الإخوان الإرهابية فإنه لا يوجد في مصر ما هو غير مطبق من الشريعة الإسلامية سوي الحدود العقابية السبعة التي يجوز تطبيقها إلا وتوفر للمصريين «حد الكفاية» في حياتهم ومعاشهم، وقد أوقف تطبيقاً لذلك الخليفة عمر إقامة حد السرقة علي من نهبوا القوافل في «عام الرمادة»، كما قال الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز: «لو استرجعت من أمري ما استدبرت لجعلت لكل مسلم بيت يؤويه وزوجة يأنس إليها، ودابة يركبها»، تعبيراً عن حد الكفاية، ولا شك أن 45٪ من المصريين حالياً يعانون من الفقر ولا يتجاوز دخل من يعمل منهم يومياً دولاراً واحداً، كما أن هناك 13٪ من القوي العاملة في حالة بطالة، ولا يقل عن 8٪ في حالة بطالة مقنعة!، كما أن الدولة مدينة داخلياً وخارجياً بأكثر من مائة مليار، كما قال سيد قطب فقيه الجماعة الإرهابية نقلاً عن ابن تيميه وابن القيم الجوزية بأنه إن لم يخضع الشعب المصري لما ابتدعه من مبادئ إخوانية فإنه سيتعين استخدام العنف لفرض العقيدة الإخوانية، التي قال كما تفعل حالياً الجماعة إنها سوف تنشرها بالعنف والقوة والإرهاب، ومن الغريب ألا تدعو الجماعة إلي مذهبها الإرهابي في دول آسيا وأفريقيا، حيث مئات الملايين من الشعوب البوذية والكونفوشيسية والوثنية!! ومن المأمول أن تحقق الرئاسة والحكومة الجديدة في مصر بحل يزيح الأحزاب والجماعات المحظورة في أقرب وقت. رئيس مجلس الدولة الأسبق