الأمين العام للإنتوساي: مصر تؤدي دورًا رياديًا في ترسيخ الشفافية والسلام    انطلاق المرحلة الثانية من برنامج تنمية مهارات اللغة العربية ب7 إدارات تعليمية في المنيا    مصر تنجح في تحقيق توافق أفريقي حول قواعد المنشأ العالقة بإتفاقية "AfCFTA"    شاشات عرض كبرى في شوارع وميادين الشرقية لنقل مراسم افتتاح المتحف المصري الكبير    وزيرة التضامن: ندعم الأسر المنتجة ونستهدف تنمية الموارد الاقتصادية لها    وزير الخارجية يبحث مع نظيره السوداني تطورات الأوضاع في مدينة الفاشر    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    جيش الاحتلال الإسرائيلي يزعم اغتيال مسئول بحزب الله في لبنان    ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 256 بعد استشهاد صحفي في غارة إسرائيلية    تعليق مثير من مدرب ليفربول على تراجع أرقام محمد صلاح التهديفية    محمد فاروق: محمد السيد طلب 10 مليون جنيه للتجديد وجون إدوارد مستمر    محافظ الدقهلية يتابع من مركز سيطرة الشبكة الوطنية التعامل مع مياه الأمطار    لخلافات بسبب المزاح.. ضبط 3 طلاب تشاجروا بالأسلحة البيضاء أمام مدرسة بأسيوط    حالة الطقس في السعودية.. استقرار الأجواء مع فرص لتكون ضباب    ضبط 4 عاطلين كونوا تشكيلا عصابيا للإتجار بالمواد المخدرة بشبرا الخيمة    النقل تعلن مواعيد تشغيل المترو والقطار الكهربائي الخفيف بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025    كارول سماحة: افتتاح المتحف المصري الكبير ناطرة تاريخية    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    صحح مفاهيمك: التزامك بتعليمات المتحف وعى حضارى وصورة راقية لزائر راق    تطبيق التوقيت الشتوي رسميًا في مصر غدًا.. الساعة تتأخر 60 دقيقة    كييزا: أشعر بتحسن كبير هذا الموسم.. وأريد البقاء مع ليفربول    كأس العالم للناشئين - مدرب إيطاليا: علينا التأقلم سريعا مع المناخ في قطر    سيد عبد الحفيظ: لا أفكر في رئاسة الأهلي مستقبلا    اللجنة الأولمبية تعتمد عقوبات صارمة ضد عمر عصر ومحمود أشرف بعد أحداث بطولة إفريقيا لتنس الطاولة    رئيس الوزراء يشهد افتتاح المؤتمر الدولي للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة    الاحترام والوعي الديني وعدم التنمر، في ندوات لأوقاف الإسماعيلية بالمدارس ضمن مبادرة "صحح مفاهيمك"    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    مصر تشارك في اجتماع لجنة مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي    الأونروا: المساعدات لغزة تضاعفت لكنها نقطة في بحر الاحتياجات    وزير الخارجية المصري يبحث مع نظيره السوداني الأوضاع في الفاشر    ملفات ساخنة على طاولة أول لقاء يجمع المستشار الألمانى ورئيس تركيا    سفيرة قبرص لدى مصر: المتحف الكبير.. الهرم العظيم الجديد لعصرنا الحديث    رامي جمال يستعد لإطلاق ألبوم جديد بفكرة جديدة    فيلم أوسكار عودة الماموث يفاجىء أبطاله بإيرادات ضخمة بعد أسبوعين (بالأرقام)    تحليل: 21% من السيارات الجديدة في العالم كهربائية بالكامل    وزير الصحة يترأس الاجتماع الثاني للمجلس الوطني للسياحة الصحية    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    الأقصر تزين ميادينها وتجهز شاشات عرض لمتابعة افتتاح المتحف المصري    إصابة 5 أشخاص في انقلاب سيارة سوزوكي على طريق أسيوط الغربي    إعصار ميليسا يصل الساحل الجنوبي لشرقى كوبا كعاصفة من الفئة الثالثة    شمس البارودي تنشر السيرة الذاتية لزوجها حسن يوسف في ذكرى وفاته    البورصة توقف التداول على سهم بلتون القابضة.. والشركة تؤكد التزامها بالشفافية واستقرار مركزها المالي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    حركة المحليات بالأسماء.. تفاصيل تعيين ونقل 164 قيادة محلية في 11 محافظة    السيطرة على حريق محدود داخل معرض فى التجمع    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    اسعار اللحوم اليوم الأربعاء 29اكتوبر 2025 بمحلات الجزارة فى المنيا    الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    نقابة الزراعيين بالدقهلية تختتم دورة "صناع القرار" بالتعاون مع الأكاديمية العسكرية    طريقة عمل طاجن البطاطا بالمكسرات.. تحلية سريعة في 20 دقيقة    بالدموع والإيمان.. ربى حبشي تعلن عودة مرض السرطان على الهواء مباشرة    استشاري صحة نفسية: الأم المدخنة خلال الحمل تزيد احتمالية إصابة طفلها ب فرط الحركة    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    سوزي الأردنية تواجه أول حكم من المحكمة الاقتصادية    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    في الشغل محبوبين ودمهم خفيف.. 3 أبراج عندهم ذكاء اجتماعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رضوان السيد يكتب : زيارة أوباما والعلاقات العربية الأميركية
نشر في الوفد يوم 14 - 03 - 2014


رضوان السيد

ظهر الاضطراب على السطح في العلاقات العربية - الأميركية عام 2013 في ثلاث مناسبات: الاتفاق النووي بين أميركا وإيران، وتغير الموقف الأميركي من قصف الأسد لشعبه بالكيماوي، وإزاحة مرسي من الرئاسة في 3 يوليو (تموز) 2013 ووقوف الولايات المتحدة ضد تلك الإزاحة. وعندما يأتي الرئيس الأميركي إلى المملكة العربية السعودية أواخر هذا الشهر، سوف يجد أمامه مسائل ومشكلاتٍ أخرى للبحث والمراجعة واجتراح الحلول إضافة إلى ما تراكم. ومن ذلك الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي الذي يريد أوباما ووزير خارجيته تحقيق تقدمٍ فيه، وكالعادة على حساب الطرف الذي يعتبره ضعيفاً وهو الطرف الفلسطيني – العربي!
أظهرت الدول العربية وعلى رأسها الدول الخليجية صدمةً بسبب الاتفاق الأميركي والدوليين الآخرين مع إيران بشأن النووي. وقد تعددت الأسباب لذلك من المفاجأة وإلى التفرد الأميركي فإلى عدم اهتمام الأميركيين بمصالح دول الخليج، وأخيراً لأن الأميركيين أظهروا استخفافاً بشركائهم الذين التزموا معهم سنواتٍ وسنوات بشروط الحصار، وشروط أمن الخليج، والملفات الأخرى الخاصة بأمن المنطقة العربية في المشرق من العراق وإلى سوريا والبحرين واليمن ولبنان. وفي حين أصرّ الأميركيون على أنّ الاتفاق لا يشمل غير النووي، فإنّ الخليجيين إجمالا، لا يزالون يشكّون في أنّ في الصفقة شبهة التبادل أو التسليم لإيران بمناطق النفوذ في الدول العربية في مقابل التخلّي (غير المؤكَّد على أي حال) عن الجانب العسكري في البرنامج النووي. وعندما يأتي الرئيس الأميركي إلى المملكة، يكون الأميركيون قد قطعوا شوطاً في تغيير العلاقات مع إيران باتفاقات يستحيل معها إعادة التوازُن إلى ملفات الأمن والتحركات العسكرية الإيرانية في المنطقة. وهذا يعني أنه مع الانسحاب الأميركي المستمر منذ عام 2010 فإنّ احتمالات الاضطراب في سائر الأنحاء سوف تتزايد تحت وطأة الاندفاع الإيراني المستمر، وارتفاع مستويات التوتر في الملف الشيعي - السني. وتظل المفارقة في استمرار الإرهاب الإيراني والقتل بسائر الأنحاء، في حين لا يعرف الأميركيون وحلفاؤهم غير «الإرهاب السني»، الذي لولا هجمات الطائرات من دون طيار، فإنّ العرب المتهمين به هم الذين يكافحونه وحدهم!
والواقع أنّ الملفَّ السوري وإن لم يكن الأهمّ، فإنه يكاد يكون الأبرز في ما يأخذه الخليجيون وعربٌ آخرون على إدارة أوباما. فمنذ البداية سلّمت الولايات المتحدة إلى روسيا الاتحادية مسألة الحلّ السياسي للأزمة في سوريا. وحتى مؤتمر «جنيف1» أواسط عام 2012 فإنّ سوريا أظهرت اهتماماً بالحلّ السياسي الانتقالي بالفعل. لكنها على مدى نحو العام اندفعت بالتنسيق مع إيران بالاتجاه المعاكس: أي مساعدة الأسد على الانتصار. وما حال دون ذلك في نظر الولايات المتحدة الكيماوي أو القتل الذريع أو التهجير أو التجويع. وبعد فشل «جنيف2» أظهرت الولايات المتحدة خروجاً من التسليم لروسيا، إنما لم تكن لذلك نتائج على الأرض، لا تجاه الثوار، ولا تجاه الدول العربية المهتمة بالتعاون مع الولايات المتحدة وحلفائها في إنهاء سفك الدم في سوريا. ولذلك وعندما يأتي أوباما إلى المملكة، سيكون عليه لا أن يوضح سلوكه السابق وحسْب، والذي عجز وزير خارجيته عن إيضاحه، بل أن يكشف عن رؤيته إن تكن لديه رؤية، في كيفية معالجة الأزمة السورية إن لم يكن لجهة مصائر سوريا الأرض والشعب، فلجهة السياسات تجاه الوجود الإيراني والروسي في الأزمة وعلى الأرض.
ويتصل بالملف السوري مباشرةً ملفّ الإرهاب، فالعرب يقاتلون الإرهاب في كل مكان، ويعتبرونه انشقاقاً بداخل الإسلام، وهو تهديدٌ كبيرٌ لدينهم وأمنهم. لكنّ إيران تمارس الإرهاب مباشرةً وبواسطة تنظيماتها الطائفية المسلَّحة في أربع دولٍ عربيةٍ هي العراق وسوريا ولبنان واليمن. فلماذا لا تُظهر أميركا ردَّة فعلٍ على ذلك من أي نوع؟! ثم ها هي تساعد المالكي (وإيران عملياً) بالعراق ضدَّ إرهاب «القاعدة»، فلماذا لا تساعد أولئك الذين يقاتلون «داعش» ويقاتلون الميليشيات الإيرانية في سوريا واليمن؟!
والملفُّ المصري (واستطراداً ملفّ الإسلام السياسي) مشكلةٌ كبرى في العلاقات بين العرب والولايات المتحدة. منذ البداية دعمت الولايات المتحدة وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة بمصر. وقد كان يمكن فهم ذلك بالإجراءات الديمقراطية! لكنّ الشعب المصري ثار على الإخوان ثورة أعظم من ثورة يناير (كانون الثاني) التي أظهرت الولايات المتحدة دعماً لها، فلماذا هذا الموقف الغريب من حركة الشعب والجيش بمصر؟! ولماذا هذا الموقف المائع من الإرهاب الذي يندلع بمصر الآن، والإخوان ليسوا بعيدين عنه؟! وإذا أخذنا بالاعتبار مواقف الولايات المتحدة في العراق وسوريا واليمن - والآن بمصر - نكاد نذهب إلى أن الإدارة الأميركية في فترتي أوباما تتعمد مواجهة العرب، حتى عندما يصبُّ ذلك لصالح العنف الإرهابي الذي تضع أميركا مكافحته في رأس أولوياتها!
ولنصل إلى ملفّ النزاع التاريخي على فلسطين، وهو نزاعٌ أخذت إدارة أوباما وقتها فيه منذ عام 2009 ودون توقف، وأيام ميتشل كما أيام كيري، وبعد هذا التردد الطويل لأكثر من خمس سنوات، نجد أنّ كيري (ومن ورائه، بل ومن أمامه أوباما) يعرض «اتفاق إطار» يعطي الفلسطينيين أقل مما أعطاهم كلينتون في أواخر أيامه! فأول مرةٍ يريد أوباما إعلان إسرائيل دولةً يهودية، صار نصف سكانها (مع الأراضي التي تضمها باستمرار) من غير اليهود! ولأول مرةٍ يريد أوباما إعطاء الدولة العبرية وجوداً أمنياً وعسكرياً على الحدود مع الأردن ومع مصر، ولأول مرةٍ لا يعود للفلسطينيين وجود سيادي في القدس. ومع هذا كلّه أو فوق هذا كلّه يريد أوباما من المملكة إقناع الفلسطينيين بالحلّ الذي يقترحه وزير خارجيته للنزاع، دون أن يوضّح لماذا يكون على الفلسطينيين أن يقبلوا بهذا الحلّ/ الأزمة المستمرة، والذي يزيد من إشعال النزاع بدلاً من تهدئته! ويقول الأميركيون الذين يدعمون وجهة نظر إدارة أوباما إنّ هذا هو المتاح الآن وسط تصاعد موجات اليمين في إسرائيل، وعدم قدرة الرئيس عباس على التفاوض باسم غزة، وحتى لا يتفاقم الاستيطان أو يزداد تفاقمه. ويجيبهم الليبراليون الأميركيون اليهود وغير اليهود: إنّ الدولة اليهودية هذه تعني موجات هجرة جديدة تتهدد الضفة الغربية والأردن. والحلّ المقترح يؤبّد الاحتلال، ويضع ملايين الفلسطينيين بين التمييز والقبول به أو الثورة والفوضى. وهذا فضلاً عن أنّ الدولة العتيدة بالشكل المقترح غير قابلة للحياة! ثم لماذا يكون على المملكة والعرب الآخرين القبول بحلٍّ كهذا اعتماداً على الضمانات الأميركية، التي ما توقفت عند شيءٍ أو عند حدٍّ تجاه العرب خلال السنوات الخمس أو الست الماضية؟!
يواجه العرب في السنوات الأخيرة أزماتٍ طاحنةً ربما لم يواجهوا مثلها في تاريخهم الحديث أو في النصف الثاني من القرن العشرين، والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وهذا الاختلال يحدث على الأرض بفعل تفكك الأنظمة العسكرية والأمنية، وبفعل الهجمة الإيرانية، وسوء العلاقات مع قطبي النظام الدولي: الأميركي والروسي، وخلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، ما ووجهت هذه الظواهر بمقاومةٍ أو محاولاتٍ للخروج إلاّ من جانب دائرة الاستقرار الباقية في الخليج. وقد بُذلت جهودٌ جبّارةٌ لإقامة علاقاتٍ أخرى مع أميركا ومع روسيا ومع إيران ومع تركيا. لكنّ هذه الجهود - باستثناء تغيير معقول في العلاقات مع فرنسا - ما أثمرت لناحيتين: لناحية لجم التوتر وإيقاف سفك الدم، ولجهة إقامة أنظمة جديدة ومستقرة في الدول التي سقطت أنظمتها العسكرية والأمنية.
وسط هذه الظروف المقبضة، والتي يزيد من فظاعتها إرهاب الموجة الثانية من موجتي «القاعدة»، لا أنتظرُ شخصيا، حدوثُ الكثير من وراء زيارتين: زيارة الرئيس الإيراني الجديد إلى عُمان، وزيارة الرئيس الأميركي إلى المملكة العربية السعودية. الرئيس الإيراني لا يستطيع الإعلان عن الانسحاب من العراق وسوريا ولبنان واليمن، والرئيس الأميركي لن يغير مواقفه في سوريا ومصر والعراق وفلسطين، ولذا قد يكون علينا الصمود والعناد إلى أن ييأس الأميركيون والإيرانيون والروس والإسرائيليون، من إمكان تحقيق مكاسب على أرضنا وفي غيابنا أو استسلامنا!
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.