تعليمات عاجلة من وكيل تعليم الفيوم لمديري الإدارات التابعة    شريف الشربيني يستعرض تفاصيل مشروع توسعات محطة معالجة الصرف الصحي بمرسى مطروح    محافظ الجيزة يتفقد أعمال توصيل كابلات الجهد العالى لدعم محطة مياه جزيرة الدهب    عائلات أسرى الاحتلال: نتنياهو يفرض حربا أبدية ويضحي بأبنائنا والجنود    المتحدث الإعلامي للجالية المصرية بهولندا: المصريون في الخارج داعمون للقيادة السياسية    مطار العريش يستقبل طائرة باكستانية محملة بالمساعدات لصالح غزة    إنجاز تاريخي ينتظر محمد صلاح مع ليفربول أمام نيوكاسل    «هنقفل ونمشي».. الزمالك يكشف تأثير سحب أرض 6 أكتوبر    أحمد سامي يتظلم على قرار إيقافه وينفي ما جاء بتقرير حكم مباراة الإسماعيلي    الكشف عن موعد عودة نجم ريال مدريد    نتائج 4 مواجهات من مباريات اليوم السبت بدوري المحترفين    انتشال جثة شاب غرق في نهر النيل بمصر القديمة    حبس المتهم بإنهاء حياة صديقه بالفيوم 4 أيام على ذمة التحقيقات    يستمر لمدة 3 شهور.. تفاصيل معرض «سحر مصر القديمة بعدسة إيطالية» في المتحف المصري بالتحرير    كيف تدرب قلبك على الرضا بما قسمه الله لك؟.. عالم أزهري يجيب    فحص 578 مواطنا ضمن قوافل طبية مجانية بالبحيرة    توجيهات بالتنسيق مع إحدى الشركات لإقامة ملعب قانونى لكرة القدم بمركز شباب النصراب في أسوان    غدا.. قصور الثقافة تطلق ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير بمشاركة 20 فنانا    صلاح عبد العاطي: إسرائيل تماطل في المفاوضات ومصر تكثف جهودها لوقف إطلاق النار    زلزال بقوة 6 درجات يضرب المحيط الهادئ قبالة سواحل السلفادور وجواتيمالا    الوفديون يتوافدون على ضريح سعد زغلول قبل احتفالية ذكرى رحيل زعماءه التاريخيين    بحوث الصحراء.. دعم فني وإرشادي لمزارعي التجمعات الزراعية في سيناء    إسماعيل يوسف مديرا لشؤون الكرة في الاتحاد الليبي    إسلام جابر: تجربة الزمالك الأفضل في مسيرتي.. ولست نادما على عدم الانتقال للأهلي    15 صورة.. البابا تواضروس يدشن كنيسة الشهيد مارمينا بفلمنج شرق الإسكندرية    صور.. 771 مستفيدًا من قافلة جامعة القاهرة في الحوامدية    وزارة الصحة تقدم 314 ألف خدمة طبية مجانية عبر 143 قافلة بجميع المحافظات    «المركزي لمتبقيات المبيدات» ينظم ورشة عمل لمنتجي ومصدري الطماطم بالشرقية    الداخلية تكشف ملابسات اعتداء "سايس" على قائد دراجة نارية بالقاهرة    وزارة النقل تناشد المواطنين عدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه أثناء غلقها    "التنمية المحلية": انطلاق الأسبوع الثالث من الخطة التدريبية بسقارة غدًا -تفاصيل    نتيجة تنسيق القبول برياض الأطفال والصف الأول الابتدائي بالمعاهد الأزهريّة    «عامل وفني ومدرس».. إتاحة 267 فرصة عمل بالقليوبية (تفاصيل)    وفاة سهير مجدي .. وفيفي عبده تنعيها    تم تصويره بالأهرامات.. قصة فيلم Fountain of Youth بعد ترشحه لجوائز LMGI 2025    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    مؤسسة فاروق حسني تطلق الدورة ال7 لجوائز الفنون لعام 2026    وزارة الأوقاف 13 قافلة دعوية وإنسانية ضمن برنامج "قوافل الرحمة والمواساة"    موعد إجازة المولد النبوي 2025.. أجندة الإجازات الرسمية المتبقية للموظفين    كيف تكون مستجابا للدعاء؟.. واعظة بالأزهر توضح    دار الإفتاء: الاحتفال بالمولد النبوي «بدعة حسنة» تتضمن تعظيم النبي    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    وزير الدفاع الأمريكي يجيز ل2000 من الحرس الوطني حمل السلاح.. ما الهدف؟    وزير العمل يتفقد وحدتي تدريب متنقلتين قبل تشغيلهما غدا بالغربية    رئيس «الرعاية الصحية»: تقديم أكثر من 2.5 مليون خدمة طبية بمستشفيات الهيئة في جنوب سيناء    طقس الإمارات اليوم.. غيوم جزئية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    8 وفيات نتيجة المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة خلال ال24 ساعة الماضية    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    حملة مكبرة لإزالة إشغالات الباعة الجائلين والتعديات على الطريق بمدينة أبوتيج بأسيوط    محافظ الجيزة يشدد علي التعامل الفوري مع أي متغيرات مكانية يتم رصدها واتخاذ الإجراءات القانونية    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    "يونيسيف" تطالب إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها والسماح بدخول المساعدات بالكميات اللازمة لغزة    «100 يوم صحة» تقدم 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يوما    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    إعلام فلسطينى: مصابون من منتظرى المساعدات شمال رفح الفلسطينية    «مياه الأقصر» تسيطر على بقعة زيت فى مياه النيل دون تأثر المواطنين أو إنقطاع الخدمة    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رضوان السيد: ماذا يريد الإيرانيون؟ وماذا يريد الأمريكيون؟
نشر في أخبار مصر يوم 08 - 03 - 2013

كان المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يوم الثلاثاء الماضي بالرياض، غريبا في وقائعه. فقد بدا الوزير السعودي شديد الوضوح، بينما بدا الوزير الأمريكي شديد الغموض، إن لم نقل شديد التردد والحيرة.
الفيصل قال إن سياسات التفاوض مع إيران على ملفها النووي سوف تؤدي إلى أن يمتلك الإيرانيون السلاح النووي خلال سنوات قليلة، وإن السياسات تجاه الثورة في سوريا تعني الدمار الكامل للبلاد، وإن الأخلاق (وليس الأمن الدولي وحسب) تقتضي في الحد الأدنى إمداد السوريين الثائرين بوسائل الدفاع عن النفس في مواجهة النظام المصر على إبادة شعبه. ووافق الوزير الأمريكي على كلام الفيصل، ثم خالفه في الحالتين.. قال إن الولايات المتحدة مصممة على منع إيران من تملك السلاح النووي، وهي تريد حلا سياسيا تفاوضيا في سوريا. أما وسيلتا تحقيق هذا وذاك فقد بقيتا غامضتين.
ماذا يريد الأمريكيون حقا في شأن الملف النووي الإيراني؟ وماذا يريدون تحقيقه أو عدم تحقيقه في الملف السوري؟ بعد سنوات طويلة من التفاوض على نووي إيران، وعام ونصف على "التفكير والتقدير" في الملف السوري، يبدو لي أن السؤالين بشأن أمريكا والملفين ما عادا صحيحين، بل تقديري أن المسألة تقع في جهة ثالثة، وهي أن أميركيي أوباما ما عادوا مستعدين للدخول في أي نزاع بالشرق الأوسط يقتضي حسمه تدخلا عسكريا مباشرا أو غير مباشر؛ فقد جربوا التدخل في أفغانستان والعراق، وكان ذلك مؤلما جدا لهم ولهيبتهم، وربما لمصالحهم.
كان بوش الابن يقول في أواخر أيامه في الرئاسة إن الولايات المتحدة صارت أكثر أمنا. وإذا كان معنى ذلك أن الولايات المتحدة ما عادت معرضة لهجوم كهجوم 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، فربما كان ذلك صحيحا. بيد أن أبرز ما حصل أن سياسات الولايات المتحدة، بل أولوياتها صار لها فيها شركاء في المنطقة هم بالترتيب: إيران وإسرائيل وتركيا.
والولايات المتحدة مضطرة الآن (أو أنها تريد ذلك) إلى إشراك كل هؤلاء في القرار، إضافة للاتحاد الأوروبي وروسيا، وربما الصين أيضا! فقد كسبت إيران مناطق نفوذ جديدة، ونقاطا وملفات للمساومة والتبادل. وتصاعدت إمكانيات إسرائيل نتنياهو لتجاهل حل الدولتين. وصار الأتراك لاعبين حقيقيين على مستوى الشرق الأوسط وأوروبا. وهنا يتدخل أوباما ليقول: لكن سياسات أمريكا في عهدي منعت نشوب حروب كبرى بالمنطقة ومن حولها وعلى مدى أربع سنوات!
هناك أمران إذن تقول أمريكا أوباما إنها حققتهما: جعل الولايات المتحدة آمنة أو أكثر أمنا، والحيلولة دون نشوب حروب جديدة بمنطقة الشرق الأوسط. وهاتان النقطتان بالذات هما موطن القوة في الموقف الإيراني. فحتى خروج العسكر الأمريكي من العراق، كانت الولايات المتحدة محتاجة إلى إيران. واعتمادا على ذلك أقدمت إيران على بسط نفوذها أو تقويته في العراق وسوريا ولبنان، وفتحت مناطق نزاع جديدة في مثل اليمن والبحرين، وتابعت "تنمية" وتطوير ملفها النووي. وبعد خروج الأمريكيين انصرفت إيران لتثبيت مواقع النفوذ، ومحاولة الامتداد لمنافذ أخرى، وكل ذلك بالاعتماد على أن الولايات المتحدة ما عادت تجرؤ على شن حروب جديدة. وقد اعتبر الإيرانيون أنهم يستطيعون السير قدما إلى ما لا نهاية، ما دام الأمريكيون غير مستعدين للعودة للحرب. بينما هي مستعدة دائما للوصول إلى هاوية النزاع أو حافة الحرب، مطمئنة إلى أن الأمريكيين ما عادوا قادرين أو مريدين مجاراتها. ففي مكافحة النووي الإيراني ما عادت الولايات المتحدة قادرة على تجاوز روسيا. وفي مسائل مناطق النفوذ، تعلم الولايات المتحدة أن إيران لن تخرج من البلدان الثلاثة إلا بالقوة، فضلا عما يشكله خيار القوة من جانبها إن أتيح من أخطار على إسرائيل، وعلى أمن الخليج.
ويسعى الأمريكيون "لإغراء" الإيرانيين وليس لتهديدهم، من أجل العودة إلى سنوات الاستقرار و"الغلبة" بعد عام 2010: في الملف النووي بتقوية الحصار أو تخفيفه، وفي الملف السوري بعدم المساعدة على انتصار الثوار حتى لا يتهمهم الإيرانيون فيعمدوا للتحرش بإسرائيل من طريق صواريخ حزب الله!
وإذا كانت مسألة "الحرب" أو خوفها هي نقطة ضعف الولايات المتحدة، وهي في الوقت نفسه نقطة قوة إيران (أي المضي باتجاه التحدي وحدود الحرب في كل مكان)، فماذا يكون على العرب أن يفعلوا؟ ما يقال هنا ما عاد جديدا ولا فريدا. في سوريا على العرب جميعا "مساعدة الشعب السوري في الدفاع عن نفسه"، وهم يستطيعون توقع الدعم التركي، بل الدعم الأوروبي. وفي الملف الفلسطيني يستطيعون المضي في اتجاه المجتمع الدولي الذي يقف معهم باستثناء الولايات المتحدة. أما في النووي الإيراني، فليس من المصلحة القريبة القيام بأي شيء؛ لأن الأمريكيين اعتادوا على المبادلة مع إيران، وعلى إغراء إسرائيل بالمزيد من العطايا والضمانات، دونما توقع لمتاعب من جانب العرب!
في عام 2010 اقترح علي ناشر كتابي "الصراع على الإسلام"، وبعد أن لاحظ شدة اهتمامي بالكتابة عن العرب وإيران وتركيا، أن أكتب كتابا بعنوان "الصراع على العرب"! وقد بدا لي لأول وهلة أن الأمر يستحق، ثم تركت ذلك؛ فقد كان الأمريكيون يخرجون من العراق، ويسلمونه لإيران، ويعيدون سفيرهم إلى سوريا الذي كان البوشيون قد سحبوه، ويغضون النظر عن استيلاء حزب الله على لبنان في مقابل عدم التحرش بإسرائيل. وقد بدا الأتراك راضين بنصيبهم أو ما اعتقدوا أنهم حصلوا عليه بعد التبادل التجاري المزدهر، من هدوء نسبي على حدودهم مع إيران والعراق وسوريا.
لقد تغيرت حسابات الإيرانيين والأتراك بعد نشوب الثورة في سوريا؛ فالأتراك شعروا بالخديعة، وأظهروا سخطهم على الأسد وعلى المالكي معا، وقووا علاقاتهم بكردستان العراق، لكنهم حتى اليوم لا يرون مصلحة في الصراع مع إيران، ويعتقدون أنها عائدة إليها أو أنها ستعرض عليهم شراكة أكثر فائدة، بسبب سوء العلاقة مع أمريكا، وسوء العلاقة مع دول الخليج وعلى رأسها السعودية. وهكذا رأيت بعد تأمل الموقف أنه لا حاجة لافتراض الصراع على العرب، ما دام الأمريكيون والأتراك قد سلموا بالغلبة الإيرانية. والأولى الانصراف للتفكير في "إمكانيات" الاستجابة العربية للتحدي الإيراني، والانكفاء الأمريكي، والإقبال الروسي على اجتراح شراكة مع الأمريكيين ومع الإيرانيين.
والواقع أن "الفراغ الاستراتيجي" الذي تحدث عنه الأمير سعود الفيصل في مؤتمر القمة بسرت الليبية عام 2010 ما دخل على إدراكه منذ ذلك الحين غير اعتبارين اثنين: الثورة السورية، والاضطراب السني بالعراق. وهذا معنى تركيز الفيصل منذ قرابة العام على الوضع في سوريا واحتمالاته وإمكانياته. فلدينا الآن ضرورة دعم الشعب السوري، الذي تألب عليه الإيرانيون و"حلفاؤهم" العرب، والنظر في إمكان المساعدة على حدوث توازن في العراق، يحول دون استمرار الغلبة الإيرانية على ذلك البلد. لا صراع إذن على العرب، بل هو صراع عربي مع إيران على سوريا والعراق ولبنان، "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".
نقلا عن جريدة الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.