بقلم : السفير:صلاح الدين إبراهيم رحب غالبية المصريين باندلاع ثورة 25 يناير الماضي ونجاحها في إزاحة النظام الاستبدادي السابق الذي ظل جاثماً علي صدورنا لأكثر من ثلاثين عاماً، خاصة بعد أن انكشفت صورة الفساد والفاسدين الذين ظلوا مسيطرين علي مقاليد السلطة طوال ثلاثين عاماً، الأمر الذي أدي إلي تدهور كثير من مؤسسات الدولة وانحدار كثير من منظوماتها بدءاً من التعليم والصحة وغير ذلك، الأمر الذي هبط بمستوي المعيشة في الوطن إلي مستويات غير مسبوقة وانحسار دور مصر في محيطها الدولي والإقليمي. وكان من الطبيعي مع نجاح الثورة بهذه الصورة السلمية ودون استخدام العنف أن تزداد الآمال باحتمال تغيير المجتمع المصري إلي مجتمع أكثر تقدماً وأكثر تطوراً إلا أن هذه الآمال لم تجد طريقها إلي التطبيق مع زيادة خطوات النظام السابق نحو إفشال الثورة وإيقاف تطور المجتمع سواء بسحب قوات الأمن من الشارع المصري وتعريض الأمن والأمان في المجتمع ونشر الفوضي الهدامة وإشاعة الاحتكاكات بين جموع الشعب المصري، خاصة بين أقباطه ومسلميه في حلقات متكررة من الصراعات والنزاعات غير المتعارف عليها من قبل.. هذا إلي جانب محاولات الاعتداءات علي شباب الثورة المسالم في أماكن تجمعهم، خاصة في ميدان التحرير الذي أصبح يمثل عنواناً للثورة منذ بدايتها. وكان من المتوقع أن تتجه الثورة بعد نجاحها إلي تجميع قواها وتنظيم صفوفها لتعيد الاستقرار للمجتمع وتأكيد الاستقرار الذي يتطلبه استقرار المجتمع وبدء تحركه نحو مستقبل أكثر إشراقاً وأكثر تقدماً. وإن كان من الطبيعي أن تخطو الثورة خطواتها الأولي نحو الاستقرار بانتقال السلطة إلي المجلس العسكري الذي تولي رأس السلطة وتشكيل حكومة تسيير أعمال وإجراء استفتاء نحو الخطوات المتوقعة لإتمام التحول إلي النظام الجديد سواء بإقرار دستور جديد وإجراء انتخابات للمجالس النيابية »الشعب والشوري« والانتهاء بإجراء انتخابات لرئاسة السلطة في نهاية المطاف، إلا أن هذه الخطوات قد أثارت حولها الكثير من الجدل والخلافات، خاصة بعد أن زادت الصراعات الطائفية من جهة وعدم الاستقرار الأمني من جهة أخري بعد أن انسحبت قوي الأمن من الشارع المصري وعدم الاستقرار حول عودة قوي الأمن إلي أوضاعها الطبيعية في الشارع المصري بعد أن انعدمت الثقة بين قوي الأمن من جهة والشعب من جهة أخري وازدياد مظاهر التسيب والبلطجة في الشارع بشكل غير مسبوق في محاولة من قوي وفلول النظام السابق والقوي التي تعمل علي استمرار الفوضي والانفلات الأمني في المجتمع المصري في محاولاتها الهدامة. ومن الملاحظ أن قوي الثورة علي اختلاف انقساماتها وفروعها لم تستطع أن توحد صفوفها وتحدد خطواتها وخريطة طريقها إلي المستقبل!! الأمر الذي يزيد من الشكوك حول قدرات التعاون والتلاحم بين هذه القوي المختلفة واحتمال تحمل مسئولية التقدم إلي المستقبل خطوات ثابتة وأهداف واضحة. وإذا كانت الثورة هي محاولة للتغيير وتطوير الأوضاع القائمة التي لم تعد تتماشي مع مطالب وإصلاح المجتمع فإن النجاح في إدارة هذه المرحلة عن طريق إدارة رشيدة هو العمل الطبيعي لتحقيق هذا الهدف السامي، وإذا كانت الثورة قد استطاعت أن تشكل حكومة لإدارة شئون الوطن إلا أن الهدف الأساسي هو تجنب الخلافات والصراعات التي قد تؤدي إلي انهيار الثورة والفشل في تحقيق أهدافها. ولا شك أن عدم استقرار المجتمع في الوقت الحالي وزيادة الفوضي والقلاقل في المرحلة الحالية سيترتب عليه آثار سلبية علي المجتمع بوجه عام.. ولن تألو القوي المعارضة التي فقدت الكثير من سلطاتها ومن نفوذها أن تسعي جاهدة لإفشال الجهود الهادفة للتغيير والتطوير والتمسك بالأوضاع السابقة وعدم الاعتراف بالفساد والسلبيات التي سادت المجتمع لهذه الفترة الطويلة.. إلا أن الحقائق والعزيمة علي الوصول إلي أهداف الثورة وآمالها مآلها في نهاية المطاف إلي الوصول لأهدافها!! إن ثورتنا البيضاء المسالمة وأهدافها السامية التي أعلنت عنها منذ خطواتها الأولي من ديمقراطية وحرية وعدالة اجتماعية تمثل في مجموعها آمال المجتمع وأهدافه نحو التطور ومن الطبيعي أن تلقي ترحيباً في أروقة المجتمع علي اختلاف أنواعها ونزعاتها ولن تستطيع القوي القديمة بإمكانياتها وقدراتها أن تفت في عضد الثورة السامية التي ظل المجتمع ينتظرها لفترة طويلة ولن تستطيع كذلك قوي الرجعية التي ظهرت أخيراً علي صفحة المجتمع سواء كانت سلفية أو دينية متطرفة أو غيرها من القوي التي لم يكن لها دور واضح قبل الثورة التي أتاحت الثورة لها تحت راية الحرية والعدالة الاجتماعية أن يكون لها موقع علي الساحة المصرية في الوقت الحالي أن تأخذ المجتمع إلي الوراء أو إلي الخلف بل العكس هو الصحيح.. وسيؤكد المجتمع المصري قدرته التاريخية أن يكون مثالاً يحتذي به في كافة العصور وفي مختلف الأزمان! وستظل إدارة الثورة واستخدام الطرق الرشيدة في تحقيق أهدافها هي الوسائل المتعارف عليها لنجاح الثورات في كافة العصور وفي مختلف الأزمان. ولا ريب أن العمل الجاد والتعاون ونبذ الخلافات الطائفية هي الوسائل الطبيعية لتحقيق النجاح لكافة الثورات شرقاً وغرباً ولا ريب أن ثورتنا التي اهتم بها الكثير من الشعوب فيما حولنا وكان لها تأثير إيجابي علي هذه المجتمعات بقادرة علي الوصول لأهدافها وآمالها!!