يختلف الإطار التاريخي والسياسي الذي أفرز استحقاق نسبة 50٪ عمال وفلاحين من المجالس النيابية بعد ثورة يوليو لعام 1952 عن المناخ السياسي الذي نعيشه الآن بعد ثورة 25 يناير لأن المناخ الآن لا يتحمل هذا التوجه الذي يتعارض مع مبدأ المساواة أحد أهم مبادئ الثورة والمبادئ الدستورية بصفة عامة ويكرس التمييز. وقد ظهرت سلبيات كثيرة في تطبيق هذه النسبة طوال السنوات الماضية منذ أن أقرت هذه النسبة وحتي انتخابات سنة 2010 لعل أهمها أن أكثر من خمسين لواء نجحوا في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة تحت مظلة هذه النسبة المقيتة وهو أمر يدفع نحو التخلص من هذه النسبة. وعلي المستوي التطبيقي أثناء عملية الانتخاب يلاحظ أن تحديد هذه النسبة للعمال والفلاحين يقيد ويحدد فرص اختيار الناخب للأصلح من المرشحين، كما أنه يتعارض مع فكرة أن عضو مجلس الشعب من المفترض أنه يمثل الشعب كله علي مستوي الوطن لا علي مستوي دائرته، وعلي مستوي جميع طوائفه وليس علي مستوي فئة معينة وتحديد نسبة 50٪ من الأعضاء للعمال والفلاحين يجعل هذه النسبة معبرة عن فئة معينة حال وجود حسن النية وانضباط تطبيق مواصفات العامل والفلاح فما بالك وما كان يحدث من تزييف في تطبيق ذلك. يتعارض تحديد نسبة 50٪ من العمال والفلاحين مع التوزيع الديموجرافي الحالي لمكونات السكان حيث إن الهيكل الديموجرافي حالياً نسبة عالية منه من الشباب في مراحل التعليم وأخري كبيرة لشباب تخرج أو لا يعمل لانتشار البطالة، كما أن نسبة غير المصنفين عمالاً وفلاحين من قوي العمل في مجال الخدمات المختلفة والإنتاج لا بأس بها ومجموع هذه النسب يفوق بكثير فئتي العمال والفلاحين وفق المواصفات الدقيقة لهاتين الفئتين ومن ثم فإن تخصيص نسبة 50٪ في حالة قبوله يمثل جوراً كبيراً. كذلك يلاحظ أن المجتمع المصري قد حدثت به تغييرات ثقافية واجتماعية هائلة تجعل منه مجتمعاً جديداً ومختلفاً عن المجتمع في الزمن الذي أقر فيه هذا الاستحقاق الذي يناسب حالة المجتمع الثقافية والاجتماعية حالياً أن يكون التمثيل في عضوية المجالس النيابية مفتوحاً وليس كما كان عليه الحال منذ عدة عقود. وفي إطار المتابعة لمناقشات المجالس النيابية وتحديداً مجلس الشعب وأدائه نري أن هذه المجالس في حاجة شديدة إلي الارتقاء بمستوي أعضائها، وهذا الارتقاء يتطلب بالإضافة إلي تحديد شروط أكثر تدقيقاً في مستوي التعليم، متمثلاً في معرفة القراءة والكتابة أو الحصول علي شهادة التعليم الأساسي إلي مستوي الثانوية العامة أو ما يعادلها علي أقل تقدير، ويعضد التوجه نحو هذا الارتقاء عدم تحديد نسبة للعمال والفلاحين قد يترتب عليها حجب أعضاء أفضل من الفئات باعتبار التراكم المعرفي والمهارات والجدارات اللازمة لعضوية مجلس يقنن ويراقب. ويحدد إلغاء تحديد نسبة للعمال والفلاحين من نسبة فساد أصوات الناخبين للأخطاء التي تحدث بسبب ضرورة الالتزام باختيار مرشحي العمال والفلاحين ومرشحي الفئات، ولا شك أن إلغاء نسبة العمال والفلاحين يتواءم ويسهل تطبيق التوجه نحو الانتخاب بالقائمة، أو القائمة والفردي، بأنواعها المختلفة وفق النسب التي يستقر عليها القانون. كما أن كل هذه الأسباب تدفع نحو التخلص من نسبة ال 50٪ للعمال والفلاحين في إطار مبدأ المساواة من جهة، وفي إطار أنها لا تصلح لجميع طوائف المجتمع ومن بينهم العمال والفلاحين أنفسهم الذين عانوا من كل أنواع التهميش والإهمال رغم الاستمرار الظاهري لتحديد نسبة مزيفة لهم أضرت بهم قبل غيرهم وأضرت بمصر كلها قبل ثورة 25 يناير التي تفرض إرادتها ضرورة إلغاء هذه النسبة. كلية الآداب - جامعة سوهاج