حدثني الدكتور أيمن أبو حديد وزير الزراعة، حول أزمة القمح، والمشروع الذي طرحه أصحاب فكرة الاكتفاء الذاتي من القمح، قال الوزير: أنه عرض ثلاثة آلاف فدان علي أصحاب الفكرة لبدء تنفيذ مشروعهم، وهم رفضوا العرض علي اعتبار أنهم يحتاجون إلي 500 ألف فدان، وأوضح الوزير أنه لا يملك تقديم أكثر من ذلك وأنه لا يجوز تخصيص هذه المساحة الضخمة التي يريدها أصحاب المشروع بالأمر المباشر، وأن الثلاثة آلاف فدان ستكون بمثابة سابقة أعمال في حالة نجاح الفكرة وبعدها يحق منح الأرض للراغبين في تحقيق مشروعهم.. وتساءل الوزير في حديثه معي كيف أمنح بالأمر المباشر كل هذه المساحة الضخمة من الأرض، ونحن نحاسب ونحاكم من فعل ذلك. وتطرق الوزير إلي أن إنتاجية مصر زادت من القمح هذا العام بمقدار 600 ألف طن، وأعرب عن أمنيته أن تتمكن مصر من تحقيق الاكتفاء الذاتي.. وأن وزارته تتبني مشروعاً يقضي بزيادة إنتاجية الفدان. علي كل الأحوال يجب أن نعلم أن تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من القمح، بات ضرورة ملحة وعاجلة بدلاً من أن يأتي اليوم الذي ستقدم فيه البلاد تنازلات أكثر مما تقدمها بشأن قرارها السياسي في كل ما يتعلق بشأن مصر الوطن.. والبشائر بصراحة شديدة غير مبشرة بأي خير علي الإطلاق، والكل أصبح مشغولاً بأموال النظام الفاسد البائد، وهي لن تعود في ظل هذه المهاترات التي نسمع عنها أو نقرأها، إضافة إلي انشغال الشعب بمحاكمات آل مبارك وسدنة حكمه الفاسدين.. وهم جميعاً قابعون خلف الأسوار، انشغل الجميع حكومة وشعباً بما يفعله هؤلاء الخونة ونسينا أننا داخلون علي أبواب مجاعة.. نعم نقص القمح واستيراده يعني مجاعة.. يا شعب مصر العظيم ويا حكومة الثورة المباركة، كفي أحلاماً وخيالات، يجب أن نتعامل مع الواقع المرير حتي نفوت الفرصة علي اللئام الأمريكيين الذين يتربصون بنا الدوائر، وكارثة القمح هي أخطر سلاح الآن موجه إلي الشعب المصري. في مصر لا توجد مشكلة أرض تصلح لزراعة القمح، فأرض البلاد كلها سواء كانت في الوادي أو في قلب الصحراء تصلح لزراعة القمح، ولا توجد مشكلة مياه تمنع ذلك فزراعة القمح لا تحتاج إلي مياه كثيرة.. تصوروا أن القمح يحتاج فقط إلي 6 ريات، وأية أمطار تسقط كافية لزراعة هذا المحصول.. ويخطئ من يظن أن تكلفة تحلية مياه البحر مكلفة أو باهظة، فمتر الماء الواحد المكعب يتكلف طبقاً لدراسة اقتصادية حوالي 5 جنيهات.. فلماذا لا نفكر في ذلك؟!.. لماذا يتم تعطيل عقول مصر لمنع الوصول إلي تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح؟! لماذا يشغل المصريون أنفسهم بزراعة الفواكة؟ ولا يشغلون أنفسهم بزراعة القمح؟!.. لماذا لا ترفع الدولة سعر توريد القمح ليصل مثلاً إلي سعر الموز حتي يقبل المزارعون والمستثمرون علي زراعته؟!.. بصراحة مافيا استيراد القمح هم وراء تعطيل زراعة هذا المحصول الاستراتيجي حتي يخلو لهم الجو.. المستوردون للقمح يعدون علي أصابع اليد الواحدة، ووراءهم جيش من المستفيدين من استيراده بالخارج، وعلي رأسهم المحرك الرئيسي هو أمريكا، التي تحارب مصر بكل قوة لمنع زراعة القمح، وتفوت واشنطن أي فرصة علي الوطنيين من أبناء مصر للنهوض بزراعة القمح أو تحقيق الاكتفاء الذاتي.. الحرب الحقيقية ضد مصر.. وأعداء الثورة الحقيقيون هم كل من يشارك في منع البلاد من توفير القمح المحلي، هم الذين يريدون فعلاً ضعف القرار المصري والاستسلام أمام أي قرارات لتوفير رغيف الخبز. الجائعون لا قرار لهم، والإملاءات هي التي تحركهم في كل شيء.. فماذا ننتظر إذن؟!.. هل فكر أحد مثلاً في زراعة أرض الواحات البحرية بالقمح، فالأرض خصبة والمياه وفيرة وتنادي الراغبين في انتاج القمح؟!.. يا أهل مصر كفي استهتاراً في انتاج القمح.. والرغيف المغموس بالعرق المصري أفضل من رغيف اللئام الأمريكيين وأذنابهم الأوروبيين.