خرجت مصر من ثورتين عظيمتين سوف يسجلهما التاريخ بحروف من نور، يجب دائما أن نتذكر تاريخنا المجيد وأن نعيش حاضرنا وأن نستشف مستقبلنا وأن نجعله واعدا أفضل من الحاضر. يجب أن نجلل واقع مصر ومواطنيها ونحاول أن نتوقع القادم من المستقبل ونعمل علي تحسين الأوضاع، ولا نتركها تفاجئنا بما هو سيئ إن تعداد المصريين بالداخل 85 مليون مواطن ويوجد بالخارج 10 ملايين مواطن ويزيد العدد بنسبة 2٫6٪ سنويا مما ينبئ حسابيا بأن التعداد سوف يكون سنة 2050 أكثر من 200 مليون مواطن وسوف تستمر الزيادة السكانية حتي تصل الي 400 مليون في نهاية القرن. والمتاح حاليا لمعيشة هذه الأعداد من المواطنين هو الدلتا وشريط ضيق من الأرض علي جانبي نهر النيل (7٪) لا تتسع لحياة مناسبة لكل المواطنين الموجودين بالداخل ما ترتب عليه ظهور نسبة كبير من المهمشين 12221000 سكان العشوائيات و10 آلاف يسكنون المقابر 1-2 مليون طفل شوارع، 13٫7٪ عاطلون، 6-10 ملايين بائع جائل، وقد نتج عن ذلك آثار يمكن وصفها بآثار الازدحام وهي مرور خانق في بعض المدن، زيادة في عدد المهمشين، زيادة البناء علي الأرض الزراعية فقد فقدنا 950 ألف فدان من الأرض الزراعية بالبناء، تغير مزاج المصريين للأسوأ فقد تبدلت سماحتهم وترحيبهم بالآخر الي عنف والتعامل معه بالطوب والمولوتوف خاصة في المظاهرات المفروض أنها سلمية ولكنها تنقلب عنيفة ومن المتوقع أن تزداد هذه السلبيات مع الزيادة السكانية المتوقعة وقد تصل لحد الحرب الأهلية بين من يملك ومن لا يملك. لمنع ذلك ولتحويل هذه الزيادة السكانية لقوة وعزة يجب زيادة المساحة المأهولة بالمصريين ومجالنا لذلك هو الصحراء حيث يمكن إعمار 40٪ منها وكمثال مشروع منخفض القطارة وواديه المهمل من مدة طويلة فهذا المشروع بجانب فوائده الاقتصادية العديدة سوف يستوعب 40 مليون مواطن ويجب البحث عن أي منطقة أخري بالصحراء يمكن إعمارها واستغلالها اقتصاديا وسكانيا للعمل علي حل مشكلة التكدس السكاني بالوادي ويجب العمل علي إتمام المشروعات المتوقفة مثل إعمار سيناء وتوشكي وممر التنمية وظهير قناة السويس وقد نحتاج مستقبلا أن نتجه للبحر لتجفيف مساحات منه وزراعتها أو استغلالها عمرانيا، إن الزيادة السكانية قوة وعزة وسوق عمالة كبير جاذب للاستثمار وسوق استهلاكي كبير يمكن أن يكون ميزة لمصر إذا وفرنا المجال الحيوي لكل هذه الأعداد المحتملة وإلا سوف تكون زيادة كارثية تفرز كثيرا من السلبيات وقد تحول مصر الي دولة فاشلة. إن المساحة المزروعة في مصر لا تفي بحاجة المواطنين لذلك يجب زراعة الممكن من الصحراء والتوجه لزراعة الأسطح بالمنازل بالممكن من المزروعات بعد وضع طبقة من التربة المناسبة فوق الأسطح وتوفير مصدر مياه بدلا من استخدام الأسطح لتخزين المخلفات المستغني عنا. إن زيادة المساحة المأهولة من 7٪ الي 40٪ سوف يحل كثيرا من المشاكل السكانية وسوف يعطي فرصة لإنشاء مشروعات زراعية وصناعية عدة وتجمعات سكانية وسوف يعطي مصر عمقا استراتيجيا أفضل ويصعد بمصر لمصاف الدول الكبري. إن المياه تعني الحياة وتوفيرها ضرورة يجب السعي له بكافة الطرق حتي الصعب منها. إن هذه الزيادة السكانية سوف تستغل كمية المياه المتاحة وإذا كنا قد دخلنا في حيز الفقر المائي «نصيب الفرد الآن من المياه 700 متر مكعب» سنويا وسوف تقل هذه النسبة باستمرار حتي تصل الي 350 مترا مكعبا في عام 2050 وهو شح مائي له أضرار كثيرة. لذلك يجب البحث عن مصادر جديدة للمياه تكفي هذه الزيادة الكبيرة من السكان، فيجب حفر الممكن من الآبار وتحلية مياه البحر وقد انخفضت التكلفة لدرجة مجزية، وإنشاء عدد مناسب من المفاعلات الذرية للاستفادة منها في تحلية مياه البحر وإنتاج الكهرباء كما يجب استمطار السحاب وترشيد وسائل الري والاتجاه للري بالرش كما تجب معالجة مياه الصرف الزراعي ويجب الاتجاه لأفريقيا لنحصل علي حاجتنا من المياه فبتنفيذ مشروع قناة جونجلي سوف نحصل علي 8 مليارات من الأمتار من المياه وكذلك العمل مع دولتي الكونغو والنيچر وتهيئة الأجواء معهم لمناقشة إنشاء سد قبل مصب كلا النهرين بهما وحفر قناة قبل كل سد تنقل المياه الفاقدة منهما الي المحيطة والبالغة 80٪ من إيرادات النهرين الي النيل وهذه المشاريع سوف تعود بالفائدة عليهم كهربائيا ومائيا وتوفر حاجة مصر من المياه. إن مصر تمر بمرحلة مخاض ولادة متعسرة نتيجتها سوف يحسمها إعداد المسرح بها لحياة المواطنين. إذا أحسنا زيادة المجال الحيوي للمصريين من 7٪ لمساحة أكبر وتوفير مصادر مياه مناسبة سوف تولد مصر العظيمة، أما إذا تقاعسنا وتركنا الأمور كما هي فسوف تكون مصر دولة ضعيفة مشوهة مكتظة بالسكان ونسبة كبيرة من أهلها ليس لهم مجال إنساني للحياة.