للأنثى حبى وتقديرى واحترامى وانحنائى وشكرى ومحبتى وتصفيقى، فلولاها ما انفتحت وردةٌ، ولا ولدت قصيدةٌ، ولا اكتملت حضارة. وإذا كان على هذه الأرض ما يستحق الحياة بتعبير المبدع الأسطورى درويش، فإن المرأة - كل النساء - أحد أهم ما يستحق الحياة. لكن ليس كل النساء خيراً، فبعضهن وبال على الحضارة والفن والإبداع والجمال. أقول قولى هذا واستغفر الله لى ولكم من نموذج نسائى مثير للاشمئزاز، ورافع للضغط، وزاعق بالقبح. من قلب مصر محطة تلاقى المواهب العظيمة من سيد درويش إلى أم كلثوم تنطلق فضائية صاخبة لراقصة مبتذلة تُدعى سما. أما الراقصة فعرفناها منعدمة الموهبة، باحثة عن نقطة ضوء أو بصيص شهرة، وأما الفضائية فقد اتخذت اسم «فلول» وهم بقايا الجيوش المنهزمة. رصاصة فى قلب الضمير الوطنى، أن تتحدث هذه الفضائية فى السياسة، أن يتحول حب مصر على دقات الطبل إلى معزوفة ترقص عليها سيدة الفلات، أن تتغنى تلك المدعية بحب مصر وجيشها وشعبها. مأساة أن تفتخر مؤخرتها بالنضال ضد الإخوان. جريمة أن تُبث القناة من القمر المصرى لا تقل عن جرائم قناة الجزيرة وفضائيات التطرف والجهل. لقد قالت الراقصة - فض فوها - أنها سترد على الإخوان بالرقص، وأنها ستناضل ضد أنصار المعزول بهز الأرداف، وتناقلت الصحف والمواقع الإلكترونية تصريحاتها وصورها لتصنع منها رمزاً يحتذى فى مقاومة المد الإخوانى، وكأن مصر - التى علمت العالم الفن الرفيع - ليس لديها ما تقدمه لترسيخ الحضارة سوى هذا الإسفاف. إننا نرفض الإخوان ودولتهم وفكرهم وخطابهم وعنفهم، لكننا لا يمكن أن نعتبر رقصات واستعراضات تلك السيدة دعماً للشعب المصرى. كما أننا نحب القوات المسلحة ونقدرها ونحترمها، لكننا نرفض أن تتاجر بها راقصة باحثة عن شهرة. لقد كتبت يوماً متمنياً على الله أن يرزقنا شعباً يحفظ مقدمة ابن خلدون وينسى مؤخرة شاكيرا، لكن يبدو أن ذلك الأمل مازال بعيد المنال. إن الجندى البسيط الساهر فى نوبة حراسة ليلية على إحدي المنشآت العامة لا يعرفه الناس ولا يشعرون بعظمة نضاله، بينما يصفق المصفقون لمسخ الفن وإسفافه معتبرين الرقص الفاضح والإيحاءات الجنسية نضالاً ضد الإخوان. إن المدرس القابع فى أحد مدارس الصعيد الذى يعلم التلاميذ كيف يقرأون لا يحصل على شكر أو تقدير من المجتمع بينما تحتفى الصحف وتصفق الفضائيات لمولد فضائية رقص باسم «فلول». كما أن الفلاح الذى يقف بالساعات فى طوابير الحصول على الأسمدة اللازمة لزراعة أرضه قد يقضى اليوم كله منتظراً دوره كى يحصل على حصته، بينما يسمح لراقصة نصف معروفة فى يوم وليلة بإطلاق فضائية للتبذل. إنه لا شك إرهاب واضح ضد الأخلاق والفن والمجتمع، وإقحام للعهر فى السياسة، واستغلال لحماس المصريين وثورتهم لصناعة أمجاد وثروات شخصية، إلا إذا تدخل من بيده الأمر وأغلق نوافذ الاتجار بالثورة، والله أعلم.