يناير شهر الاحتفالات، والاستحقاقات، والانتصارات، بالأمس احتفل الإخوة الأقباط بعيد الميلاد المجيد، وبعد أيام يحتفل المسلمون بالمولد النبوي الشريف، تبادل التهاني بين قطبي الأمة بهذه المناسبات يعكس الوحدة الوطنية ويجسد ثوابت الأمة، الصورة التي التقطت للرئيس عدلي منصور مع قداسة البابا تواضروس الثاني خلال الزيارة التي قام بها الرئيس للبابا في الكاتدرائية للتهنئة بعيد الميلاد المجيد منذ أيام هي أهم صورة في العام الجديد، وأول زيارة يقوم بها رئيس مصري إلي مقر البابوية، وتؤكد علي ما نادي به الدين الإسلامي الذي حض علي البر واثني علي المسيحيين ورهبانهم. المشهد الذي جمع الرئيس والبابا هو مبادرة من رجل يعرف قيمة الأديان وقيمة المقامات المصرية، ويكشف الفرق بين ثورة 30 يونية، وما قبلها عندما استولت عصابة إرهابية علي الحكم، وكانت تتعالي علي الأقباط شركاء الوطن، وترفض تهنئتهم بأعيادهم، ولم يعترف الرئيس المعزول بحقوق الأقباط، ولم يدن الاعتداء الهمجي الذي وقع علي الكاتدرائية لأول مرة في عهده، ولم يعتذر للبابا عن هذا الاعتداء الذي تكرر في أكثر من كنيسة في مناطق مختلفة لتخيير الأقباط بين العيش في ظل القهر أو الهجرة. وقامت ثورة 30 يونية المكملة لثورة 25 يناير من أجل احترام حقوق الإنسان وكرامته، وكان من بواكير هذه الثورة التي أسقطت حكم المرشد دستور جديد يصون الحريات، ويحمي الوطن من كل ما يهدده أو يهدد الوحدة الوطنية، ويؤكد ان هذه الأرض التي شهدت احتضان المصريين السيدة العذراء ووليدها، وقدمت آلاف الشهداء دفاعاً عن كنيسة المسيح عليه السلام لن تتخلي عن ثوابتها في أن تظل وطناً خالداً للمصريين، ورسالة سلام ومحبة لكل الشعوب، هذه مصر تقوم علي أساس المواطنة وسيادة القانون، الإسلام دين الدولة، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، ومبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية، وحظر الدستور التمييز، وجعل الدولة ملزمة بالقضاء عليه وتجريمه، كما اهتم الدستور بشئون الإخوة الأقباط، وعمل علي حل مشاكلهم، فكلف مجلس النواب الجديد بإصدار قانون في أول دور انعقاد له لتنظيم بناء وترميم الكنائس، بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية، ونسف الروتين الذي كان يعطل هذه الاجراءات، كما الدستور الدولة بالعمل علي تمثيل الشباب والمسيحيين تمثيلاً ملائماً في أول مجلس للنواب وحظر التهجير القسري التعسفي لجميع المواطنين بجميع صوره وأشكاله، وجعل ارتكابه جريمة لا تسقط بالتقادم، وحمي حرية الاعتقاد وجعلها مطلقة، ومنح كل انسان الحق في التعبير عن رأيه بالقول، أو الكتابة، أو التصوير، ومنح جميع المواطنين حرية التنقل، والإقامة، والهجرة، وحظر إبعاد أي مواطن عن اقليم الدولة، أو منعه من العودة إليه، كما حظر الدستور منع أي مواطن من مغادرة اقليم الدولة، أو فرض الاقامة الجبرية عليه، أو حظر الاقامة في جهة معينة عليه، إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة. كما أمر الدستور الدولة بتوفير الحياة الآمنة لكل انسان، وتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مقيم علي أرضها، كما جعل الدستور لجسد الانسان حرمة، والاعتداء عليه، أو تشويهه، أو التمثيل به جريمة يعاقب عليها القانون، ويحظر الدستور الاتجار بالأعضاء البشرية، ولا يجوز اجراء أية تجربة طبية، أو علمية علي جسد انسان بغير رضاه الحر الموثق، ووفقاً للأسس المستقرة في مجال العلوم الطبية، وأجاز الدستور التبرع بالأنسجة والأعضاء، كهبة للحياة، ولكل انسان الحق في التبرع بأعضاء جسده أثناء حياته أو بعد مماته بموجب موافقة أو وصية موثقة، وتلتزم الدولة بإنشاء آلية لتنظيم قواعد التبرع بالأعضاء وزراعتها. هذا الدستور الذي سيكون الاستفتاء عليه يومي 14، 15 يناير يضمن اقامة دولة عادلة تحقق حلم الأجيال بمجتمع مزدهر، فالمطلوب من ملايين المصريين المقيدين بجداول الانتخاب، من شباب ورجال ونساء، أن يبهروا العالم مرة أخري كما قال الرئيس عدلي منصور في دعوته لهم للاستفتاء، كما أبهروه في ثورة 30 يونية ويجعلوا من يوم الاستفتاء يوماً للتعبير عن الإرادة الحرة، ويوم عزة لشعب جدير بالديمقراطية واحترام الدنيا كلها. وملايين المصريين مطالبة بأن تكون عند ثقة الرئيس منصور فيها، بأنها لن تخلف نداء للوطن، وعليها أن تلبي نداء مصر بأن تقول نعم للدستور، وتقولها بأعلي صوت، ونكتبها بخط واضح، بعلامة صح ( ) في خانة نعم، لأن نعم للدستور شهادة هي نجاح لثورة 25 يناير و30 يونية التي سنحتفل بها بعد أيام من ظهور نتيجة الاستفتاء، نعم تقضي علي الإرهاب وترسي الاستقرار، ونعم تأتي برئيس يحبه المصريون، ولكنه ينتظر منهم النجاح بتفوق في مادة الدستور.