مع قرب موعد الاستفتاء، تتعالى الأصوات المطالبة بإجراء تعديل علي خارطة الطريق وإجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية بالمخالفة للإعلان الدستوري الصادر فى السادس من يوليو 2013 والذي نص على أن يقوم رئيس الجمهورية بالدعوة لانتخاب مجلس النواب خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلان موافقة الشعب على الدستور في الاستفتاء، وإجراء الانتخابات خلال مدة لا تقل عن شهر ولا تتجاوز شهرين، وخلال أسبوع على الأكثر من أول انعقاد لمجلس النواب، تتم الدعوة لإجراء الانتخابات الرئاسية. غير أنه بناء على معطيات الواقع أجمعت القوى الثورية كافة على ضرورة إجراء هذا التعديل، ليتلاءم مع المستجدات التي يشهدها المشهد السياسي كل يوم، على اعتبار أن إجراء الانتخابات الرئاسية ووصول رئيس مدني بانتخابات نزيهة إلى مقعد الرئاسة يعدان استكمالاً لإرادة الشعب وأهداف ثورتي يناير ويونية. وفي هذا الإطار بادرت الهيئة العليا لحزب الوفد فى اجتماعها الأخير، برئاسة الدكتور السيد البدوي، بالمطالبة في قرار بأغلبية الحضور، بأن يتم إجراء الانتخابات الرئاسية أولاً بعد إقرار الدستور الجديد، على أن تليها الانتخابات البرلمانية. ولأن خيار الانتخابات الرئاسية أولاً يعزز من قوة الرئيس وممارسته سلطاته الدستورية التي تمكنه من العبور بالبلاد إلى المرحلة الثالثة من خارطة الطريق وهى الانتخابات البرلمانية. ومن جهته، أكد بهاء أبو شقة، عضو الهيئة العليا للوفد، أن المصلحة الوطنية تقتضى الانتخابات الرئاسية أولاً، وأن إجماع الهيئة العليا لحزب الوفد على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية عقب الاستفتاء على الدستور، جاء من منطلق وعى الوفد بمتطلبات المرحلة الحالية وتقديم المصلحة الوطنية على أى مصلحة أخرى. وقد أكد الرؤية ذاتها الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل، فى حوار أجرى معه مؤخراً، حيث أشار إلى تفضيله أن تتم الانتخابات الرئاسية أولاً قبل الانتخابات البرلمانية، لأن مصر بحاجة إلى رئيس جمهورية في أسرع وقت لمواجهة الطوفان. وفي معرض دعمه لرؤيته أشار هيكل إلى أنه التقى الفريق أول عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع، النائب الأول لرئيس الوزراء، عقب عودته من زيارته الخارجية، وأن أكثر ما كان يؤرقه الضغوط التي تمارس عليه للترشح للانتخابات الرئاسية، لافتاً إلى أن «السيسي» يخشى على القوات المسلحة خوض غمار الانتخابات الرئاسية، وذلك لأن المهمة صعبة، بل كبيرة وأنه في حالة فشله، فإن القوات المسلحة ستتحمل النتيجة وهو لا يريد للقوات المسلحة أن تتحمل عواقب فشله أو إخفاقه. كما أبلغت القوى المدنية الرئيس عدلي منصور، خلال لقائها الأخير به، توافقها جميعاً على ضرورة تعديل خارطة الطريق، وإجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، وفي ذلك الصدد كانت إشارة شهاب وجيه، المتحدث الرسمي لحزب «المصريين الأحرار» حول ما جرى في اللقاء إلى أن الحوار، تركز حول أسبقية إجراء الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية، وأن رأى ثلثى الحضور كان أميل للبدء بإجراء الانتخابات الرئاسية أولاً، نظراً لتوافقها مع طبيعة المرحلة النهائية مضيفاً: «إن عقد الانتخابات الرئاسية عقب الاستفتاء على الدستور من شأنه، أن يضفى الصفة الشرعية والدستورية داخلياً وخارجياً على ثورة 30 يونية، لأن الرئيس القادم سيأتى بإرادة الشعب والغرب يعتقد أن الصندوق هو مصدر الشرعية». على صعيد حزب النور، ورغم تمسك الحزب والدعوة السلفية بخارطة الطريق، وتقديم الانتخابات البرلمانية على الرئاسية، فإنه أبدى مرونة فى إمكانية تغيير موقفه والموافقة على إجراء الانتخابات الرئاسية أولاً، شرط أن يكون هناك توافق بين القوى السياسية على ذلك بما يخدم مصلحة البلاد. ومن جانبه، أكد فريد زهران، نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أن إجراء الانتخابات الرئاسية أولاً يمنح الأحزاب فرصة أفضل للاستعداد لانتخابات مجلس النواب، مشيراً إلى أن الحزب يميل إلى إجراء الانتخابات الرئاسية أولاً، باعتبار أن ذلك سيجنب البلاد الكثير من المخاطر والأزمات، خاصة أن الأوضاع من الناحية الأمنية لم تصل إلى درجة الاطمئنان، وهناك إزعاج شديد للمواطن والوطن. إلى ذلك قال حسين عبدالرازق، أمين عام حزب التجمع، إن الحزب لم يحسم موقفه بشكل نهائي من إجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، لكن هناك شبه إجماع على ذلك. وتابع: «من وجهة نظري فالبدء بانتخابات رئاسة الجمهورية ضرورة وطنية، فإجراء انتخابات مجلس النواب أولاًً سيؤدى إلى التنافس والصراع الحاد بين مرشحي الأحزاب والقوى السياسية والحركات والجماعات التي تعمل معاً وتنسق وتتحالف دفاعاً عن ثورة 30 يونية، ومن أجل تجسيد شعارات ثورتي 25 يناير و30 يونية على أرض الواقع. واستطرد: «سينعكس هذا الصراع بالضرورة بعد ذلك على انتخاب رئيس الجمهورية في حالة عدم ترشح الفريق عبدالفتاح السيسى لمنصب الرئيس، ولن تستطيع الاتفاق على مرشح واحد للرئاسة وستخوض انتخابات الرئاسة مشتتة ومتنافسة، ما قد يفتح الباب أمام فوز مرشح لا ينتمى لثورة 30 يونية». وأوضح عبد الرازق، أن البدء بانتخابات رئيس الجمهورية فى ظل حالة التوافق التى تحققت بصورة غير مسبوقة فى صياغة لجنة الخمسين لمشروع الدستور الجديد، سيؤدى إلى الاتفاق على مرشح واحد للرئاسة تلتف حوله كل أحزاب وقوى ثورة 30 يونية، ويصبح فوزه بهذا المنصب مرجحاً، ويستطيع أن يلعب دوراً كرئيس للجمهورية، معبراً عن تيار الثورة فى ضبط المنافسة بين الأحزاب والقوى السياسية فى انتخابات مجلس النواب والحفاظ على تحالفها، وبالتالي إنهاء المرحلة الانتقالية بسلام، وبدء التحول الديمقراطي، وتشكيل مؤسسات الحكم، سواء مجلس النواب أو الحكومة فى هدوء وتوافق، وبالتالى البدء في معالجة المشاكل التى يعانيها الوطن، خاصة قضايا الأمن والقضاء على إرهاب جماعة الإخوان وحلفائها، وبعث الحياة فى الاقتصاد المصري الذي يعانى التوقف وانخفاضاً حاداً فى معدلات النمو. وأكد أن القرار الآن فى يد رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلي منصور. وفى سياق متصل، وبالتزامن مع إعلان التيار الشعبي، خوضه الانتخابات البرلمانية القادمة، ضمن تحالف انتخابي يضم أحزاباً وحركات سياسية فى مقدمتها حزب التجمع وحزب التحالف الشعبي وحركة «تمرد أعلن التحالف بدأه حملة لجمع توقيعات النخبة من سياسيين وشخصيات عامة، لتقديمها لمؤسسة الرئاسة لإجراء الرئاسية قبل البرلمانية، مشدداً على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية لتتماشى مع المتغيرات والمستجدات السياسية.