عاد الحديث عن حتمية عودة الحرس الجامعى لأداء دوره القديم على خلفية الاضرابات التى تعصف بعدد من الجامعات يلقى بظلاله مجدداً بين القوى الوطنية المختلفة بين مؤيد ومعارض.. المؤيدون للعودة يتذرعون بأن فرض العصا الأمنية على الجامعات باتت خطوة لابد منها خاصة بعد تفاقم الحالة الأمنية التى تشهدها عدد من الجامعات على رأسها «الأزهر» التى تمثل حجر الزاوية فيما تشهده دور التعليم الجامعى من مظاهرات يومية وشواهد عنف وصلت داخل المدرجات ومكاتب عدد من أعضاء هيئة التدريس، فيما يرى المعارضون لعودة الحرس الجامعى أن القرار من شأنه أن يمنح الداخلية صكوك العودة لممارسات القمع القديمة التى اشتهرت بها على مدار العقود الماضية. وفى الوقت الذى أعلن فيه حسام عيسى نائب رئيس الوزراء، وزير التعليم العالى، رفضه لعودة الحرس الجامعى مرة أخرى لأنه يعيد للأذهان ما جرى فى عهد مبارك ومعللا عدم الحاجة إليه بعد القرار الذى صدر عن مجلس الوزراء بشأن تواجد الشرطة خارج أسوار الجامعة، لافتا إلى أن الجامعات ليست مستقلة عن الدولة ولا عن قوانينها ومن حق رئيس الجامعة استدعاء الشرطة حال وجود أى مخالفات، موضحا أن الشرطة لا تحتاج لإذن نيابة للتدخل فى الجامعة، لكنها تتدخل بناء على طلب رئيس الجامعة و بعد استئذان النيابة حال وجود ما يستدعى ذلك، واقترح عيسى توفير أعداد كافية للحرس المدنى من أجل توفير الأمن للجامعات، وعمل بوابات إلكترونية من أجل عبور الطلاب. وفى المقابل لتصريحات وزير التعليم العالى وموقفه يقف البعض مطالبا بعودة الحرس الجمهورى داخل الجامعات ، للحد من حالة الفوضى والتخريب والتصدى للانتهاكات التى يتعرض لها الحرم الجامعى وأساتذة الجامعات على يد الطلبة المتظاهرين بشكل يومى فأى الرؤيتين ستنتصر، وهل سيعود الحرس الجامعى للجامعات بعد غياب دام قرابة سنتين بموجب حكم قضائى صدر فى يناير 2011 ،وسط استمرار الدعوات المتتالية لتظاهر فى أيام الاستفتاء على الدستور وذكرى ثورة 25 يناير، والتى تتزامن مع امتحان نصف العام الدراسى الأول، فى هذا الصدد يرفض الدكتور أحمد طنطاوى، وزير التعليم العالى والبحث العلمى فى حكومة الوفد الموازية عوده الحرس الجامعى بسبب الصورة السيئة والحوادث المؤلمة التى بدا عليها طيلة نظام مبارك لافتا إلى وجود سبل عديدة لاحتواء غضب الطلاب بعيدا عن لهجة العنف والتهديد، ومنها التحاور مع الطلاب على أن معظمهم من أصحاب النوايا الحسنة الذين يرون أنهم يتظاهرون من أجل صالح البلد ، مشددا على ضرورة الوصول إلى حل وسطى ومساحة مشتركة تجمع بين إدارة الجامعات والطلبة. واستنكر «طنطاوى» الطريقة التى تتعامل بها الحكومة مع المظاهرات قائلا: «على الحكومة ألا تتعامل بالأساليب القديمة لكن ينبغى أن تفرق بين من يتظاهر من أجل التخريب ومن يتظاهر بالوسائل السلمية ضد قانون التظاهر ،كما ينبغى أن تفرق بين المظاهرات التى يرفع أصحابها مطالب عادلة تحت المظلة الوطنية الشاملة وبين تلك التى تخرج من أجل المطالبة بعودة الشرعية للرئيس المعزول محمد مرسى، مشددا على أهمية الشفافية فى التعامل مع ما يحدث داخل الجامعات. من ناحيه أخرى قال الدكتور إسماعيل أبو سعادة أستاذ الإعلام، ورئيس حزب السلطة الشعبية، أن أعضاء هيئة التدريس بالجامعات طالبوا مرارا بعودة الحرس الجامعى، للتصدى للعنف الذى يحدثه الطلبة المتظاهرون داخل الجامعات، إلا أن الوزير يصر على عناده وموقفه غير المفهوم من عودة الحرس الشرطى وأن على حكومة الببلاوى أن تعى الدروس التى وقعت فيها الحكومات السابقة لها وأن تكون حيادية فى التعامل مع معارضيها، وإلا عليها أن ترحل. وأكد أن كل التصريحات والإجراءات التى تتخذها الحكومة تعكس حاله التخبط السياسى التى تخيم على أدائها خاصة فى تعاملها مع الاحتقان داخل الجامعات، إلا أنها تصر على إعادة استنساخ نظام مبارك القمعى والذى كان سببا أصيلا فى اشتعال ثورة 25 يناير متوقعاً أن يسفر الأمر عن نتائج عكسية مضيفا «على الببلاوى كرئيس حكومة انتقالية أن يسعى لتهدئة الأمور لا أن يدخل فى تحد مع الطلاب كى لا يزداد الموقف تأزماً ويسفر عن مزيد من الغضب بين الطلاب. واستطرد قائلا: نحن كأساتذة جامعات موافقون على وجود الأمن الشرطى داخل الجامعات، ولكن عبر معايير تغلب عليها الشفافية، فعلى الأمن أن يضمن حماية الطلاب شريطة أن يلتزموا بالسلمية ، وهو بذلك يضمن حق الحرم الجامعى وحق الطالب فى نفس الوقت. وفى سياق متصل رفض نزيه السبيعى، منسق ائتلاف شباب الثورة، عود الحرس الجامعى قائلا: نحن ضد أى وجود أمنى داخل الجامعة، ويجب عدم السماح بعودة الحرس الجامعى مرة أخرى لأنه سيعيد أمن الدولة بسطوته من جديد، ومن الممكن الاستعاضة عنه بعناصر أمنية مدربه والاستعانة ببوابات اليكترونية على أسوار الجامعات ، فضلا عن تفتيش الطلاب وغيرها من الإجراءات الاعتيادية الأمنية دون اللجوء إلى عودة الحرس الجامعى الذى سيزيد من الصدام داخل الجامعات. مؤكدا أن الجامعة وقياداتها قادرة على فرض الأمن بطرق عدة منها، إحالة كل من يخالف التقاليد الجامعية إلى مجلس التأديب، ويتم إنذاره وفى حالة التكرار يتم الفصل مباشرة دون رجعة فى القرار، وبذلك لن يجرؤ أحد على القيام بالعنف أو التحريض أو أى عمل يخل باستقرار الجامعة». واتفق معه فى الرأى الدكتور فريد زهران، مؤسس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، مؤكدا أن عودة الحرس الجامعى ردة عن المسار الديمقراطى، وأنه لا ينبغى الاستناد إلى وضع عارض من أجل تكريس وضع دائم غير ديمقراطى قال: بالطبع هناك بعض الأعمال العدوانية والتخريبية لكن لا ينبغى أن يدفعنا الأمر نحو المقامرة بالتخلى عن المنجز الديمقراطى والعودة لذات التاريخ الذى دفناه بمولد الثورة والذى كان مكبلاً للحريات. واعتبر «زهران» هذا القرار خطوة تضاف إلى خطوة منع برنامج باسم يوسف، وكلها خطوات غير ديمقراطية لا ينبغى أن تمر مرور الكرام، حتى لا يقل الهامش الديمقراطى، وتزداد حدة القمع والكبت، مطالبا الحكومة بالتراجع عن هذا القرار الذى من شأنه إثارة كثير من القوى السياسية والثورية ضده، مؤكدا أنه حال تم إقرار عودة الحرس فستعد انتكاسة كبيرة للحريات.