بدأت جماعة الإخوان وضع الملامح الرئيسية لخطة مواجهة الاستفتاء علي الدستور والعمل علي إرباك المشهد السياسي واستمرار العنف والإرهاب لإحراج الدولة المصرية وثورة الشعب في 30 يونية. وتواجه الجماعة الآن مأزقاً كبيراً في الطرق التي سيتم من خلالها تنظيم مواجهة الاستفتاء سواء بالتصويت ب«لا» وهو أمر مستبعد بدرجة كبيرة، لكنها ستعمل بكل قوة علي تحريض المواطنين لمقاطعة الاستفتاء لكي يخرج للاستفتاء أعداد أقل من التي خرجت في 30 يونية أو خروج أنصارها من غير أعضائها للتصويت ب«لا» وبالتالي تستخدم هذه الأعداد للتشكيك في الأعداد التي شاركت في الثورة. وتدرس الجماعة الآن بمعاونة التيارات المؤيدة لها تحديد الفئات التي تملك السيطرة علي أصواتها بدرجة كبيرة، إلا أن الجماعة لم تبتكر طريقة جديدة للتعامل مع العملية الانتخابية غير التي استخدمتها بقوة في انتخابات مجلسي الشعب والشوري السابقة، والانتخابات الرئاسية الماضية وهي استغلال الظروف المادية لبعض الأسر خاصة في المناطق العشوائية. ويأتي المأزق الأكبر لقيادات التنظيم حالياً في إغلاق مقرات الجماعة وحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لها في كل أنحاء الجمهورية بناءً علي الحكم القضائي الصادر في هذا الشأن من ناحية،وللغضب الشعبي الجارف الذي لن يسمح بإعادة فتح هذه المقرات خاصة في القري والمراكز من ناحية - نتيجة ما فعله التنظيم بالبلاد قبل وبعد 30 يونية. وعلمت «الوفد» من مصادر داخل جماعة الإخوان أن السيناريو الأرجح لدي الجماعة حتي الآن هو مقاطعة أعضاء الجماعة لعملية الاستفتاء، لكون مشاركتهم فيه تعني الاعتراف الواضح بخارطة الطريق وثورة 30 يونية وهو ما ترفضه الجماعة شكلاً وموضوعاً للحفاظ علي واجهتها الخارجية - بحسب المصدر. وسيكون الحل الأمثل أمام الجماعة هو حث المتعاطفين معها والقوة التصويتية التي تسيطر عليها سواء ب«الزيت والسكر» كما حدث مسبقاً، علي المشاركة والتصويت ب«لا»، ولكن كل هذه الجهود تحتاج إلي مقرات عمل ووجود دفعة معنوية تشعر أعضاء التنظيم بالتواجد والتمركز بأنحاء الجمهورية وهو ما تفتقده الجماعة الآن. وأكد المصدر أن التنظيم سيلجأ لاستغلال مقرات الجمعيات الشرعية بالقري والمراكز والنجوع والمحافظات مستغلة في ذلك عمل الكثير من أعضائها في هذه الجمعيات والسيطرة علي قوتها المادية والمعنوية، مثلما حدث قبل ذلك في استغلال هذه المقرات للدعاية الانتخابية للإخوان بل توجيه خدمات الجمعيات ومساعداتها المالية لصالح أهداف الجماعة. وربما بدأت سيطرة أعضاء جماعة الإخوان علي هذه الجمعيات قبل عملية الاستفتاء حيث تغيرت الصور والشارات علي أجندات ونتائج العام الجديد، فبعد أن كانت الصورة الرئيسية علي الأجندات والنتائج هي حديث الرسول صلي الله عليه وسلم «أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة وأشار بإصبعيه السبابة والوسطي وصورة الإصبعين، نجد أن الأمر تغير تماماً. لأن إشارة إصبعي السبابة والوسطي، يتم استخدامها الآن كدلالة علي تأييد ثورة 30 يونية والفريق أول عبدالفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة في مواجهة إشارة رابعة العدوية وهي «الأربع أصابع» التي يستخدمها الإخوان وأنصارهم كتأييد لاعتصام رابعة وعودة الرئيس المعزول محمد مرسي. وبالتالي فإن نشر الإشارة الأولي علي أجندات العام الجديد تسبب ضيقاً لأعضاء جماعة الإخوان المسيطرين علي هذه الجمعيات بأغلبية القري والنجوع، فلجأت إلي نشر «أصابع اليد الخمسة» في محاولة منها لعدم الإشارة إلي شارة تأييد ثورة 30 يونية أو شارة اعتصام رابعة. ورغم أن نشر الصورة بالأصابع الخمسة لا يتفق مع حديث الرسول صلي الله عليه وسلم، خاصة أن الطبيعي في كل المنشورات التي تتعلق بكفالة اليتيم تنشر صورة الإصبعين كدلالة علي قرب وملازمة ومحبة الرسول الكريم لمن يكفل اليتيم. وكان الملفت للنظر أيضاً هو نشر بعض الصور الخاصة بالأطفال والمشردين وبعض الصور التي توحي بإصابة أصحابها، لاستخدامها لغرض الجماعة علي أنها لأطفال تم قتلهم أثناء الاعتصام وهو ما فسره البعض بأنه تمويل إخواني كان الهدف منه هو عمل الدعاية للعام الجديد بهذه الصورة لكونها تعلق علي الجدران طوال العام وبالتالي تبقي في الأذهان. في حين أن هناك من فسر هذه الصور علي أنها لأطفال يتامي دون أن يكون لها أي علاقة بالأحداث التي صاحبت فض اعتصامي «رابعة العدوية» و«النهضة»، إلا أنه في النهاية تبقي الشكوك هي سيد الموقف تجاه تلك الصور، إلي جانب نشر صورة «الأصابع الخمسة» مع حديث الرسول، حتي لا تبث في الأذهان ثورة 30 يونية. ومن هنا، يشير البعض إلى أنه ربما تتخذ جماعة الإخوان من مقرات الجمعيات الشرعية باباً خلفياً لعودة نشاطها المحظور قانوناً حتي ولو تطلب ذلك العمل داخلها ليلاً وجلب المساعدات بأموال المتبرعين أصحاب النية الخالصة، إلا أنها تستخدم لأهداف مشبوهة. ولذلك يأتي تخوف المواطنين من تسخير هذه الجمعيات التي تعمل في مجال العمل الخيري علي مدار سنوات عديدة نشهد لها جميعاً لصالح أهداف الجماعة وتشويه صورة الجمعيات الشرعية أمام المواطنين مما سيترتب عليه إحجام المواطنين عن المشاركة في تلك المساعدات ومن ثم يصبح الأطفال واليتامي والأرامل هم الخاسر الأكبر في كل ذلك ليكونوا ضحية تجاه تصرفات بعض أعضاء التنظيم الإخواني المسيطرين علي الجمعيات. وعلي أجهزة الدولة خلال الفترة القادمة أن تعي خطورة ما يحدث، لمنع سيطرة هذه الفصائل عليها، كذلك حتمية المراقبة عليها ورفض استخدامها في الصراع السياسي الدائر بالبلاد.