علي نار سياسية ساخنة، بدأت معركة الحشد بين مؤيدي ورافضي الدستور لدعوة المواطنين للتصويت ب «نعم»، أولا خلال الاستفتاء المقرر الدعوة إليه من قبل رئيس الجمهورية.. وإيماناً بأهمية اللحظة الراهنة في حياتنا السياسية المخاطر المحيطة بمصر، تستعرض «الوفد» الآراء المؤيدة لدعم الدستور ب «نعم» للوصول بسفينة الوطن إلي بر الأمان وكل يفند وجههة نظره وأسباب تأييده لدستور 2013. الدكتو نور فرحات - الفقيه الدستوري رغم ملاحظاته وتحفظاته علي بعض المواد - يري أن مشروع الدستور وثيقة تجمع ولا تفرق واعتمدت الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وأحال أحكامه للمحكمة الدستورية العليا وأكد علي أن الشريعة الإسلامية كما هي منذ عام 1948 مصدر القانون في مصر، كما أن الدستور ألزم الدولة بحقوق الفئات المهمشة من خلال تمثيلهم في مجلس النواب بنصوص قانونية ملزمة وكذلك ألزم الدولة بالحريات العامة ووضع ضمانات لها مما أوجد حالة من الرضا بين جموع المجتمع المصري. فؤاد بدراوي - المحامي الشهير وسكرتير عام حزب الوفد، يحدد أسبابه للتصويت ب«نعم» علي الدستور في تحقيقه للحريات العامة للمواطنين والعدالة الاجتماعية من خلال حمايته لحقوق الإنسان، ولم يأت دستوراً فئويا بل تغلبت لجنة الخمسين علي محاولات تحويله إلي دستور فئوي ليكون دستوراً يتطلع إليه جموع الشعب المصري ليحقق آمال الأمة في الديمقراطية والحريات والعدالة الاجتماعية. ولذلك - والكلام ل«فؤاد بدراوي» - فإن المسئولية الوطنية تستوجب علي جموع الشعب المصري الخروج للاستفتاء علي الدستور حتي تستكمل خارطة الطريق ويعود الاستقرار إلي ربوع البلاد. من جانبها رحبت قيادات نسائية وحقوقية بالمسودة النهائية للدستور وأكدت - رغم بعض ملاحظاتهن - علي حشد أنصارهن للمشاركة في الاستفتاء المقبل علي الدستور والتصويت ب «نعم» لتخطي المرحلة الانتقالية. نهاد أبوالقمصان، المحامية ورئيس المركز المصري لحقوق المرأة، تري أن الدستور وإن لم يتم للمرأة بعض في حقوقها بشكل كامل ومحدد وواضح الملامح إلا أن اللحظة الراهنة تستدعي التكاتف والحشد للتصويت بنعم لدعم الاستقرار المجتمعي وتخطي المرحلة الانتقالية وإتمام خارطة الطريق بأمان ثم يأتي بعد ذلك البحث عن بقية حقوق المرأة وطموحاتها في المساواة الكاملة من خلال البرلمان وعندئذ تؤكد المرأة أن مصلحة الوطن فوق حقوقها وبعيدة عن أي مطالبات فئوية قد تتهم بها. وعلي نفس النهج السابق - تأمل الدكتور هدي بدران رئيس مجلس إدارة الاتحاد النوعي لنساء مصر ورئيس رابطة المرأة العربية في أن تتيح القوانين المقبلة المكملة للدستور تمثيلا مناسبا وحقيقيا للمرأة في مجلس النواب وبما يتناسب ومكانتها الفعلية في المجتمع فهي نصف المجتمع، ولذلك فإن الاتحاد النوعي لنساء مصر سيدعوا للتصويت ب «نعم»، علي الدستور والذي يمثل أولي الخطوات لتنفيذ خارطة المستقبل وتحقيق أهداف ثورتي 25 يناير و30 يونية، خاصة وأن مشروع الدستور إلي حد كبير ساوي بين المرأة والرجل في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الوظائف الحكومية فيما لا يقل عن 20 مادة من مواد الدستور. كريمة الحفناوي - عضو جبهة الإنقاذ الوطني، تطالب الشعب المصري بالخروج للاستفتاء علي التصويت بنعم لدستور يحتوي ما لا يقل عن 80٪ من المبادئ العامة المصرية، وأنها شخصياً موافقة علي هذا المشروع للدستور بنسبة 95٪ لكونه بداية لدولة ديمقراطية تؤسس للمواطنة والمساواة ولأول مرة يتم تجريم التمييز بمقتضي الدستور والذي سوف يستكمل بقوانين وتشريعات تؤكد علي عدم التمييز، مما يعني عدم التمييز بين الرجل والمرأة بل وتجريم التمييز علي أساس الجنس والعقيدة والفكر والثقافة أو الوضع الاجتماعي والعرف، أي مساواة تامة بين المواطنين، وبهذا الشكل وتلك المضامين وبمقتضي هذا الدستور سوف يتمكن أي مواطن من رفع قضايا مضمونة المكاسب لإبطال أي قانون يري فيه شبهة أي تمييز، كما أنه وبمقتضي الدستور فإن هناك ضمانة لتعليم المرأة وهي من أكثر الفئات تسريبا من التعليم لأسباب وظروف اقتصادية واجتماعية في المقام الأول. كذلك بمقتضي الدستور يحصل كل مواطن علي التأمين الصحي الكامل وخاصة للمرأة المعيلة وأصحاب المعاشات وذي الإعاقة فجميعهم تلتزم الدولة تجاههم بالصحة والعلاج والحياة الكريمة والإنسانية وفقا للمعايير الدولية. كذلك الدستور يضمن ويلزم الدولة والمواطنين الحفاظ علي البيئة وموارد الدولة ويجرم الاتجار في الموارد والآثار، علاوة علي ذلك فإن الدستور رسخ حقوق الطفل وتحاشي ما تضمنه دستور 2012 من جرائم ضد الطفولة والذي كان يشجع الاتجار بالقاصرات ويشجع علي عمالة الأطفال. كما تري - كريمة الحفناوي - أنه بمقتضي الدستور تم ترشيح مبدأ وسياسة وسلوك اللامركزية للإدارة المحلية في مقومات حكم شبه رئاسي بل ومختلط ما بين البرلمان والرئاسة من خلال قرارات مشتركة بين رئيس السلطة التنفيذية ومن جاء في مجلس النواب بالأغلبية مما يقضي علي الرئيس «شبه الإله» والذي كان يتحكم في كل القرارات بما يساعد علي استبداد الدولة - وفي النهاية فالتصويت بنعم واجب وطني، ولكنه دستور أتي بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية استكمالا لثورة 30 يونية ومن ثم فهو استفتاء علي تلك الثورة وقبول وتأكيد لخارطة المستقبل. صلاح عيسي - الكاتب الصحفي - يراه دستوراً من أكثر الدساتير المصرية التي عرفتها مصر اهتماماً بالحقوق الديمقراطية والحريات العامة والاجتماعية والاقتصادية علي وجه الخصوص وتمييز في ذلك بدرجة كبيرة من التفاصيل ومن ثم فهو دستور بالغ التميز بالنسبة لبقية الدساتير التي سبقته. كما أنه دستور احتفظ بالأعمدة الأساسية للدساتير المصرية، فهو دستور للمصريين جميعاً يؤكد علي خدمة الميراث الدستوري لمصر منذ 1879 وحتي الآن فضلا عن أن نقي دستور 2012 المعطل مما كان يشوبه من تخبط واضطراب وركاكة في الصياغة فضلا عن أنه دستور 2012 كان طائفيا يعبر عن جماعة وتيار ولا يعبر عن المشتركات الوطنية للدولة المصرية الحديثة. أما الدكتور صفوت العالم، الخبير الإعلامي، فيطالب بحوار مجتمعي جاد لتوضيح كل المقصود من كل مادة وأهدافها ورفع وعي الناس بمضمون تلك المواد قبل دعوتهم للتصويت في الاستفتاء المقبل. وبالنسبة له شخصيا - فيري العالم أن ما يتعلق بالإعلام في الدستور جيد نظريا ولكن العبرة بإيمان النظام السياسي بها وفرصة تطبيقها وعموماً فإن لجنة الخمسين اجتهدت وعليها أن تدرك أن الحوار المجتمعي هو الفصيل في الاستفتاء.