فقدت مصر اليوم أحد أبنائها العظماء وإحدى أبرز المواهب الملهمة فى تاريخ الشعر المصرى، إنه الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، الذى تميز بتلقائيه وعفوية شعره ذلك الشعر الذى حفر به علامة غائرة، أضافت لمسة ساحرة بقلب كل مصرى. أحمد فؤاد نجم الشاعر ينتمي إلى عائلة نجم المعروفة فهو ابن لأم فلاحة أمية من الشرقية وأب يعمل ضابط شرطة فقد كان ضمن سبعة عشر ابن لم يتبق منهم سوى خمسة والسادس فقدته الأسرة. وعلى الصعيد المهنى عمل نجم بمهن كثيره فعمل تاره كلاعب كره و تاره بائع وتاره أخرى عامل منشآت وأخرى ترزى وأخيرا عمل بمعسكرات الجيش الإنجليزي . وبعد أن جنى نجم الشاعر الكبير ثمار معاناته الطويله بتعلم القراءة والكتابة اشترك مع الآلاف في المظاهرات التي اجتاحت مصر سنة 1946 وتشكلت أثناءها اللجنة الوطنية العليا للطلبة والعمال. وعلى الصعيد السياسى كان نجم مولع بحب الوطن حيث عمل بأحد المعسكرات الإنجليزية وساعد الفدائيين في عملياتهم فبعد إلغاء المعاهدة المصرية الإنجليزية دعت الحركة الوطنية العاملين بالمعسكرات الإنجليزية إلى تركها فاستجاب نجم للدعوة وعينته حكومة الوفد كعامل بورش النقل الميكانيكى. وفى تلك الفترة قام بعض المسؤلين بسرقة المعدات من الورشة وعندما اعترضهم اتهموه بجريمة تزوير استمارات شراء، مما أدى إلى الحكم عليه بالسجن3 سنوات. كما اشترك نجم في مسابقة الكتاب الأول فى السنة الأخيرة له داخل السجن، وحين فوزه بالجائزة قام بإصدار الديوان الأول له من شعر العامية المصرية. وقامت سهير القلماوى بكتابه المقدمة لتساعده على توصيل كلماته للعالم بأسره. وبعد خروجه من السجن عُين موظف بمنظمة تضامن الشعوب الآسيوية الأفريقية وأصبح أحد شعراء الإذاعة المصرية. انضم أحمد فؤاد نجم إلى حزب الوفد فى منتصف يونية عام2010 بعد فوز الدكتور السيد البدوي شحاتة بانتخابات رئاسة الحزب. وقد تزوج نجم العديد من المرات أولها من فاطمة منصور، وانجب منها عفاف والكاتبة الصحفية صافيناز كاظم وأنجب منها نوارة نجم كما تزوج من ممثلة المسرح الجزائرية صونيا ميكو، وقد كان أشهر زواج له من الفنانة عزة بلبع. ثم تزوج من السيدة أميمة عبد الوهاب وأنجب منها زينب،و لدى نجم 3 أحفاد من عفاف مصطفى، صفاء وأمنية. ولقب نجم بالعديد من الالقاب حيث قال عنه الشاعر الفرنسى " لويس اراغون "أن فيه قوه تسلط الأسوار كما اسماه الدكتور " على الراعى " شاعر البندقية فى حين أطلق عليه الرئيس الراحل أنور السادات الشاعر البذيء". كما تميز نجم بروعة أشعاره ومنها " يعيش اهل بلدى – الخواجه الامريكانى – الاستغمايه – هما من واحنا مين – اقوال ماثوره – البتاع – حسبه برمه – كلب الست- الخ" ولم تنته إلى هنا أعماله الرائعة فتبقى كلماته رنين فى آذان كل مصرى. "عينى عليه ساعة القضا من غير رفاقة تودعة ...يطلع انينة للفضا يزعق ولا مين يسمعه" فبهذه الكلمات ودع شاعرنا الكبير أحمد فؤاد نجم المناضل جيفارا ، و لكنه لم يكن يعلم أنه يخلد بهذه الكلمات ملحمة نضاله و يصور تاريخه في الدفاع عن الفقراء ، ليختم نهايته بكلمة حق و يرحل إلى الرفيق الأعلى بعد ان أدى دوره و واجبه تجاه وطنه و فقراءه بكلمات كحد السيف على رؤوس الجبابرة و هادمي الأمم . وترثى مصر اليوم موهبه ادبية ضاعها القدر واخذتها رياح الموت لتسكن جنات الآخرة، وتودع صحوات الحياة حيث شيعت اليوم جنازه الشاعر البندقية أحمد فؤاد نجم عن عمر يناهز 84 عاما وسط صراخ وألم أحبائه.