دائماً ما يحاول إمساك العصا من المنتصف.. ولديه موازنات ومواءمات غير واضحة فى ظاهرها دفاعاً عن الدين والوطن وفى باطنها مصالح وحسابات أخرى غير ذلك.. هكذا يتعامل حزب النور مع القضايا المصيرية فى البلاد. ومع قرب الانتهاء من التصويت على المسودة النهائية للدستور، توجهت الأعين صوب هذا الحزب الذى كان على مدار الأيام الماضية البطل الأوحد فى سلسلة من الخلافات المصطنعة على مواد الهوية فى الدستور لحفظ ماء وجهة أمام الشعب وأمام جماعة الإخوان المسلمين. وعلى الرغم أن كل الفصائل والقطاعات حددت موقفها بوضوح من الدستور إما بالإيجاب وإما بالرفض ما زال حزب النور يخفى موقفه بشأن الدستور، مدعياً أن كافه الاختيارات والبدائل أمامه مطروحة.. فإلى ماذا يرمى حزب النور؟.. وهل سيصوت الحزب ب «نعم» أم «لا» رغم عدم تمرير المادة 219 وغيرها من مواد الهوية التى كانت سبباً رئيسياً فى انسحاب النور فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى. عبرت الدكتورة سامية خضر، أستاذ الاجتماع السياسى، عن تخوفها من موقف حزب النور السلفى من الدستور وكافة القضايا المجتمعية قائلة: «موقف حزب النور غير مطمئن، بمعنى أن توجهه العصرى الذى يظهره يتناقض تماماً مع دواخله، وهو ما يثر تحفظ كافة القوى السياسية فى التعامل معه، لكن ذلك لا يعنى إقصاءه تماماً من المشهد السياسى، ولكن يجب الحذر فى التعامل معه، لأنه دائماً ما يغير موقفه تبعاً لمصالحه. وعبرت «خضر» عن استيائها من الطريقة التى يتعامل بها النور مع كافة القضايا، وتلاعبهم بالشعب، مضيفة: «إنهم لا يملكون مفتاح الجنة ولا الكلمة الفاصلة ولن يستطيعوا أن يعطلوا مسيرة البلاد نحو المدنية مهما فعلوا، فلابد من فصل الدين عن السياسة لأننا لا نريد دولة يحكمها الكهنة.. وأبدت تخوفها من قدرة النور على إفساد الاستفتاء ووضع يدهم بيد جماعة الإخوان المسلمين، مؤكدة أنهم لن يكون لهم دور فى الزحف إلى الإمام، وسيعملون على تعطيل قدرات الدولة فى التقدم». واستنكرت أستاذ علم الاجتماع السياسى مماطلة الحزب فى إبداء موقفه من الدستور وغيره من القضايا، وهو ما يصب فى صالح القوى المعارضة والمناهضة لخارطة الطريق، محذرة من أى محاولات للعب بمصالح المواطنين عبر دغدغة عواطفهم بالشعارات الدينية لأنها أمور فطن لها الشعب ولن يغرر بها مرة أخرى خاصة أن كل مواقفه السابقة غير مطمئنة. وأرجعت «خضر» مواقف حزب النور المتناقضة والمتذبذبة إلى ما حدث من علو وبزوغ نجم عدد من المشايخ فجأة، وتصدرهم الوسائل الإعلامية والمشهد السياسى برمته، دون أن يكون لهم أى جذور فى العمل الوطنى الحقيقى على أرض الواقع وهو أيضاً ما سيكون سبباً رئيسياً فى خفوت نجمهم وزوالهم من المشهد السياسى إذا استمرت ممارساتهم السياسية بهذا الشكل. من جانبه، حذر صلاح حافظ، نائب رئيس حكومة الوفد الموازية، من حزب النور ودوره فى مقاطعة الاستفتاء، مؤكداً أنه سيسعى بكل السبل من أجل إفشال الاستفتاء بالتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين لأنهم لا يريدون أن تصبح مصر دولة مدنية ويريدون أن يقفوا أمام هذا الأمر بكافة الطرق. وأكد أن تأخر النور فى حسم موقفه من الدستور يصب فى صالح التيارات المتشددة والداعية لمقاطعة الدستور، مؤكداً أن الشعب كله سيتصدى لهذه الممارسات التى يرفضها رفضاً قاطعاً.. وطالب «حافظ» كافة القوى الثورية والسياسية بالالتفاف حول الدستور، للمضى قدماً فى تنفيذ خارطة الطريق. وفى نفس السياق نفسه، وصف وحيد الأقصرى، رئيس حزب مصر العربى الاشتراكى، حزب النور بأنه من بنى جلدة حزب الحرية والعدالة ويطمح فى الجلوس على مقعده، مضيفاً: «النور لا يختلف كثيراً عن جماعة الإخوان فهما ينبوعان من نبع واحد، ولا جدال على أنه كشف نفسه تماماً عندما اعترض على التصويت على مادة الاتجار بالبشر من أجل تمرير المادة التى تبيح زواج القاصرات». وأكد أن حزب النور يحاول إمساك العصا من المنتصف ويحارب بدهاء ليس خافياً على أعضاء لجنة الدستور، وذلك ليظل فى المشهد السياسى بعد زوال جماعة الإخوان أملاً أن يحل محلها، لكن الشعب سيتصدى لذلك بكل قوته. وشكك «الأقصرى» فى موقف المتظاهرين الذين ينزلون إلى الشارع لإسقاط قانون التظاهر قائلاً: «لا أعلم إن كان ذلك عن جهل أم تآمر لكن ذلك من شأنه إدخال البلاد فى فوضى، مشدداً على ضرورة الوقوف بجانب الدستور والتصديق عليه بنعم».