مرت الحصانة البرلمانية مرور الكرام فى الدستور الجديد دون مناقشة أو تعديل أو اعتراض من أى عضو فى لجنة الخمسين، وكان المطلوب ترشيدها للحد من البلاوى التى كانت وراءها حصانة سيادة النائب الموقر. ومن الحصانة ما قتل، ممدوح إسماعيل وكيل لجنة الثقافة بمجلس الشورى قتل حوالى ألف بنى آدم فى عبارته التى غرقت فى البحر الأحمر، وظل واثق الخطوة يمشى ملكًا مستمتعًا بالحصانة ورعاية صديقه زكريا عزمى، وهشام طلعت وكيل اللجنة الاقتصادية بالشورى، حب وطال، وحرض على القتل، وظل محتميًا فى الحصانة ورعاية عمو صفوت الشريف، وباعه حسنى مبارك بعد ضغوط من أحد الحكام العرب، وكان موعودا بوزارة الإسكان عقب زيارة مبارك لأحد مشروعاته. ورغم رفض الدستور قيام عضو مجلس الشعب اثناء مدة عضويته بشراء أو استئجار شىء من أموال الدولة، أو يؤجرها أو يبيعها شيئًا من أمواله، تاجر النواب فى كل شىء حتى فى تأشيرات الحج المجانية التى كانوا يحصلون عليها توزيعها على غير القادرين من أبناء دوائرهم الراغبين فى أداء الفريضة. وأحد النواب فى النظام القديم كان يفرض اتاوات على بائعات الفجل والجرجير لحمايتهن من البلدية، ونائب آخر استغل الحصانة فى تهديد امرأة ساقطة بشكوى ضده لرفضه دفع أجرتها، وحققت فيها الدكتورة أمال عثمان وكيلة المجلس، وفى المحكمة قال محاميه للقاضى: أصله ما بيعرفش! وعاد النائب من المحكمة إلى البرلمان ليمارس مهامه، ونائب رفض دفع تكاليف مكالماته التليفونية من فندق شهير وقال أنا صايع، وآخر كان يرتمى تحت أقدام راقصة فى ديسكو الفندق، وعندما لعبت الخمر برأسه شد بدلة الراقصة وقام الأمن بحمله إلى غرفته، ونائب ضبطوه بالحشيش، فادعى أن الضابط مستقصده لأنه صفعه بالقلم بعد قيامه بسب أمه. كان فيه نواب آخر مسخرة، بس جرائمهم انحسرت فى الآداب العامة وسرقة الحملان الصغيرة، لكن كان يوجد نواب رفعوا شعار ان سرقت اسرق جمل، وأن عشقت سافر بلاد بره، هؤلاء ضربوا بالدستور عرض الحائط، تاجروا مع الدولة، وباعوا واشتروا معها، وتم تعيينهم في مجالس إدارات الشركات، وشركات البترول بعد العضوية، واستولي بعضهم على ملايين الامتار من الأراضى فى أجود الأماكن. ونواب فى لجنة الصحة سافروا إلى البحر الأحمر للاطمئنان على الأوضاع الصحية، وبعد سهرة مع المحافظ، اشتروا أراضى المحافظة بالكامل بنظام التخصيص المجانى مقابل رسوم بسيطة وبعد أن فاحت الفضيحة، طالبهم رئيس المجلس بتمزيق العقود. ونائبان أحدهما كان فى الشورى والآخر كان فى الشعب دخلا فى سباق غير شريف للتبرع للمشروعات التى كانت تتبناها قرية الرئيس وتبين أن النائبين الموقرين كانا يحصلان مقابل أعمالهما الخيرية على أراضٍ وتراخيص ومرافق وتيسيرات ضريبية ونفوذ بتوجيهات من الهانم من خلال برنامج الشيء لزوم الشيئ. وباسم الحصانة ضاعت حقوق آلاف المواطنين لفشلهم فى مقاضاة النواب بمساندة مجلس الشعب الذى تحول إلى خصم وحكم عند الفصل فى طلبات رفع الحصانة التى ترد إليه من وزرير العدل أو من مواطنين يطلبون الإذن لهم برفع دعاوى مباشرة ضد نواب اعتدوا على حقوقهم، فتؤشر اللجنة التشريعية البرلمانية على طلباتهم بأنها كيدية، ويتم حفظها. الحصانة البرلمانية المطلقة حولت النائب من مدافع عن حقوق الشعب إلى سارق قوت الشعب وتاجر مخدرات ومهرب سلاح وبلطجى وشيخ منسر ومسجل آداب. إذا كانت الحصانة قد قررت فى الأصل لحماية النائب مما قد يتعرض له نتيجة إبداء آرائه وأفكاره تحت القبة فيجب ألا تبارح الحصانة جدران البرلمان ولو زادت شوية يتم قصرها على دور الانعقاد فقط، الحصانة المطلقة لحست عقول النواب، فتركوا الآراء والأفكار، ومحاسبة الحكومة ومناقشة القوانين، وعاشوا على ريع الحصانة فذلك أفضل مجدًا.