بدأت جماعة الإخوان المسلمين وحلفاؤها من التيارات الدينية معركة الهجوم علي الدستور الذي يعد حالياً داخل أروقة مجلس الشوري من قبل لجنة الخمسين المكلفة بإعداده بقرار من المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية تنفيذاً لخارطة الطريق التي أعلنها الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة. ولم تنتظر الجماعة الانتهاء من صياغة الدستور بشكل كامل حتي تهاجمه، وإنما تسعي من الآن لخلق حالة من الرفض الشعبي للدستور من ناحية، وإعطاء الأمل لأنصارها المتظاهرين بين الحين والآخر بأن دستور 2012 قد يعود العمل به مرة أخري. وعلل قانونيون تابعون لجماعة الإخوان إمكانية العمل بدستور 2012 مرة أخري بأن خارطة الطريق التي أعلنها الفريق السيسي جاء فيها نص «تعطيل العمل بالدستور» وليس «إسقاط الدستور» وهو ما يعني عودة العمل به في حالة التصويت ب«لا» علي الدستور المقرر طرحه للاستفتاء خلال الفترة القادمة. ورداً علي تلك التصريحات، أكد أساتذة قانون وفقهاء دستور أن الدستور يسقط بفعل الثورة مع النظام الذي سقط خاصة في ظل وجود إعلان دستوري به الكثير من المواد التي تنظم العلاقة بين مؤسسات الدولة لحين إقرار دستور جديد. في البداية، رفض الأستاذ الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة ما يروج له البعض الآن بأن التصويت برفض الدستور يعني العمل بدستور 2012 قائلاً «أنا أرفض لفظ تعطيل العمل بالدستور حتي وإن سماه الإعلان الدستوري بذلك لأن اللفظ هنا جاء للمضمون وهو إسقاط الدستور». وأكد عميد كلية الحقوق أن دستور 2012 الذي أعده نظام حكم جماعة الإخوان سقط بالفعل الثوري الذي خرجت فيه الناس بالملايين في 30 يونية لإسقاط النظام ودستوره. وأشار كبيش إلي أنه في حالة التصويت بالرفض سيتم العودة مرة أخري إلي لجنة الخمسين المكلفة بإعداد الدستور للاستقراء والإطلاع علي المواد التي رفضها الشعب لإعادة صياغتها مرة أخري وخلق التوافق قائلاً «العمل بدستور 2012 أصبح شيئاً مستحيلاً واعتقاد الجماعة بأنها تسعي للعمل به هو خيال لاعلاقة له بالثورة أو القانون أو الدستور». وقال الأستاذ الدكتور عبدالمنعم زمزم،أستاذ القانون بكلية الحقوق-جامعة القاهرة إن التصويت برفض الدستور الذي يعد حالياً يعد بمثابة فرض تخيلي مشيراً إلي أن غالبية الشعب ستوافق عليه خاصة أن هناك محاولات كثيرة للاتفاق حول بعض المواد التي ربما يختلف عليها بعض الفصائل. وأضاف زمزم أن التصويت ب«لا» علي الدستور لا يعني العودة للعمل بدستور 2012، خاصة أن الإعلان الدستوري الأخير وخارطة الطريق لم تتحدث عن هذا الفرض، قائلاً «سيظل الدستور معطلاً لحين إقرار دستور جديد للبلاد فإذا جاء التصويت بنعم فقد حسم الأمر، وإذا جاء بالرفض سيظل معطلاً وفي هذه الحالة تشكل لجنة أخري لإقرار دستور آخر». وأكد زمزم أن الثورة تقوم لإسقاط النظام الحاكم ومن ثم إسقاط الدستور الذي يحكم به وبالتالي يعد إسقاط الدستور من مقتضيات إسقاط النظام، وهذا ما حدث في 30 يونية، حيث قامت الثورة ضد الرئيس المعزول محمد مرسي ونظامه ومن ثم دستوره - بحسب قوله. ووصف زمزم استخدام لفظ «تعطيل العمل بالدستور» في خارطة الطريق بغير الموفق، مشيراً إلي أنه كان يجب استخدام لفظ «إسقاط الدستور» في الوقت الذي فسر فيه زمزم استخدام اللفظ الأول كنوع من المواءمة السياسية مع جماعة الإخوان حتي لا يشعروا بفقدان كل شيء في لحظة واحدة - بحسب تفسيره. واختتم زمزم تصريحاته بأن العمل بدستور 2012 أصبح شيئاً من الخيال لأن تعطيله أصبح محصناً شعبياً بالملايين الذي خرجت ورفضته في 30 يونية، وبالتالي فشرعية الدستور الذي أعده النظام البائد سقط بالفعل مع سقوط شرعية الرئيس المعزول ونظامه. وقال الدكتور شوقي السيد الفقيه الدستوري «جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها يعيشون الوهم ويعتقدون أنه في حالة الحشد للتصويت برفض الدستور يتم العمل بدستور 2012 المعطل وهذا غير صحيح». وأضاف السيد أن دستور 2012 لم يسقط وإنما تم تعطيل العمل به وسيظل هذا الوضع حتي إقرار دستور يقبله المصريون ويصوتوا له ب«نعم» سواء كان الدستور الذي يعد حالياً أو غيره. وأكد السيد أن الإعلان الدستوري الأخير به من الأحكام القانونية ما يكفي لنظام حكم البلاد لحين إقرار دستور يرتضيه المصريون بعد ثورة 30 يونية التي أسقطت كل ما يتعلق بنظام حكم جماعة الإخوان».