هزتني من الاعماق.. وأحزنتني تلك الشماتة التي ظهرت علي وجوه الذين فرحوا لهزيمة منتخبنا لكرة القدم من غانا.. وذكرتني بشماتة البعض الذين فرحوا بهزيمة جيش مصر في يونيه 67، مع الفارق.. ولكن يبدو أن السبب واحد.. هو الجيش!! فالذين شمتوا في هزيمتنا في يونية 67 وكان منهم بعض رجال الدين الإسلامي قالوا إن هذه الهزيمة كانت وجاءت لطمة من الله حتي نعود إلي الله.. ونفوق مما كنا فيه.. والبعض منهم رآها هزيمة لجيش عبد الناصر الذي استند إليه ليحكم البلاد.. وأن الله سبحانه وتعالي اعتبر تلك الهزيمة محاولة لكي يتعظ نظام عبد الناصر الذي سجنهم مرات عدة أبرزها عام 54 وأكبرها عام 1965 وأن الله انتقم لهم، وهم الذين ظلمهم عبد الناصر وأسكنهم السجون والمعتقلات سنوات عديدة.. ووجدت شماتتهم هذه ترحيبا من الذين لا يفهمون فانطلقوا يطلقون الشائعات عن الجيش الذي هزم من أول معركة وحاولت هذه الشائعات تدمير معنويات الشعب المصري.. وإفقاده ثقته في الجيش الذي قالوا عنه إنه أقوي قوة عسكرية في المنطقة.. فإذا به يتم تدميره بضربة واحدة.. كما استجاب بعض المصريين لما أشاعه هؤلاء فانتشر الحجاب بين المصريات.. علي أساس أن ما حدث كان غضباً من الله علينا.. فإذا أردنا إصلاح ما فسد.. فعلينا أن نعود إلي الله. وعادت شماتة الإخوان إلي الوجود بعد أن استجاب الجيش المصري لمطالب الشعب بإسقاط سلطة الإخوان.. ورأي الإخوان في هزيمتنا الكروية هزيمة للنظام الجديد كله الذي يقوده الجيش المصري - هذه المرة أيضاً - أي أن الوسيلة هي الشماتة في الجيش سواء كنا في يونية 67.. أو في يونية 2013، لا فرق.. واستغل الإخوان هذه المباراة.. وفوجئنا بعدد ليس بالقليل يتجمع في ستاد كوماسي - في غانا - سواء في الذين سافروا إلي هناك لتنفيذ مخطط الشماتة.. أو في بعض المصريين العاملين في غانا نفسها أو الذين يعملون في دول غرب إفريقيا.. وكان هدف كل هؤلاء واحداً.. هو ضرب الوطن نفسه.. ولكن علي أرض غانا هذه المرة، وفوجئ الفريق المصري بهتافات تنطلق باللهجة المصرية، أي بالعربية الممصرة، تهتف ضد الفريق.. وضد الجيش المصري.. وضد قائده الفريق أول السيسي وكان الهدف واحداً - في يونية 67 ويونية 2013- لتدمير سمعة الجيش المصري.. ولكن هذه المرة.. علي أرض غريبة، في أقصي غرب القارة الإفريقية. وتحول الخلاف في الرأي إلي معركة شرسة هدفها الأكبر الانتقام من هذا الجيش الذي أقصاهم عن مقاعد الحكم وأنزلهم من علي العرش وهذا يؤكد أن كل «نضالهم» علي مدي 80 عاماً لم يكن من أجل صالح الوطن.. بل كان من أجل الوصول إلي حكم هذا الوطن.. بل ويؤكد ذلك أنهم لا يعترفون بالوطن ولا بحدوده.. ولا مقدساته ولا حتي بأنهم عاشوا علي أرضه وعاشوا علي خيراته.. ويؤمنون فقط بالأممية.. ولا يعترفون بالقومية.. فالوطن عظيم ماداموا يحكمونه ويتحكمون فيه.. ولابد من تدميره إذا تم إبعادهم عن حكمه.. ولعل ما يحدث في سيناء.. وكذلك داخل أرض الوطن ذاته من مظاهرات وتفجيرات إلا تعبير عن رؤيتهم هذه، أي ضد الوطن إذا ما تم إبعادهم عن السيطرة عليه لأن هدفهم.. نحن أو الدمار!! ونسي هؤلاء أن المصري، والمصري الأصيل، قد لا يفرح لفرح جاره ولا يذهب لتهنئته بالفرح.. ولكنه يذهب إلي سرادق العزاء لعزاء جاره.. فهل يا تري نسي الإخوان هذه الأصول التي تري غير ما يرون.. وكأن الإخوان الذين شمتوا في أغلبية المصريين لهزيمة فريقهم الكروي لا يريدون للشعب أن يفرح - في يوم العيد- بل تحول هذا العيد إلي يوم شؤم بسبب هذه الهزيمة.. ولهذا استكثر الإخوان أن يفرح الشعب.. لقناعتهم أن هذا الشعب، الذي خرج 33 مليوناً من أبنائه يوم 30 يونية الماضي استجابة لما رآه الجيش وقيادته مطلوب من الإخوان الانتقام منه وتحويل حلمه بالفرح إلي سرادق كبير للعزاء.. ولكن صدقوني: جاءت شماتة الإخوان فينا بسبب هذه الهزيمة لتضرب أحلامهم وتنضم إلي سائر أخطائهم التي تبعدهم يوما بعد يوم عن حلمهم بحكم مصر.. صدقوني لن ينسي شعب مصر شماتة الإخوان الذين ثبت لنا أنهم لا يعترفون بالأوطان.. فحق للوطن أن يلفظهم!