أشار العالم المصرى "أحمد زويل"، فى مقاله بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إلى أهمية التعليم باعتباره "مكون أساسي فى نسيج ثقافتنا العربية وديننا الإسلامى". استهل "زويل" مقاله باستعراض بداياته فى مرحلة الطفولة فى مدينة "دسوق" التى تبعد 50 ميلًا شرق الإسكندرية حيث كان يُصلى الصلوات الخمس فى المسجد القريب من منزله، مشيرًا إلى نصيحة إمام المسجد له "بالقراءة عملًا برسالة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الذى أُمر بالقراءة". واستطرد "زويل" فى مقاله المعنون "الثورة التى تريدها مصر" قائلًا: "لقد غادرت القاهرة عام 1969 للدراسة فى جامعة بنسلفانيا ولكن التزامى تجاه مصر لم يتغير،" مضيفًا "الاضطرابات السياسية التى مرت بها مصر على مدار العامين الماضيين – فى إشرة إلى الانتفاضتين والإطاحة بنظامين مختلفين – جعلت مصر الآن فى حالة من عدم اليقين السياسى العميق، ولكن ما تم افتقاده فى ظل المكائد القاتلة بين الليبراليين العلمانيين والإسلام السياسى هو تطلعات الشباب فى مصر وهو السبب الذى أدى إلى اندلاع الثورة". وتابع قائلًا: "إن المجتمع المصرى مجتمع شاب مثل كثير من المجتمعات العربية، والشباب الذين نزلوا إلى ميدان التحرير عام 2011 مطالبين بالحرية والعدالة الاجتماعية كانوا أيضًا، من وجهة نظرى، يتطلعون إلى تغيير اقتصادى واجتماعى وفرص تعليمية تؤهلهم إلى الحصول على وظائف مناسبة وحياة كريمة وهى جميعها أمور ضرورية للإزدهار فى العالم المعاصر". وأضاف قائلًا "بصفتى أول مصرى وعربى يحصل على جائزة نوبل فى العلوم، والمبعوث الخاص من قِبل إدارة باراك أوباما لتعزيز وترويج العلوم فى الشرق الأوسط فإن هذا هو قلقى الأساسى". وقال "زويل"، فى سياق مقاله، "إن الغرب غالبًا ما ينسى تاريخ مصر الطويل فى الإنجازات التعليمية، بداية من جامعة الأزهر مركز التعليم الإسلامى التى سبقت جامعتى أكسفورد وكامبريدج بقرون، وجامعة القاهرة، التي تأسست عام 1908 وكانت مركزًا للتنوير فى العالم العربى كله؛ بالإضافة إلى المثقفين الرواد فى أول انتخابات ديمقراطية فى مصر عام 1920 فى ظل النظام الملكى حتى عام 1950 حيث ولدت، هى الفترة الحداثة التى شهدت إنشاء المؤسسات العلمية وظهور الصناعات الحديثة مثل الأعمال المصرفية، وسائل الإعلام، والمنسوجات والصور المتحركة". وأضاف قائلًا "لقد نشأت في عهد جمال عبد الناصر، الذى شارك فى ثورة 1952 التى أطاحت بالنظام الملكى وقاد البلاد حتى عام 1970، وكانت الدولة وقتها تعانى نقصًا فى الديمقراطية، ولكن ليس في التفاؤل؛ فقد كانت العلوم والهندسة والتكنولوجيا بين التخصصات ذات الترتيب الأعلى في الجامعات المصرية وكانت جاذبًا قويًا لأفضل الطلاب والعلماء من العالم العربي، بالإضافة إلى مشاريع البنية التحتية الضخمة، مثل بناء السد العالى في أسوان والمفاعل النووى فى أنشاص وهو ما تطلّب مهندسين ماهرين وكانت مصر قادرة على توفير ذلك". وتابع "زويل" قائلًا: "على مدار ال30 عامًا الماضية منذ اغتيال أنور السادات شهدت البلاد تدهورًا كبيرًا، وكان الانتباه فى فترة حكم "حسنى مبارك" مرتكزة على الأمن والإعلام والمنتجعات السياسية والمشروعات الترفيهية ولم يهتم بالتعليم والبنية التحتية". واستطرد قائلًا "مما لا يدعو للفخر أن مصر والعالم العربى لم يكن لهما انجازات تُذكر فى مجال العلوم التكنولوجيا، على الرغم من أنها المنطقة التى قادت العالم وأوروبا فى عصور الظلام فى مجال الرياضيات". وأشار "زويل" إلى مدينة "زويل" للعلوم والتكنولوجيا التى تمت الموافقة عليها فى عهد رئيس الوزراء الأسبق عصام شرف قائلًا "هو مشروع مدينة تعليمية وبحثية وكنت قد اقترحت على مبارك وعدد من الوزراء فى عهده ذلك المشروع منذ ما يقرب من 15 عامًا، ولكن دون جدوى، والآن يتم انشاؤها بالدعم الجماهيرى الهائل". وأكد "زويل" أن مصر ذات مكانة استراتيجية وحيوية بالنسبة للولايات المتحدة بسبب قناة السويس، ومعاهدة السلام مع إسرائيل، بالإضافة إلى التعاون العسكرى والمخابراتى مع أمريكا، لذلك يتعين على أمريكا التفكير فى المعونة بطرق سياسية جديدة بدلًا من التركيز على النفوذ السياسى. ودعى "زويل" فى مقاله "قادة مصر من مختلف القناعات السياسية أو الدينية بتنحية التعليم والعلوم من خلافاتهم" كما دعى، أيضًا، "القوى العظمى مثل الولاياتالمتحدة لدعم تطور وتنمية الإنسان". وختامًا قال "أحمد زويل" فى مقاله: "مازلت متفائل بمصر، التى لا يرضى شعبها بالوضع الراهن والذى يعود لنصف القرن الماضى، ولكن السؤال الذى لم أستطع الإجابة عليه كعالم هو ما الذى سيحل محله، وكم من الوقت سيسغرق فالمصريون معرفون بصبرهم المُستمد من نهر النيل، ولكن صبرهم بدأ يرق وتطلعاتهم لم تلبى؛ لذلك يجب على أى من سيمثل آمال الشعب المصرى أن يأخذ فى اعتباره التحصيل العلمى والنمو الاقتصادى كأولوية".