تعجبت صحيفة "نيويورك تايمز" من سياسات رئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان" التي تسعى لتقسيم المجتمع التركي في سبيل احتفاظه بالحكم, فالبرغم من كون تركيا دولة ديمقراطية ذات أغلبية إسلامية معتدلة تستطيع الولاياتالمتحدة الاعتماد عليها كحليف استراتيجي في الشرق الأوسط , جاءت المظاهرات التي ضربت البلاد في يونيو الماضي ومحاولات الحكومة التركية قمعها بالعنف, مفاجأة للغرب وللعديدين ممن يرون رئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان" كإصلاحٍ ديمقراطي. كما أشارت أن عدم تغطية وسائل الإعلام الدولية للشارع التركي لا يعني احتواء الأزمة, بل إن "أردوغان" يحاول الاستفادة من الوضع التركي لدعم قاعدته السياسية, فيعمل على استغلال الحدود الفاصلة بين المتدينين والعلمانيين, بل الأخطر من ذلك وهو الانقاسم بين الأغلبية السنية والأقلية العلوية التي عانت الاضطهاد والتمييز ضدها, فإذا استمرت سياساته هكذا ستكون هذه الديمقراطية التركية مجرد حالة عرضية في سياسات المواجهة تلك. فالبرغم من إعلان "أردوغان" ما أسماه بالإصلاحات الديمقراطية, جاءت هذه الإصلاحات لصالح الأغلبية السنية وحدها واستبعدت العلويين من خلال استهداف الدائرة السنية لحزب "العدالة والتنمية", مما أدى بالعلويين لعقد النية على تصعيد احتجاجاتهم ضد الحكومة. كما أثار تورط الحكومة التركية في الأزمة السورية ومساندتها للمتمردين السوريين من الطائفة السنية, غضب الشيعة وإعطاهم الفرصة للتهديد بالانتقام من تركيا وتعريضها لنفس مصير باكستان. وبرغم كل هذه التهديدات, لم يهتم "أردوغان" بها, بل إن هدفه الأول هو تأمين حكمه ضد التهديدات المحيطة به, فلو لم ينتبه لهذه المخاطر التي تحيط بالمجتمع التركي ويستفيد من الدروس التاريخية لبلده تحت الحكم العسكري, سيرجع بتركيا لنفس أحوالها السابقة أثناء الإنقلاب العسكري في 1960.