عبداللطيف الزبيدي مسرح السياسة مفعم بالإمتاع، يشبه أحياناً طرائف أفلام شارلي شابلن . نكايات مرحة وأحابيل ظريفة . وفي بعض الأحيان يبدو أكثر جدية . يصبح مباريات شطرنجية بين عتاة الأفندية . المعارك طاحنة فيها خيول وفيلة وقلاع تدك، وبيادق تظل تحمل البيارق، وأخرى مهزومة تفارق . ومهما تكن النتائج يتصافح الخصمان في انتظار الجولة الجديدة . على رأي المثل الإفريقي: “حين تتصارع الفيلة فإن العشب هو الذي يداس” . أيام الاتحاد السوفييتي، طاب لواشنطن أن تقلب النظام الاشتراكي في الصومال . المسألة بسيطة لا تحتاج إلى حرب نووية . موسكو بحركة انتقامية ظريفة، قلبت الإمبراطور الإثيوبي هيلاسيلاسي، وجاءت بالماركسي هيلا مريم . ما أشبه الليلة بالبارحة . لقد كان متوقعاً أن تحدث أمور غريبة على شطري العالم العربي، الإفريقي والآسيوي . فالمزاج المتضرر من مجرى الأحداث، لا يمكن أن يبقى مكتوف اليدين، أو أن ينسحب من المباراة . التراجيكوميدي أن العرب هم أحجار اللعبة، وهم في الوقت نفسه المتفرجون، معمى يحار فيه الضرير والبصير . من فضائل هذه الحقبة أن الأمور لم تعد تحتاج إلى عقول جبارة: بعض القبائل في ليبيا أراد الانفصال . هكذا أفعال الرجال . وتونس المهددة بالتقسيم رغم صغر الكعكة، وهول الوعكة، لا يرى الرئيس المرزوقي شيئاً أفضل من التدخل المتهور في الشؤون المصرية . قال في نيويورك: “أنا طبيب”، صدق المثل “جاء يطبها عماها” . ما هو أنكى، ما يدور في السودان، تبدو الأمور على السطح ربيعاً عربياً سودانياً، أو ثورة على رفع أسعار المحروقات . المطلوب شيء من التروي وعدم الارتجال والاستعجال، فالمستهدفة هي مصر وتمرير المشروع التفتيتي . أرض الكنانة ظهرت بل برزت سهام كنانتها ولو بطريقة مؤدبة مهذبة مشذبة . فجأة يصحو أقوياء الأرض على مشاهد لم تكن تخطر لهم ببال حتى في الحلم والوهم: مصر ترفض المساعدات المشروطة المهينة . مصر كانت تنتظر بشوق ولوعة ملياراً، فإذا بها تعيد مليارين لأنها لم تعد تقبل اللقمة الارتهانية . مصر التي صارت تنبئ بتصحيح مفاهيم الأمن القومي، وما في هذا من عودة إلى المفترق الذي يتحدد فيه ومنه المسار والمصير . لزوم ما يلزم: عقول المخلصين تدرك أن أهم شريانين استراتيجيين لمصر هما السودان وسوريا . الكرة في الملعب المصري . نقلا عن صحيفة الخليج