أودعت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار نور الدين يوسف حيثيات حكمها ببراءة أنس الفقى وزير الإعلام الأسبق فى قضية بث إشارة مباريات كرة القدم. وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها:" إن جريمة الإضرار العمدى بالمال العام لها ركنان أولهما: مادى، والآخر معنوى إضافة إلى صفة الجانى مرتكب الجريمة، فيلزم أن يكون الجانى مرتكب الجريمة فيلزم أن يكون الجانى موظفًا عامًا بالمعنى الوارد بالمادة 119 مكرر من قانون العقوبات ويتمثل الركن المادى فى الإضرار بالأموال والمصالح المعهودة إلى الموظف، ولو لم يترتب على الجريمة أى نفع شخص له وأن يكون سلوك الجانى إيجابًا أو سلبًا، وقد يكون محله أموالا أو مصالح أو قيمة مادية أو اعتبارية والجهة التى يعمل بها الموظف قد تكون إحدى الجهات الحكومية المركزية أو اللامركزية، وقد تكون أحد قطاع الأعمال العام أو غيرها مما نص عليه القانن من الجرائم المادية لأنها جريمة ضرر لا يتوافر إذا ترتب على سلوك الموظف ضرر فعلي. وأوضحت الحيثيات بأنه كان يجب على النيابة العامة أن تقدم الدليل على نشوء هذا الضرر؛ بسبب الإهمال، وهذه الجريمة لا تقتضى حصول الموظف على نفع شخصى؛ ولذلك لا يشترط فى القصد الجنائى، وهو اتجاه الإرادة إلى الإضرار بالمال أو المصلحة. وأوضحت الحيثيات أنه بالاطلاع على الأوراق والمفاوضات التى تمت بين اتحاد الكرة المالك للبث الفضائى للمباريات بصفته مفوضًا من الأندية صاحبة الحق الاأيل فيها وبين اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وعلى القوانين الخاصة باتحاد الإذاعة والتليفزيون فى إدارة الشؤون المالية، وتبين أن المادة الثالثة نصت منه على أن للاتحاد أن يتعاقد وأن يجرى جميع التصرفات والأعمال المحققة لأغراضه دون التقيد بالنظم والأوضاع الحكومية مما يؤكد أن الاتحاد يدار بطريقة أقرب إلى إدارة القطاع الخاص والمتهم لم يصدر قرارًا بإعفاء القنوات المصرية من دفع رسوم البث الفضائى، وإنما كان وسيطًا بين اتحاد الكرة واتحاد الإذاعة والتليفزيون فى إتمام عملية شراء البث، وكان القرار من حق الطرف الثانى فقط، وقد راعى القرار المصلحة العامة ورغبات جماهير الكرة المصرية، وسمح للقنوات المملوكة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون ببث مباريات بطولتى الدورى والكأس دون رسوم؛ ما يوفر على الاتحاد مبالغ كبيرة ولم يضر بأموال الاتحاد باعتبارها من المال العام، وهو الأمر الذى يؤكد انتفاء أركان جريمة الإضرار بالمال العام. وأشارت الحيثيات إلى أنه ثابت من المستندات المقدمة التى اطلعت عليها المحكمة والمستندات الموجودة فى القضية أنه كانت هناك عروض من شركات أجنبية بشراء حق بث المباريات من اتحاد الكرة بأسعار عالية، ثم إعادة بيعها لقنوات حصرية لا تعرضها لمشاهدة الجمهور المصرى إلا باشتراكات لا يستطيع الكثيرون من أفراد الشعب دفعها وكان تدخل المتهم بقصد حل الأزمة، وتمكين أفراد المجتمع من مشاهدة مباريات الفرق الرياضية، ومن ثم فإن قراره موضوع هذه القضية لم يكن بقصد الإضرار بأموال اتحاد الإذاعة والتليفزيون مما ينتفى القصد الجنائى لدى"الفقى"؛ الأمر الذى يؤكد انتفاء أركان جريمة المال العام، ويتعين معه القضاء ببراءة المتهم.